يبدو أن المرأة المصرية قد اقتحمت أغلب مجالات العمل منذ أقدم العصور، فقد كشفت دراسة حديثة لأسنان سيدة فرعونية عن أنهن امتهن العديد من المهن غير المتوقعة.

فقد أشار تقرير نشرته مجلة «فوربس» الأمريكية إلى أن الباحثين وجدوا أن 16 من أسنان السيدة الـ24 المحفوظة تعانى نوعا من التآكل المسطح وخاصة فى القواطع الفكية المركزية. وهو أمر لا يحدث بشكل طبيعى بسبب مضغ الطعام. وأوضح التحليل الفنى لبقايا أسنان تلك السيدة أن ذلك التآكل غالبا ما يكون نتيجة ثانوية لاستخدام الأسنان فى مهام متكررة.

وكشفت دراسات إثنوجرافية عن استخدام الأسنان الأمامية كأدوات مساعدة فى تحضير ألياف الخضراوات للسلال والحبال وغيرها من المنتجات، وبما أن محصول القصب كان يتم استخدامه بكثرة كنسيج للدفن. فإن التآكل فى الأسنان والذى يتخذ شكل «الأسفين» ربما يكون قد نتج عن استخدام الأسنان فى تقسيم تلك المادة النباتية. وهناك احتمال معقول أن ذلك النبات هو البردي، لأن سيقان البردى كانت تستخدم فى صنع الصناديق، والسلال لتخزين البضائع، ونقلها، وصنع الصنادل والستائر والأرضيات وفرش للأرضيات، وأيضا كحطب.

ويوضح العلماء أن تقشير القشرة الخارجية لساق البردى بالأسنان من شأنه أن يتسبب فى تآكلها. كما أن وجود بعض أجزاء السيليكا فى النبات من شأنها أن تلوث مينا الأسنان، وتسرِع تآكلها وتسهم فى الشكل غير العادى للأسنان الأمامية لهذه المرأة. وعلى الرغم من أن فرش الأسنان الحديثة مصنوعة من شعيرات ناعمة تركيبية، فقد استخدم البعض فى مصر القديمة أغصان النباتات،وربما أيضا استخدموا نوعا من المنظفات مثل بيكربونات الصوديوم لتنظيف أسنانهم، ولكن ندرة تنظيف الأسنان فى مصر القديمة قد يساعد فى تفسير سبب التآكل العرضى لهذه السيدة تحديدا. فربما التصقت بقايا النباتات بأسنانها نتيجة لأنشطتها المهمة، مما استلزم تنظيفها بشكل منتظم، كما أن استخدام النطرون أو غيرها من الأملاح الطبيعية كان يمكن أن يكون له تأثير ثانوى كمسكن للألم الناتج عن تآكل أسنان تلك السيدة. ويؤكد الباحثون أهمية هذا الكشف فى توضيح جوانب مهمة عن الحياة المهنية للمرأة فى مصر القديمة، لأن باحثين سابقين أكدوا أن هناك سبع مهن فقط للنساء سمحت بها الثقافة الفرعونية وهي: الكاهنة، والموسيقية، والمغنية، والراقصة ، «النائحة أو المعددة» والحائكة أو الخياطة، والقابلة، لكن هذا الافتراض القديم حول عمل المرأة ، كما يؤكد عالِم بيولوجيا الآثار ، تامر جاد راشد من جامعة القاهرة ، غير صحيح لأنه عبر التاريخ المصرى ، شغلت النساء جميع المناصب، وكما تؤكد نتائج تلك الدراسة الحالية فالنساء المصريات كن ولا يزلن موجودات، ويعملن فى كل مكان، وفى كل قطاعات الحياة اليومية المصرية . ويذكر أن فريقا بحثيا تابعا لمعهد الفنون الجميلة بجامعة نيويورك قد عثر على هذه المومياء عام 1970، ضمن مجموعة من الهياكل الأخرى فى منطقة«منديس القديمة«، والتى تسمى حاليا تل الربع، وكانت عاصمة لمصر فى عصر الأسرة الـ 29 تقريبا خلال القرن الرابع قبل الميلاد، وبالاضافة لكونها عاصمة قديمة،كانت منديس مركزا تجاريا،ودينيا، واكتشفت تلك البعثة ايضا مناطق للإقامة وللدفن فى تلك المنطقة .