في إحدى قمم الرياضة العالمية التي تستضيفها سويسرا دومًا فوق قمة جبل ماجلينجن، كنت حاضرا أحد اللقاءات الودية على هامش القمة بصحبة الرئيس السويسرى السابق أدولف أوجى، الذي أصبح المستشار الرياضى للأمم المتحدة..

وكذلك مسؤولو الفيفا واللجنة الأوليمبية الدولية وأساتذة في كبرى أكاديميات الرياضة الأوروبية.. ودار جدل عنيف حول الرياضة والعولمة، وعارضت أستاذة من كولومبيا الخلط بين الرياضة وكرة القدم، وأصرت على أن كرة القدم وحدها هي التي تلغى أي مسافات وحواجز وفواصل في هذا العالم الواسع.. وانضممت للأستاذة اللاتينية مؤيدًا ومؤكدًا صحة كلامها.. وتحول الجدل إلى مواجهة علمية حادة، لكن راقية، انتصرت فيها كرة القدم وعشاقها باستثناء بلاتر رئيس الفيفا وقتها والمجامل كالعادة، فرفض هذا الانتصار للعبة التي يديرها شخصيا على مستوى العالم..

ولم يكن هذا الموقف يعنى أي انتقاص من قدر بقية الألعاب واحترامها وضرورتها.. إنما كان فقط إقرارًا لواقع يؤكد دومًا أن كرة القدم تستطيع ما لا تقدر عليه أي لعبة أخرى غيرها ولا أي شىء آخر أيضا، سواء كانت سياسة أو سلاحًا أو إعلامًا أو دعاية أو سياحة.. فالجغرافيا لم تسقط إلا أمام شهرة وسطوة كرة القدم وأنديتها ونجومها وبطولاتها.. وتعددت وتوالت بعد ذلك حكايات ووقائع أكدت هذا المعنى في مختلف بلدان العالم وفى مصر أيضا.. وعلى سبيل المثال تلاشت في المقاهى والشوارع المصرية أي فوارق بين مباراة يلعبها نادى ليفربول ومباريات المنتخب المصرى والأهلى والزمالك..

وأصبحت ليفربول بسبب كرة القدم ومحمد صلاح مدينة مصرية يعرفها ويحفظ اسمها كثيرون في بلادنا.. وامتزج ذلك بالحس الكوميدى المصرى الطبيعى والجميل بعيدا عما شاع في مجتمعنا مؤخرا من سخرية جارحة ومهينة وشديدة القسوة والمرارة.. فكان أن أطلق أحدهم على محل لبيع الفول اسم ليفرفول.. وتناقل كثيرون هذا الاسم الجديد والجميل باعتباره يجمع بين ليفربول كمدينة محمد صلاح وطبق الفول ومكانته الدائمة عند المصريين وبالذات في شهر رمضان الكريم.. ومثلما أصبح النشيد الرسمى لنادى ليفربول وجماهيره هو: «لن تسير وحدك أبدًا».. فقد أصبح الشعار المصرى الجديد تحت اسم ليفرفول هو: «لن تأكل وحدك أبدًا».. لكن لا يزال بعد كل ذلك ينقصنا أمر لا يقل أهمية وضرورة، هو أن ندرك أن كرة القدم لعبة للحياة والحب والفرحة والمتعة وليست للكراهية والحرب والدم.
نقلا عن المصري اليوم