كتبت – أماني موسى
يحتفل الأقباط في هذه الأيام بأسبوع الآلام والذي يسبق عيد القيامة، إذ تحتفل الكنيسة القبطية بذكرى آلام السيد المسيح على الصليب، ويختتم بيوم الجمعة العظيمة وهي جمعة الصلب، ثم سبت النور، حيث قام السيد المسيح من بين الأموات وفق المعتقد المسيحي، ويليه أحد القيامة.
وبقيامة السيد المسيح لم يعد للموت سلطان على الناس، إذ هو عبور نحو الحياة الأخرى، الحياة الأبدية، وليس نهاية.
 
البابا شنودة: الله قدس الموت والألم
يقول مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث في عظته التي ألقاها في تسعينات القرن الماضي عن الموت، بأن الله قدس الموت بموته، وفي آلامه قد قدس الألم.
وتابع، الألم كان مكروهًا من الناس، والبعض يظن أن التجارب والألم بأنها شر، حتى أيوب الصديق عندما أصابته عدة آلام وضربات وشدائد، قال هل الخير من الله نقبل والشر لا نقبل؟ بما يعني أنه اعتبر الألم والتجربة شر.
 
المسيح قدس الألم بآلامه 
لكن السيد المسيح جُرّبَ في كل شيء، حين تجسد، فقدس المسيح التجارب لتعرضه لها، ويقول الكتاب المقدس "احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة".
 
كما قدس المسيح الألم أيضًا، ولذلك كان القديسين يفرحون بالألم إذ يقربهم من الله، ويروى عن أحد القديسين أنه قبل القيود التي اقتيد بها قبل الاستشهاد، لأنها التي تقربه إلى الله، وكذلك الشهداء كانوا يرتلون حين يقتادوهم للسجن والقتل.
 
قيل عنه رجل أوجاع ومختبر الحزن
وشدد البابا، المسيح قدس الألم وحوّله إلى أكاليل، وقيل عنه أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن.
 
بقيامة المسيح أصبح الموت جسر يؤدي للحياة الأخرى الحياة الأبدية
قديمًا كان الموت عقوبة، وفي العهد القديم كان من يلمس ميتًا يتنجس، لكن المسيح قدس الموت بموته وأصبح الموت جسر يؤدي إلى الحياة الأبدية التي لا تنتهي، وهو الانتقال من حياة إلى حياة، ولذلك نصلي ونقول "لأنه ليس موت لعبيدك بل هو انتقال"، فهو جسر يعبر من خلاله الإنسان للحياة الأبدية، ويقول الإنجيل "لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح.. ذاك أفضل جدًا".
 
الموت ليس فناء فنجن نؤمن بالروح الخالدة
فالموت ليس فناءً كما يظن البعض، لكننا نؤمن بالروح الخالدة، والمسيح أيضًا قدس التعب والألم، حين تألم، وأًبح الألم والتعب بركة، وبولس الرسول يقول "كل إنسان سيؤخذ أجرته بحسب تعبه".
 
 وعليه فالتعب تقدس والألم تقدس والموت تقدس، وإذا بهذا القدوس المولود من العذراء مريم، يقدس طبيعتنا البشرية وقدس جسدنا حين لبس جسد مثلنا، والجسد هو الذي به نعبد الله، وليس كما يعتقد البعض بأن الجسد خطية، وبه نستطيع أن نخدم الله، وأصبح الجسد وسيلة تنفذ بها الروح رغباتها المقدسة. 
 
ويقول الكتاب المقدس "مجدوا الله في أرواحكم وأجسادكم"، لعلكم تتذكرون سمعان القيرواني حين حمل جسد السيد المسيح، فبجسده خفف آلام جسد السيد المسيح، وكذا السامري الصالح الذي حمل الجريح على جسده وعالجه، وكان لجسده جزء في تنفيذ ما ترغبه روحه الخيرة.
 
وتابع أجسادنا تتقدس بعمل الروح القدس فيها، وبأعمال الخير، وهذه الأجساد تأخذ قوة تنتصر بها على الموت حين يقيمها الله في شكل أجساد روحانية. حتى الغرائز قدسها الله، فهو قدس طبيعتنا في إجمالها جسدًا وروحًا. 
 
أوشية الراقدين بالقداس الإلهي
كما يتم ذكر الراقدين في أوشية خاصة بهم بالقداس الإلهي، يقال فيها: تفضل يا رب نيح نفوسهم في حضن آبائنا القديسين، إبراهيم وإسحق ويعقوب. عُلهُم في موضعِ خضرة، علي ماءِ الراحةِ في فردوسِ النعيمِ الموضع الذي هرب منه الحزنُ و الكآبةُ والتنهدُ في نوِر قديسيك.
 
أقم أجسادهم في اليوم الذي رسمته كمواعيدك الحقيقية غير الكاذبة، هب لهم خيرات مواعيدك ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر علي قلب بشر ما أعددته يا الله لمحبي اسمك القدوس لأنه لا يكون موت لعبيدك بل هو انتقال.
 
وإن كان لحقهم توان أو تفريط كبشر وقد لبسوا جسدًا وسكنوا في هذا العالم فأنت كصالح ومحب البشر اللهم إغفر لهم فأنه ليس أحد طاهرًا من دنس ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض.