بقلم د. عايدة نصيف
سعدت كثيرا بالموسم الثقافي بجامعة القاهرة هذا العام حيث تضمن أنشطة رياضية وفنية وثقافية ورحلات ميدانية، وحفلات موسيقية وغنائية راقية وكان أخرها يوم الثلاثاء الماضي، حيث تم الإعلان عن حفلة غنائية لكل طلاب جامعة القاهرة، ولم اكن أتوقع هذا الحشد الكبير من الطلاب ، إذ تجاوز عددهم سبعين الف طالب، أتصور انه اكبر حشد للطلاب فى حفلة فى تاريخ جامعة القاهرة ، وقمت يومها بمتابعة هذا النشاط كعادتي؛ حيثما يتألق تحت قبة جامعة القاهرة أنواع من الفنون الراقية التى تهذب النفس وترتقى بالإنسان فى مشاعره وفى علاقاته مع الآخرين.
 
حيث عهدت جامعة القاهرة على إدخال الفنون والثقافة والنشاط منذ عهد رئيس الجامعة السابق ووسع هذا النهج فى عهد رئيس الجامعة الحالي الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخُشت، ويهدف هذا النهج إلى محاربة الأفكار الظلامية التى زرعتها الجماعة الإرهابية فى السنوات الماضية. 
 
وبالفعل أُقيم نشاط طلابي على مستوى كبير ومتعدد الجوانب فى مختلف الكليات، وتحت قبة جامعة القاهرة بصورة أسبوعية عمل على إحياء الروح الشبابية، بل بجانب ذلك أصل فى إحياء روح الانتماء لدى الشباب، والواقع أن الجامعة أقامت العديد من الحفلات من قبل استقدمت فيها كبار الفنانين المصريين ومنهم محمد منير والموسيقار عمر خيرت على سبيل المثال ولم يكن هناك انتخابات أو تصويت آنذاك، ولمن لا يعلم فالموسم الثقافي لجامعة القاهرة غنى جدا ويستضيف كبار الكتاب والأدباء والعلماء فى مجالات شتى، وأخرها حفلة الثلاثاء الماضي، التى احتشد فيها الطلاب ورأيت رئيس جامعة القاهرة يبدأ الفاعلية بكلمات تعزّ على القلب وتعيش فى الوجدان ألا وهى " تحيا مصر"، ووجدت أركان الجامعة تهتز من هتاف الطلاب لمصر الحبيبة " تحيا مصر" وكانت المرة الأولى فى جامعة القاهرة منذ ان كنت طالبة بها وحتى الآن وانا أُدرّس بها؛ أي من حوالى اكثر من عشرين سنة ، ان اسمع وارى هذا الهتاف من طلاب جامعة القاهرة بهذا العدد الذى تجاوز السبعين الف طالب، وقام رئيس الجامعة بتقديم بعض التيسيرات للطلبة وهذه ليست المرة الأولى ، حيث من المعروف عن د.محمد الخشت حب طلاب الجامعة له قبل ان يتقلد منصب رئيس جامعة القاهرة؛ إذ كان يعمل على مساعدتهم. 
 
وأعود بك عزيزى القارئ الى مشهد "تحيا مصر" واحتشاد طلاب جامعة القاهرة حول أسم مصر، هذا المشهد الذى ازعج خفافيش الظلام والمحبين لهم من الجماعة الإرهابية وخرجت الحملة المسعورة على جامعة القاهرة من قنوات الإخوان تشوّه صورة الانتماء الوطني لطلاب جامعة القاهرة ورئيسها وأساتذتها ، نظرا لما تقدمه جامعة القاهرة للطلاب ونظرا للتيسيرات التى اعلن عنها رئيس جامعة القاهرة للطلاب وفقا للقواعد والمعايير الجامعية ووفقا لقواعد جامعة القاهرة، وبدأت هذه القنوات تردد ان رئيس جامعة القاهرة يُرشي الطلاب للمشاركة فى التعديلات الدستورية 
 
واطرح السؤال هنا لمن نَاصر هؤلاء، هل رفع الحالة المعنوية للطلاب ونشر الأجواء الوطنية للإيجابية نحو الوطن اصبح طامة من وجهة نظرهم؟ وأتذكر عزيزي القارئ هنا عندما كان هؤلاء يدفعون بالمليشيات والقنابل فى قلب جامعة القاهرة هدفا لتخريب مؤسسة من مؤسسات الدولة الوطنية والتى يتعلم بها أبناء الشعب بصورة مجانية، هل الأكاذيب والدعوات التى خرجت من فم هؤلاء بعد الحفل الحاشد الذى اسعد كل طلاب جامعة القاهرة وترديد "تحيا مصر" وجدت لها مكانًا بين أبناء الوطن؟ اشك فى ذلك، وهل الوطنية فى جامعة القاهرة أصبحت جريمة فى نظر المتربصين بمصر؟ وهل العمل على إحياء الروح الوطنية للشباب للمشاركة فى التعديلات الدستورية أصبح رشوة ؟ للأسف انساق وراء هذه الجماعة أصوات كانت مفاجئة بالنسبة للكثيرين فى مهاجمة الجامعة ونهجها فى بث الروح الوطنية قبل حدث مهم فى مصر ينظر اليه العالم.
 
فالدكتور محمد عثمان الخُشت رئيس الجامعة قام بإجراءات تم اتخاذها للتيسير على الطلاب الغير قادرين على سداد المصروفات وقام بتصريحات بشأن ما تتخذه لجان المُمتحنين ومجالس الكليات فيما يخص منح درجات الرأفة، فجامعة القاهرة تعمل بشكل مؤسسي وفى اطار القوانين واللوائح، ومن منهج الجامعة عندما تجد طلاب غير قادرين على سداد مصروفات الجامعة تقوم الجامعة بتسديد المصروفات من صناديق التكافل الاجتماعى، وهذا النظام معمول بها من سنوات وسنوات، ونجد فى قرار إعفاء طلاب المدن الجامعية من مصروفات الإقامة والتغذية فى شهر رمضان أنه قرارًا به بعد إنساني، إذ تخفف الجامعة من أعباء الأُسر المصرية.
 
أقول لمن يشوُّهون الجامعة وأساتذتها ورئيسها، خيرا ان يعفى الطلاب المغتربين والغير قادرين احتراما لقيمة رسالة الجامعة والتعليم من ان يشعر غير القادر بالمهانة، وهل المطلوب من جامعة بقدر جامعة القاهرة ان تطرد الطلاب غير القادرين من اجل مبالغ أراها زهيدة، وجميعنا يعلم كم يتكلف الطالب اذا أقام فى سكن خاص وكم يتعرض لمخاطر بسبب الإقامة دون إشراف او رقابة، يا سادة هل تعلمون ان تكلفة الإقامة فى احدى الجامعات الخاصة تبلغ 20 الف جنيه فى الترم الواحد إقامة فقط بدون تغذية، فعلى ماذا تلومون جامعة القاهرة؟ الأولى ان نشكر الجامعة ومجلسها ومجالس كلياتها ورئيسها على احترام أدمية الطالب المصري.
 
فالجامعة يا سادة بكل أساتذتها يعلمون الطلاب الأخلاق والبعد الإنساني قبل المادة العلمية بطريقة عملية، فهذه الأمور معمول بها من سنوات طويلة والجديد فى هذا الموقف إنها أُذيعت على كل طلاب الجامعة بصورة علنية، فقامت الثعالب الصغيرة باستخدام هذا الموقف الإنساني والموقف الوطني للهجوم على الجامعة وعلى الدعوة نحو الإيجابية، وأخيرا أقول ارتقوا فإن القاع قد أمتلأ.