بقلم : د. مينا ملاك عازر
 
دعوة جلالة الملك سلمان ودولته لعقد قمتين بمدينة مكة المكرمة واحدة خليجية والأخرى عربية -وإن كنت اقترح الأولي إسلامية- لبحث ما يجري في المنطقة، تعني أن السعودية تأخذ الأمور الجارية بمحمل الجد خاصة وأن الكثير من البلدان تدعو رعاياها الانسحاب من العراق وإيران، وكأن ساحة المعركة ستكون هناك، قد يحدد العرب ساحة المعركة العراق ليوجعوا الإيرانيين، حيث أن العلاقات العراقية الإيرانية قوية لكن قد تحدد إيران ساحة المعركة الكويت، وهي الأقرب والأولى لضعفها، برغم طلبات أميرها من جيشها بالاستعداد، فهو الجيش الأضعف في تلك المنظومة العربية أو السنية، وربما توسع إيران نطاق معركتها وهي حرة في هذا لتشمل الإمارات والبحرين، فهما الأقرب لها بحرياً حيث تميزها الصواريخ القصيرة المدى والمتوسطة، بل قد توسع الأمر ليشمل أراضي المملكة العربية السعودية سواء المطلة منها على سواحل الخليج العربي أو الداخلية، بحيث يكون الوصول لها بصواريخ قصيرة أو متوسطة المدى بأقصى تقدير، وهنا السؤال، هل استعدت بلدان الخليج الشقيقة لتوسيع مجال المعارك؟ هل استعدوا بقبة حديدية لمنع اليد الطولى لإيران؟ هل استعدوا لنتائج توقف مصالحهم الاقتصادية أثناء معركة كهذه؟ قد توقف حركة التجارة في الإمارات فتهدد دبي، وتوقف حركة تصدير النفط فتهدد الكويت والسعودية، هل استعدوا بالسلاح الرادع ليس فقط الدفاعي؟
 
ومن الأسئلة الأخيرة، نستطيع أن نستشف أسباب القمتين، مبدئياً لا تنتظر السعودية على وجه التحديد الدعم المادي من أيا من الدول العربية، فمهما كان فلا توجد دولة بغناها هي والكويت والإمارات، وهما متورطين ويحتاجان الدعم، وقت تقف حركة تصدير نفطهم وغازهم - ما يتميزون به اقتصادياً- إذن المسالة بحاجة لحشد سياسي مؤيد، هذا قد يكون في النطاق العربي بدرجة ما، لكن الأهم لها جيوش العرب وعلى رأسها الجيش المصري الأقوى وصاحب المركز التاسع بين جيوش العالم وصاحب أقوى سلاح بحري، والبحر سيكون له دور كبير في الحرب، أما على النطاق الإسلامي فغير الحشد السياسي المنشود كالسابق، فهم بحاجة لقدرات باكستان التسليحية وجيشها، وربما لتهديد وجود سلاح نووي يميل موازين الحرب لصالحهم، وهذا يرجعنا لتحركات ولي العهد السعودي السياسية منذ فترة قليلة، وزياراته لباكستان، وأخيراً وجود باكستان يجعل هناك احتمال فتح جبهة قتال أخرى في الشرق غير المتوقعة في غربها في مواجهة العرب.
 
على كل الأحوال، قمتين في الراس توجع الإيرانيين وتقلقهم، وتؤرقني أنا شخصياً وكل طامح في السلام، ومدرك لخطورة قيام حرب في منطقتنا هذه بهذه الكيفية، راجين من الله عدم تورط جيشنا في إطلاق طلقة نار واحدة مهما كانت وقفة رجال الخليج لجوارنا، فاقتصادنا لا يتحمل، ونحن أصحاب فرصة لاستيعاب الاستثمارات الهاربة من ويلات الحرب التي يريدها رجال الخليج والأمريكان.
 
المختصر المفيد تحسسوا الخطى قبل وضع أقدامكم وإلا انزلقنا.