تجمعات قبلية للإفطار ولا أحد يُفطر منفردا .. و إحياء الليالى بالمبارزات الشعرية وقصائد أدب البادية

الشرقية – سارة على :
ولائم وتجمعات ، مبارزات بالأبيات والقصائد ، أمسيات شعرية من أدب البادية ، تجمع الأقارب و استضافة القبائل والعشائر ، زردة الشاى و الشاى البراد أشهر المشروبات ، و الثريد و اللحم و جريشة القمح أبرز المأكولات المتعارف عليها ، تلك هى حياة قبائل البادية فى رمضان 
 
انتقلت عدسة " اقباط متحدون " لتجمع قبلى لمعايشة أجواء حياتهم فى رمضان ، والتعرف على أبرز عاداتهم وطقوسهم وثقافتهم الغير معروفة للكثير من أهالى محافظة الشرقية 
 
فهناك فى ساحة إحدى قرى مركز بلبيس بمحافظة الشرقية ، وفى ساحة واسعة نصب الأهالى فى البادية خيام التجمع ، واحتشد شباب ورجال القبائل لحضور الأمسية الشعرية و الإلتقاء بالأهل والأصدقاء ، و دارت المشروبات على الجلوس الذين افترشوا الأرض بالوسائد للجلوس فى حلقات استعدادا لبدء الأمسية
 
و قال الشيخ الشاعر سليم عواد الحويطى ، مستشار الثقافى للإتحاد الوطنى للقبائل المصرية والعربية ، أن للبادية سمات خاصة فى رمضان ، اهمها تجمع الأهل والأقارب والأصدقاء من أبناء القبائل الأخرى ، مؤكدا أنه يتم دعوة أبناء القبائل الأخرى بمحافظة الشرقية و المحافظات الأخرى ، للتعارف و صلة الأرحام ، و أن أبرز القبائل هى الحويطات و الأحيوات و العيايدة والهنادى قائلا " لا أحد بين البادية يفطر فى رمضان منفردا .. لابد من التجمع كل يوم لدى قبيلة " 
 
و أضاف أن قيم وعادات قبائل البادية جميلة و ذات طابع قوى و حازم فى الحق ، وذلك عكس ما يصف به  بعض الجهلاء أن أهل البادية هم مروجى مخدرات او سلاح ، مستنكرا تلك الآراء التى لم تتعرف على حق حياة البادية ، و مؤكدا ان أهل القبائل هم أكثر من يحترم الوعود والمواثيق ويكرم المرأة 
 
و سرد الحويطى .. " أن أهل البدو قديما كانوا يوقدون النار على الطريق حتى يراها الغريب أو التائه ويأوى إليهم ، و إذا أوى إليهم الغريب وجد عندهم من الكرم و الجود وحسن الضيافة ما لم يجده عند أحد ، و يأمن من الأعداء حتى و إن كان بينه وبين أهل الدار عداوة تصل للدماء ، فإنه يأمن بدخول الدار ولا يقربه أى سوء "
 
و من جانبه قال الشاعر حماد منصور ، عضو نادى أدب البادية ، أن الأمسيات الشعرية هى أهم ما يميز ليالى رمضان ، والتى تعقد مرة كل أسبوع ، حيث يتبارى أبناء القبائل بأبيات الشعر والقصائد ، والتى تكون " مرتجلة " لتكشف الشاعر الحقيقى من ناقل القصائد ، حيث يقول الشاعر أبياته فى موضوع ليرد عليه فى المبارزة شاعر آخر بأبياته الخاصة فى نفس الموضوع 
 
و أكد أن ارتجال الشعر والمعروف لدى البادية " بالسليقة " أى المكتسب الفطرى فى إبتداع الشعر ، يكشف مواهب الشعر الحقيقة ويتم تبنى الشعراء بنادى أدب البادية و إخراج أشخاص تستحق لقب شعراء البادية ، مشيرا إلى أنه تقام مسابقات فى هذا النوع من الشعر وقد حصد نادى أدب البادية ببلبيس المركز الأول فى التنظيم و الشعر مؤخرا فى المسابقة التى تم عقدها بمحافظة مطروح
 
و فى حديثه قال " ان الشاعر له قيمة كبيرة فى قبائل البادية و قد كان الشاعر قديما بمثابة المتحدث الرسمى باسم القبيلة ، وكان الشعراء يمثلون قبائلهم ويتبارون بالشعر ويسردون بالأبيات أنباء القبيلة وما مر بها من أحداث و معارك فكان الشاعر هو مرآة قبيلته " ، موشحا أن أبناء البادية مبدعون فى كافة أنواع الشعر كالهجاء والرثاء والتحميس والمدح والغزل و شعر الحكمة والذى يهدف لنشر رسالة معينة والشعر الوطنى
 
و اختتم حديثه بأن أبواب نادى أدب البادية مفتوح لكل من لديه الموهبة حتى لو كان مبتدئا ، ويتبناه الشعراء والقائمين على النادى حتى يصل لمرتبة الشعر الكبير القادر على إلقاء القصائد
 
وعن عادات أهل البادية ، أوضح الشاعر أبو عدنان الرياشى ، شاعر من شعراء البادية ومدير العلاقات العامة و الإعلام للإتحاد المصرى للهجن ، أن تربية الهجن " جمال السبق " من أهم عادات قبائل البادية ، ويتم إقامة المسابقات المحلية والدولية ، وتبدأ مواسمها فى شهر سبتمبر من كل عام ، لافتا إلى أن تربية الهجن وسبتقاتها فى مصر ترجع لاكثر من 200 عام ويوجد 13 نادى مخصص على مستوى الجمهورية بعدة محافظات
 
وأشار إلى أن المهرجان الأخير الذى تم تنظيمه بمدينة شرم الشيخ شارك فيه 14 دولة بحضور رئيس الوزراء وكانت جوائز المراكز الأربعة الأولى هى عبارة عن سيارات قيمة
 
و أوضح أنه من أهم ما يميز قبائل البادية ولائم الطعام الذى يغلب عليها تقديم " الثريد " وهى أقرب للفتة المصرية الخبز مع الأرز مرصوص فوقها قطع اللحوم ، أو جيشة القمح بالمرقة او الحليب ، والتلبينة و العصيدة ، و زردة الشاى والشاى الأخضر هى أهم المشروبات 
 
ومن جانبه قال الشاعر محمود مسلم الحويطى ، أن قبائل البادية مازالت متمسكة بعاداتها المتوارثة على مر الزمان ولم تتأثر باختلاف التطور الذى غزا العالم ، فمازالت قبائل البادية تلتزم بحسم الخلافات ب " قعدة العرب " والتى يأخذ فيها كل ذى حق حقه ، ومن يلجأ للأمن يتم خصم جزء من حقه المادى إن كان له أموال ، وذلك نظرا لأن ما قام به يعتبر تصغيرا لأهله من رجال القبائل وعدم قناعة بقدرتهم فى جلب حقه ، والكلمة بين القبائل تقدر ب " الدية " إن كانت خطأ يدفع صاحبها الدية المفروضة على كلمته التى خرجت من لسانه
 
كما تحرص قبائل البادية على تكريم المرأة ، ويتم الإحتفال بالأعراس فى 40 يوما يطلق عليها أيام الفروح ، ولا تدفع العروس أى تكاليف فى الزواج ولا مستلزمات العرس ، فيأخذ الزوج زوجته بحقيبة ملابسها ويتكلف هو بإعداد بيت الزوجية كاملا ، وتتزوج المرأة دون قائمة ، بل يدفع الزوج الصداق و المؤخر وذلك حسب وصايا الدين الصحيح ، وفى حالة الخطأ فى حقها فإن حق الزوجة يكون " مربعا " بمعنى إن كان لها حق فى مليون جنيه يكون حقها 4 مليون جنيه
 
و استكمل الشاعر محمود مسلم حديثه .. " و كيف لا نكرم المرأة وقد كرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرص على حقها "
 
واختت أن أهالى البادية مازالوا متمسكين بتلك العادات والأمسيات و أسس الترابط المجتمعى التى توطد العلاقة بين أبناء القبيلة الواحدة والقبائل المجاورة ، مؤكدا أن التجمعات فى تلك الأمسيات والتى يأتى إليها أبناء القائل من كل حدب وصوب هى خير دليل و شاهد على إلتحام أبناء البادية والتمسك بثقافاتهم وفنونهم والفولكلور والطابع الذى يميزهم عن غيرهم