د. مينا ملاك عازر
لو صحت المعلومات والبيانات المتواترة عن سفر عبد العزيز بوتفليقة -الرئيس السابق للجزائر- لقطر بعد استقالته لبات من الواضح أن قطر قد نالت خسائر كبيرة في أرضيتها في الشمال الأفريقي، فسفر بوتفليقة لقطر يعني أنه كان من المقربين لها، وأنها ستستقبله، وأنه كان يعمل لمصلحتها، فهل يقبل الجزائريون هذا؟ الجزيرة القطرية تقول أن الجزائريون يرفضون تدخل أبو ظبي في الجزائر، ربما هذا يحدث وربما الإمارات تتدخل حقاً، لكن المؤكد أن قطر تخسر بل خسرت رجل مهم قد يكون لها البديل في رجال الجزائر سواء من حاشية بوتفليقة أو من رجال المعارضة، ما لا شك فيه أن حزب جبهة التحرير الذي كان حاكم وتخلى عن بوتفليقة هو واجهة للجيش الجزائري الذي يحكم في الحقيقة، ولذا لو كان لقطر رجل فيه فهو الأقرب بالفوز بالانتخابات القادمة سواء نيابية أو رئاسية، إلا إذا صارت البلاد نحو الديمقراطية الحقيقية وبعيداً عن تسلط الجيش.
 
الأهم أن سيرها نحو الديمقراطية وبعدها عن الجيش لا يوقعها في براثن الإسلاميين المتشددين الذين فازوا في عام 1992 باكتساح، ما جعل الجيش يعود ويتدخل لينقذ البلاد منهم، فوقع في آتون أسقط مئتين ألف قتيل بسبب حرب أهلية أو كادت أن تكون كذلك.
 
القاطع في الأمر أن دول الخليج تتصارع على الهيمنة والسيطرة في الشمال الأفريقي، فبينما تدعم أبو ظبي والرياض الجيش الليبي في حربه لتحرير طرابلس، تدعم قطر القاعدة في طرابلس ضد الجيش الليبي، وهذا واضح من أخبار الجزيرة الكاذبة المدعية بأن خسائر الجيش الليبي وتقهقره وما شابه من أخبار في غير صالح الجيش الليبي ومحبيه ومؤيديه.
 
القطريون يخسرون في ليبيا والجزائر، في ليبيا قطعاً يخسرون ومعهم الأتراك لكن في الجزائر لم تزل اللعبة مفتوحة واحتمالات المكسب متاحة للجميع، فهل تكسب أبو ظبي أم تعود قطر وتسترد خسائرها وتحولها لمكاسب، المسألة بيد الشعب الجزائري الذي بيده أن يختار حياة ديمقراطية حقيقية يعيش فيها للأبد بعيدة عن الحكم الإرهابي الإسلامي الذي سيحتفلون كما احتفلوا في الانتخابات الفائتة بعرس ومأتم الديمقراطية، فهي وسيلتهم للوصول للحكم لكنهم سيوأدونها لألا تكون وسيلة آخرين للوصول بدلا منهم أو لمنافستهم فيما بعد.
 
أكاد أظن أن المسألة في شمال أفريقيا تجعل العالم يحول أنظاره من إيران ومنطقة الشرق الأوسط إليهم لأن الصراع سيكون على أشده بالانتخابات التونسية القادمة. بعد إعلان باجي قائد السبسي إنتواءه عدم الترشح في قرار لا أعرف إن كان نهائياً أم هو مناورة سياسية لكي يكسب أرضية أو ليكشف عن نية حركة النهضة التونسية، في كل الأحوال الانتخابات التونسية ستكشف عن استقطاب خليجي ومحاولة أخرى للصراع بين قطر من جانب والإمارات والسعودية من جانب آخر، ولتبقى ليبيا وتونس والجزائر علي صفيح ساخن إلى أن يقضي الله أمر كان مفعول بيد الجيش الليبي والشعبين التونسي والجزائري.
 
المختصر المفيد لا نجاح لثورات بدون رضا الشعب وقبول الجيش خاصة في العالم الثالث.