د. مينا ملاك عازر
توقفنا في المقال السابق عند نقطة الأزمة التي تحدث بسبب سعر الدولار المنخفض المترتبة على ارتفاع سعر الفائدة، واستغلال المستغلين ضعف وترهل المتحكمين في السياسات الاقتصادية والنقدية في البلد، ووعدتكم بأن نستأنف الآن عرض لنتائج استمرارنا في سياساتنا، وطرق منهجية للخروج بأقل خسائر من تلك الورطة وها أنا أفعل.
 
استمرارك في منح نسبة فائدة عالية 15.75% عشان جذب مزيد من الدولارات الساخنة يزود الاحتياطي الدولاري ظاهرياً، مرة أخرى لا تنسى أنها ديون وسينخفض سعر الدولار مؤقتاً، ولكن الثمن الرهيب أنه يضاعف الديون الداخلية بجنون لتتحول ميزانيتك كلها لسداد الدين الداخلي والخارجي، وهنا يكمن سر هذا في الحفاظ على سعر فائدة مرتفعة رغم انخفاض التضخم، وعدم تخفيض سعر الدولار الجمركي للآن.
 
السؤال هنا، هل يمكننا الاستمرار هكذا للأبد؟ الإجابة للأسف موجعة، وهي أنك في النهاية حتما ستصل للحظة الحقيقة، عندما تصبح مخصصات خدمة الدين أكبر من ميزانيتك فتضطر مرغماً أن تقلل سعر الفائدة فتخرج الدولارات الساخنة فتحدث الكارثة، يشتعل سعر الدولار وينخفض الاحتياطي الدولاري، وهنا وللأسف ستكون مكبل بديون أكبر بكثير من استطاعتك، فلن تستطيع سداد فوائدها إلا بمزيد من الديون، وتنتظر مساومة الدائنين التي نخشاها جميعاً.
 
والآن سؤال مهم، هل بهذه هي النهاية؟ لا بالطبع، هناك حلول وحلول ناجزة وأظن أن الاقتصاديين في هذه البلد يعرفونها لكنهم يستسهلون للأسف، وعليه فسأقدم في السطور القادمة التي ربما تمتد للمقال القادم إذا لم تكفي المساحة بعض الحلول الاقتصادية المقترحة لتجاوز تلك الورطة التي يورطوننا بها بل وللخروج لبر الأمان، وأيضاً الاستثمار الجاد.
 
والحلول مكونة من مرحلتين، قرارات عاجلة ثم تبدأ خطة طويلة الأجل، 
 
أولا القرارات العاجلة
- تخفيض سعر الفائدة فوراً لتنشيط السوق، وخصوصاً مع انخفاض التضخم.
 
- تأجيل رفع دعم المنتجات البترولية لمدة عام على الأقل حتى تتلافى موجة تضخمية.
 
-استخدام دولارات الاحتياطي لتعويض الدولارت الساخنة التي ستخرج في حال تنفيذ الخطوة الأولى، وذلك بحد أقصى 10 مليار دولار حتى نظل في الحد الآمن. 
 
- إنفاق ما لا يقل عن مليار دولار بالخارج كدعاية لإنجاح الموسم السياحي القادم في أكتوبر، وهو وحده يمكن أن يعوض فارق الدولارات الساخنة، ولكن هنا
سيكون بموارد حقيقية.
 
- وقف الاستدانة الخارجية فوراً بكل صورها من قروض مباشرة أو سندات.
 
- تجريم دفع مصاريف الجامعات والمدارس بالدولار، لا توجد دولة تسمح بذلك.
 
- منع دفع رواتب بعض الجهات لموظفيها بالدولار مثل شركات البترول.
 
- تطبيق الحد الأقصى للأجور على كل الجهات بالدولة، ومن لا يعجبه يرحل.
 
- تفعيل المحاكم الاقتصادية، وتفعيل اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار.
 
-تقشف حكومي حقيقي، مثل منع شراء أي سيارات أو تكيفات للحكومة باستثناء سيارات الشرطة، أو عمل أي تجديدات للمباني الحكومية أقول تجديدات وليس اصلاحات.
 
- الاستغناء عن الاف من مستشاري الحكومة، فقد كان أغلبهم مديرين فاشلين في نفس المكان.
 
- دمج السفارات المصرية بالخارج عندنا 170 سفارة في العالم، أكبر عدد سفارات لدولة في العالم بينما أمريكا نفسها لديها 90 سفارة فقط.
 
إلى هنا نتوقف، ونلتقي المقال القادم والأخير في هذه السلسلة وهذا الشهر -بإذن الله- مع الخطة طويلة الأجل.
 
المختصر المفيد القرارات الجريئة تصنع حكومات جادة وناجحة.