استشهد الماء ولم يزل يقاتل الندي
استشهد الصوت ولم يزل يقاتل الصدي
وانت بين الماء والندي
وانت بين الصوت والصدي
فراشة تطيرحتي اخر المدي

سليمان شفيق
حين نعاة الناعي نظرت الي صورتة المرفوعة في قلبي فوجدتة في القرب وفي البعد جميلا ، بكيت قليلا فأرتحت قليلا ، وسلت دموع ذكرياتي عن اللقاء الاول ، هناك في جنوب مدينة المنيا ،كان هناك فتي ذو ابتسامة تفيض معرفة، متسع العينين كالفراعنة ، يعيش في بيت مفتوح الابواب مثل قلبة ، كان ذلك الباب كعبة اليسار التي نحج اليها لنبتهل لله طلبا للعدل والحرية .

في الحي الحنوبي والقريب من المرسي الاول "مردة الحنش" ، ولد فتحي سيد فرج 1944، حينما كان الجيش الروسي يدحر النازية وينطلق الي برلين ،في المنيا التي لا يعرفها احد ، منيا الجمهورية المستقلة 1919 وابطالها من ال الميرغني وهدي شعراوي ، منيا مصطفي وعلي عبد الرازق والاسلام واصول الحكم ، ود طة حسين والشعر الجاهلي ، ود لويس عوض وفقة اللغة ، والشهيد لويس عوض والموت تحت سنابك عسكرالسجانة من أجل العدل ، والثوريين : عامل النسيج احمد عبد العزيز ، وعامل الغزل احمد رشاد ، وعضو المجلس المحلي انور ابراهيم ، والثوري الصامت فؤاد ناشد .

هناك في ذلك المنزل "المنتدي" كان اللقاء الاول 1975 ، لم اكن قد فرأت سوي البيان الاول ، البيان الشيوعي ولم افهم معظم كلماتة ، جلست امام المعلم في رهبة وشوق وكأنني في صلاة وابتهال ، وتسربت كلماتة الي قلبي ، وانتشي عقلي من تواشيح اناشيد الاشتراكية ، وعلي مدي سنتين تعرفت من المعلم الاول فتحي كيف افتح العقل واتسيد القلب ، ومن المدرسة عرفت الرواد الاوائل للحب والعدل والحرية ،طلاب الهندسة حسين عبد الغفار وشعبان مرسي وفارس فوزي ، وفي 1976 كان الجميع يعارض دخول منبر اليسار ، التجمع فيما بعد ، ولكن المعلم فتحي وافق ودفعني الي ان اكون في المنبر ، ومن هنا تعلمت جدل العلاقة بين المعلم وتلاميذة.

في 1977 ادعي ان الوعي الذي اكتسبة الشباب من فتحي سيد فرج قد جعلهم من قادة 1977 ، والقي القبض علي اغلبهم ، وهرب فتحي قبل القبض علية وتحولت حياة المعلم الي الاضطهاد والمراقبة ، والقي القبض علية ، وشرد من عملة ، وسافر الي خارج البلاد ومنها الي الثغر بحثا عن افتتاح مدرسة جديدة للاشتراكية والتنوير والامل الجديد .
 
هكذا فاض النهر من النضال والقسوةعلي الحلم ليصب الامل في الاسكندرية ويشارك المعلم فتحي سيد فرج
 
فى تأسيس العديد من الجمعيات الأهلية فى مدينة الإسكندرية والقاهرة (عضومجلس أدرة بجماعة تحوتى للدراسات المصرية ، والمركز المصرى للتكوين المعرفى والطفل المبدع، وجمعية الغد بمركز الجزويت الثقافى ، وجمعية المستقبل وغيرها ،وشارك المعلم مع اخرين في كتابات وابحاث عديدة وكان ينشر مقالاته في "الحوار المتمدين" .

وتتبلور الرؤئ وتصبح الثقافة عند المعلم فتحي كما كتب هي :"المعيار الذي تتحدد به هوية كل مجتمع بشري، ولكل مرحلة من مراحل المجتمع سمات ثقافية تتأثر وتؤثر في عوامل نهوضه أو تفككه .

وتتعاظم أهمية البعد الثقافي في التنمية في ظل ظروف التخلف التاريخي، فالثقافة في مثل هذه الظروف هي الوسيلة الوحيدة المتوفرة لدى الإنسان للتأكيد على آدميته والدفاع عن ذاته الحرة، بشرط أن تأخذ طابعا نقديا لفرز السمات المعوقة واستبعاد العناصر الثقافية التي يثبت عجزها عن التناغم مع موكب التقدم أو تعوق إمكانية النهوض الحضاري" .

وكان معلمي يري "أن مصير مصر مرهون بالمعركة الثقافية التي تدور بين الاتجاهات المختلفة، وهي معركة ان هزمت مصر فيها ستكون اخطر من اي هزيمة عسكرية، فالمجتمع يعيش لحظة فارقة لارساء الديمقراطية والتخلص من ارث الديكتاتورية التي كبلت الوطن لفترات طويلة .

فهناك بعض الاتجاهات تحاول أن تجر المجتمع إلى قاع التخلف والظلامية متسترة بالدين، والدين منها براء".

وكان يثق "إن مسئولية الدفاع عن حرية الفكر والإبداع تكون بالأساس مسئولية عامة لكل أفراد المجتمع خاصة المنشغلين بالشأن العام (أعضاء منظمات المجتمع المدني، والأحزاب) كما أن هناك مسئولية خاصة تقع على عاتق المبدعين الذين يجب أن يتحملوا الجزء الكبير في الدفاع عن حرية الفكر والإبداع لما يملكونه من قدرة على التعبير عن ضمير المجتمع، فإن الانسان هو صانع الثقافة، وهو الذي يمكنه تغييرها باتجاه التراجع والانكسار أو باتجاه التقدم والانتصار .

محطات الانطلاق للعقل وصولا للمنهج العلمي ".

وداعا معلمي الاول والي ان نلتقي قريبا في عالم اكثر حرية وشفافية .. لكي نكمل ما تعلمتة من محبة للمعرفة وتوق للعدل وحلم للحرية ، لك مني دمعتين ووردة .