من الذي يضع الأجندة الآن لأجهزة الدولة؟.. هل هو الإعلام القديم، أم الإعلام البديل؟.. هل هو الصحف والفضائيات، أم السوشيال ميديا؟.. هذه القصة وغيرها تكشف الحكاية.. قام شاب في بنها بتعليق يافطة في مدخل نفق الشهيد عبدالله الجندى، كتب عليها «اتجوزنى بقى يا أحمد».. تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعى، فانقلبت الدنيا وتحركت الشرطة وأجهزة الدولة!.

ويقال إن المحافظ علاء مرزوق شخصيًا كلف رئيس مجلس مدينة بنها بالبحث عن صاحب اليافطة، كما أن مديرية الأمن كلفت النجدة ببحث الأمر، وتمت ملاحقة الشاب حتى سلم نفسه للشرطة.. المفاجأة أن الشاب لا يتحدث عن أي شىء مما في أذهان مَن نقل اليافطة للسوشيال ميديا، ولكنه ابتكر طريقة جديدة لتسويق الشقق، وأن أحمد اسم وهمى لا وجود له!.

والمثير أن تحرك المحافظ ومدير الأمن جاء بعد شكاوى تتحدث عن حُرمة الشارع والطريق العام.. والمثير أيضًا أن الحكاية من أولها لآخرها أقل من أن يتحرك لها المحافظ وأجهزة الأمن، بينما هناك قضايا كبرى لا يتحرك لها أحد.. كما أن «حُرمة الشارع» في بلادنا لا قيمة لها، وأن الشوارع أصبحت تحت سيطرة البلطجية والمحال، بحيث لا تجد شبرًا تسير فيه!.

والمهم أنه بعد التحريات وقيام الشرطة السرية بالبحث عن صاحب اليافطة، ثبت أنه لا يقصد أي شىء مما في أذهان الناس، وكان حلها أن ترفع الإدارة المحلية اليافطة وتمزقها دون أن يتعرض لها أحد.. وأن أقصى عقوبة يمكن أن يواجهها هي الغرامة.. وهى في الغالب عدة جنيهات، وإزالتها.. وكان بإمكان المحافظة أن تزيل اليافطة، «وإنشا الله أحمد ما اتجوز أبداً»!.

الطريف أيضًا أن رئيس المدينة راح يدلى بالتصريحات الساخنة، وأن المحافظ كان ينتظر نتيجة البحث والتحرى واتخاذ الإجراءات وتوقيع الغرامة.. وكل ذلك ليطيب خاطر أهالى مدينة بنها الذين يشعرون بالاستياء.. فقد جرحت اليافطة كبرياءهم.. وهكذا انتهت قصة اليافطة بتسليم الشاب لنفسه وتم الكشف عن هوية صاحب اليافطة.. معقول حالة الفراغ دى!.

فمنذ متى والناس تحافظ على حُرمة الشارع؟.. ومنذ متى والمحافظ وأجهزة الأمن والبحث الجنائى يتحركون لإزالة يافطة وتغريم صاحبها؟.. هل نحن في بنها، أم في المدينة الفاضلة؟.. لا أقلل من تطبيق القانون.. ولا أقلل من تلبية طلبات المواطنين.. ولكن بالعقل كده: هل هذا هو أداء الوزير المحافظ في القليوبية.. أم لأن السوشيال ميديا أثارت الموضوع على الملأ؟!.

وأخيرًا، سأصفق لهذا المحافظ إن كان يستجيب لكل ما يُكتب في الصحف ووسائل الإعلام؟.. ثم، هل يجند كل أدوات المحافظة لخدمة جمهور المواطنين بهذه السرعة؟.. هل يضبط كل من يعلق يافطة ويغرمه؟.. هل حرمة الشارع مقدسة؟.. هل يجد سكان بنها رصيفًا وشارعًا له حرمة وقدسية؟!.
نقلا عن المصري اليوم