تبدو في الأفق فرصا واسعة ومتنامية لتوسيع التعاون الاقتصادي، وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين مصر وجنوب أفريقيا، مع الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي لبريتوريا، وتنصيب سيريل رامافوزا رئيسا للبلاد لفترة جديدة.

 
وأوضح تقرير أعده المكتب الإعلامي بالسفارة المصرية في بريتوريا، أن مصر وجنوب أفريقيا ترتبطان منذ عام 1994 بعلاقات اقتصادية قوية، وإن كانت لا تعكس حجم وقوة العلاقات السياسية بين الدولتين، وهناك العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بينهما في المجال الاقتصادي، كما أن هناك العديد من مشروعات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الجاري دراستها ومراجعتها من الجانبين.
 
وذكر التقرير أنه توجد العديد من الأنشطة التي تقوم بها اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين، وعقدت اللجنة العديد من الاجتماعات بمُشاركة من الوزارات والهيئات الاستثمارية والاتحادات التجارية والعمالية والشركات العامة والخاصة في الدولتين منذ عام 2013، ويجري في تلك الاجتماعات نظر العديد من ملفات ومبادرات التعاون المشترك بين الجانبين، وبحث سبل التعاون في مجالات عديدة من أهمها؛ البنية الأساسية، الطاقة الجديدة والمتجددة، التنمية الزراعية والثروة الحيوانية، والتعدين، السكك الحديدة والموانئ، والرعاية الصحية، وموضوعات تصدير الفحم من جنوب أفريقيا عبر قناة السويس، إضافة إلى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات الهندسية والكهربائية، وصناعة السيارات.
 
وتعد اتفاقية منع الازدواج الضريبي التي تم توقيعها في أغسطس عام 1997 من أهم الاتفاقيات الموقعة بين مصر وجنوب أفريقيا، إضافة إلى اتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة الذي تم توقيعه في أكتوبر 1998، كما أن هناك اتفاقاً للتعاون في مجال النقل البحري تم توقيعه في أكتوبر عام 1998.
 
وتم أيضا توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية بين الغرف التجارية والبورصة في الدولتين، فهناك اتفاق التعاون الثنائي بين الغرفة التجارية والصناعية لمدينة جوهانسبرج والغرفة التجارية في القاهرة منذ يوليو عام 2000، كما أن هناك اتفاقاً للتعاون بين الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية وغرفة الأعمال الجنوب أفريقية، إضافة إلى التعاون بين معهد التجارة الافريقي والاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، وهناك مذكرة التفاهم بين بورصة الأوراق المالية في جوهانسبرج وبورصة الأوراق المالية في القاهرة منذ يوليو عام 2000.
 
وفي عام 2009، تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارتي التجارة والصناعة في البلدين في مجال التجارة والاستثمار والتعاون العلمي والتكنولوجي، كما تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الاستثمار بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية، وهيئة الاستثمار الجنوب أفريقية في سبتمبر 2016.
 
وأضاف التقرير إنه بالنسبة للتبادل التجاري يلاحظ أنه لا يعكس حجم العلاقات بين الدولتين، فهو يدور في الحدود الطبيعية، مع بعض التغيرات الطفيفة التي لا تتناسب مع قدرات البلدين الاقتصادية والتجارية، ويصب الميزان التجاري في صالح جنوب أفريقيا بشكل أكبر.
ويُمكن بشكل عام الإشارة إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين على مدى الأعوام الخمسة 2013/ 2017، من 132,3 مليون دولار في عام 2013 إلى نحو 151,2 مليون دولار في عام 2014، ثم 188,8 مليون دولار في عام 2015 و266,3 مليون دولار في عام 2016 ، مع زيادة أكبر في عام 2017 حيث وصل التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالى 314,7 مليون دولار بنسبة بزيادة بلغت نحو 17.5%.
 
وتصدر مصر عدداً من المنتجات الرئيسية إلى جنوب أفريقيا، من أهمها زيوت المحركات، والخيوط غير المنسوجة، وبعض المنتجات القطنية، وعدد من المواد اللاصقة، وكربونات الكالسيوم، والدهانات والأصباغ والأسمدة، وبعض السجاد اليدوي، والعنب والبصل، والمكرونة، والمعسل.
 
ومن أهم الواردات المصرية من جنوب أفريقيا؛ الحديد والنحاس، والمواسير المطاطية، واللحوم المجمدة، والسيارات وقطع غيارها، وبعض الآلات الكهربائية وقطع غيارها، والفحم، والمبيدات الحشرية.
 
واستمرت الزيادة في الصادرات المصرية بشكل مطرد على مدى الأعوام 2013 / 2015، حيث ارتفعت من حوالي 53 مليون دولار في عام 2013 إلى حوالى 61,1 مليون دولار في عام 2014 بنسبة زيادة بلغت 15,3%، ثم زادت إلى نحو 67,1 مليون دولار في عام 2015 وبنسبة زيادة بلغت حوالي 9,8% مقارنة بمستواها في عام 2014، إلا أن الصادرات المصرية إلى جنوب أفريقيا شهدت انخفاضاً خلال عام 2016 بلغت قيمته نحو 8,6 مليون دولار حيث سجلت قيمة الصادرات نحو 58,5 مليون دولار بنسبة انخفاض بلغت 12,8%.
 
وشهد عام 2017 ارتفاعاً قياسياً في الصادرات المصرية إلى جنوب أفريقيا والذي يُعد الأعلى في تاريخ العلاقات التجارية بين البلدين حيث بلغت نحو 134,1 مليون دولار مقارنة بنحو 58,5 مليون دولار في عام 2016 وبنسبة زيادة بلغت نحو 129,2%، وترجع تلك الزيادة بصفة أساسية إلى زيادة الصادرات المصرية السلعية غير البترولية إلى جنوب أفريقيا من نحو 58,5 مليون دولار في عام 2016 لتُسجل نحو 98,7 مليون دولار في عام 2017 بنسبة زيادة تُقدر بنحو 68,7% مقارنة بعام 2016، بالإضافة إلى ظهور بند البترول الخام لأول مره في هيكل الصادرات المصرية إلى جنوب أفريقيا وبقيمة قدرها 35,4 مليون دولار أمريكي وبما يُمثل نحو 26,3% من إجمالي قيمة الصادرات المصرية إلى جنوب أفريقيا.
 
وعلى مستوى الواردات المصرية من جنوب أفريقيا، فقد بلغ إجمالي قيمتها خلال عام 2017 نحو 180,6 مليون دولار أمريكي مقارنه بنحو 209,3 مليون دولار خلال عام 2016 بانخفاض نسبته 13,7%، وقد ارتفعت بعض البنود من الواردات المصرية من جنوب أفريقيا، وكان من أهمها الحديد والنحاس وقطع غيار السيارات، إضافة إلى بعض الآلات الكهربائية وقطع الغيار الخاصة بها، كما انخفضت الواردات المصرية من عدد من البنود التقليدية من جنوب أفريقيا خلال عام 2017 بشكل كبير، ومن أهمها الواردات من الفحم، والأجهزة الكهربائية، كما اختفت بعض البنود من قائمة الواردات مقارنة بعام 2016 ومن أهمها قطع الغيار والإكسسوارات، المواسير المطاطية، والعنب المُجفف.
 
وبشـــكل عام، فقد ارتفع حجم التبادل التجــاري بين البلدين في العــامين 2016/ 2017 من 267,9 مليون دولار إلى 314,7 مليون دولار بنسبة زيادة 17,5%، وانخفض عجز الميزان التجاري بين البلدين من نحو 150,8 مليون دولار لصالح جنوب أفريقيا في عام 2016 إلى نحو 46,5 مليون دولار لصالح جنوب أفريقيا أيضاً في عام 2017.
 
ومن ناحية أخرى لا ترقى العلاقات الاستثمارية أيضاً إلى المستوى المأمول بالنظر لحجم وقدرة اقتصاد الدولتين، وهو ما تؤكده بيانات حجم ومستوى الاستثمارات المتبادلة بين الجانبين، ومجالات وفرص تنمية الاستثمارات المتبادلة، وقد يعود ذلك إلى عدم وجود إطار تعاقدي بين مصر وجنوب أفريقيا لتنظيم التعاون في مجال الاستثمار، حيث تم توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بينهما في عام 1998 ولم تُصدّق عليها جنوب أفريقيا منذ ذلك التاريخ نظراً لقرار الحكومة بالتوقف عن توقيع مثل هذه الاتفاقيات مع دول العالم.
 
على الجانب الآخر، فقد تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين كل من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية، وقطاع الاستثمار بوزارة التجارة والصناعة الجنوب أفريقية على هامش اجتماعات الدورة الثالثة للجنة التجارية المشتركة بين البلدين التي عُقدت في 28 و29 سبتمبر 2016، إلا أن المذكرة لم يتم تفعيلها على أرض الواقع.
 
ويُشير التقرير الصادر عن من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية، في فبراير 2017 عن الاستثمارات الأجنبية في مصر خلال الفترة 1970 / 2017، إلى أن عدد الشركات الجنوب افريقية المؤسسة في مصر على مدار تلك الفترة قد بلغ 60 شركة برأس مال مصدر بلغ نحو 292,17 مليون دولار، بلغت مساهمة الجانب الجنوب أفريقي فيها نحو 15,36 مليون دولار.
 
ومن أهم الشركات الجنوب أفريقية المستثمرة في مصر خلال الفترة 2003/ 2014 Karsten Farms - Sun international – Petro SA – Infomineo، وتُعد مجموعة Sacoil Holdings من أحدث الشركات الجنوب أفريقية التي دخلت السوق المصري في تلك الفترة في مجال التنقيب عن البترول والغاز بعد قيام المجموعة في سبتمبر 2014 بالاستحواذ على 100% من حقوق البحث والتنقيب عن البترول والغاز في حقل Lagia بشبه جزيرة سيناء من شركة مينا للبترول المصرية، وقد بدأت Sacoil الانتاج وتصدير حصتها من الحقل إلى جنوب أفريقيا.
 
وخلص التقرير إلى أنه بشكل عام فإن هناك إمكانات وفرصاً واعدة للتعاون بين الجانبين خاصة في مجالات التعدين والمناجم، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة والتصنيع الزراعي، وصناعة السيارات وقطع غيارها، والانشاءات والمقاولات ومشروعات البنية الأساسية، والطاقة الجديدة والمتجددة، والخدمات المالية والمصرفية، والسياحة، والنقل واللوجستيات.