سامح سليمان

المفكر الكبير زكي نجيب محمود عن نجيب محفوظ: كان نجيب محفوظ في كل ما كتبه واضح العبارة رصين الأسلوب، يجيء عنده اللفظ على قدر المعنى، فلا إسهاب في غير داع، ولا اقتضاب في غير موجب، ولا يستخدم إلا الصورة الفصحى من اللغة العربية، دون أن تنشاً مشكلة الفصحى والعامية التي نشأت لكثيرين فأربكتهم وحيرتهم، فالرجل قد قرأ العربية في فصيحهاـ فامتلأ بها وسهل أمامه الطريق، ما يدل على أن مشكلة اللغة لم تنشأ إلا لمن لم يقرأ وخرج و إناء اللغة عنده فارغ.
 
شخصيات أثرت في نجيب محفوظ ولعبت دورًا رئيسًا في اقتحامه لعالم السينما
 
الكاتب الكبير سلامة موسى: حيث قد سمح سلامة موسى لنجيب محفوظ بالكتابة في مجلته الخاصة(المجلة الجديدة) ونشر فيها عدة مقالات إلى أن نشر روايته الأولى ( عبث الأقدار 1939)
 
مخرج الواقعية صلاح أبو سيف: أعجب صلاح أبو سيف كثيرًا برواية نجيب محفوظ (عبث الأقدار) ولمح في كاتبها قدرته الكبيرة على كتابة الرواية السينمائية وامتلاكه لذاكرة بصرية قوية، واشترك مع نجيب محفوظ في كتابة سيناريو فيلم مغامرات عنتر وعبلة ثم فيلم المنتقم ولكن تم عرض المنتقم أولًا عام 1947 ثم مغامرات عنتر وعبلة عام 1948 ثم لك يوم يا ظالم عام 1951عن رواية الوحش في الإنسان للروائي الفرنسي الكبير إميل زولا مؤسس المذهب الطبيعي في الرواية _ تم تمصير تلك الرواية أكثر من مرة، مرتين بواسطة نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف (لك يوم يا ظالم 1951 ثم المجرم 1978) وأشرف فهمي (الوحش في الإنسان 1981)1- ثم كتابة القصة السينمائية والاشتراك في كتابة السيناريو مع صلاح أبو سيف في سيناريوهات كثيرة منها سيناريو فيلم ريا وسكينة عام 1953 والوحش عام 1954 عن قصص حقيقية.
 
الأديب الكبير طه حسين: حيث دعا طه حسين في مقال له عام 1946 بمجلة الكاتب المصري، الأدباء المصريين للاقتداء بالأديب والمفكر الفرنسي جان بول سارتر في الكتابة للسينما، وعدم ترك الكتابة للسينما فريسة لغير الموهوبين. 
 
قائمة الأفلام التي كتب لها نجيب محفوظ السيناريو أو القصة السينمائية أو أشترك في كتابتها ولم تنشر 
 
مع المخرج صلاح أبو سيف: المنتقم 1947، مغامرات عنتر وعبلة 1948، لك يوم يا ظالم 1951، ريا وسكينة 1953، الوحش 1954، الفتوه 1957، مجرم في أجازة 1958، الطريق المسدود 1958 عن رواية لإحسان عبد القدوس ، أنا حرة 1959 عن رواية لإحسان عبد القدوس، بين السما والأرض 1959، شيء من العذاب 1969، المجرم 1978.
المخرج عاطف سالم: جعلوني مجرمًا 1954، النمرود 1956،احنا التلامذة 1959.
المخرج توفيق صالح: درب المهابيل 1955
المخرج نيازي مصطفى: فتوات الحسينية 1954
 
المخرج فطين عبد الوهاب: ساحر النساء 1958
المخرج حسن رمزي: الهاربة 1958
المخرج إبراهيم السيد: الله أكبر1959
 
المخرج يوسف شاهين: جميلة عن فترة من حياة الجزائرية جميلة بو حيرد 1958، الناصر صلاح الدين 1963، الاختيار 1971.
المخرج نور الدمرداش: ثمن الحرية 1964 عن مسرحية لعمانويل روبليس
 
المخرج كمال الشيخ: بئر الحرمان1969 عن رواية لإحسان عبد القدوس
المخرج حسين كمال: إمبراطورية ميم 1972 عن قصة قصيرة لإحسان عبد القدوس
 
المخرج حسام الدين مصطفى: ذات الوجهين عن مسرحية بنفس الاسم للكاتب الألماني لودفيج فولدا1973، توحيده 1976 عن ثلاثية الكاتب الفرنسي مارسيل بانيول.
 
المخرج حسن الأمام: دلال المصرية 1970 عن رواية البعث لتولستوي.
 
رأي الكاتب توفيق صالح في الأفلام المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ: رغم أن العديد من روايات نجيب محفوظ تم نقلها إلى شاشة السينما فإن أيًا منها لم تعبر عن شخصية أو وجهة نظره، فقد خانه السينمائيون، ففي فيلم اللص والكلاب تحولت الرواية إلى فيلم بوليسي تقليد للأفلام الأمريكية، بينما نجيب كان يتناول موضوعًا عن رجل يعيش أزمة درامية بين الفكر والفعل.
 
وهنا لامفر من الإجابة عن سؤال يطرح نفسه بقوة وهو : لماذا لم يكتب نجيب محفوظ سيناريوهات الأفلام المأخوذة عن رواياته؟
 
يجيب عن ذلك الناقد إبراهيم العريس: كان نجيب محفوظ يرى أن زمن الفيلم السينمائي لا يمكنه أن يستوعب كل ما كان يريد أن يقوله في أي عمل من أعماله، ولم يستطيع محفوظ أن يخون نصوصه.
 
تباينت جودة الأعمال السينمائية المقتبسة عن روايات نجيب ومدي الالتزام بالنص الأدبي، حيث مثلًا يميل نجيب محفوظ إلى كتابة نهاية مأساوية لأبطال رواياته، مثل انتحار حسنين ونفيسة في بداية ونهاية، وإعدام صابر الرحيمي في الطريق، فيلم بداية ونهاية ألتزم المخرج صلاح أبو سيف بالنهاية المكتوبة في النص الروائي بل وحتى طريقة السرد، فكما تم عرض تطور حياة الأبطال في شكل فصول كل فصل يتناول شخصية كذلك الفيلم بدرجة كبيرة عرض تطور حياة كل بطل على حدة في مشاهد هو وحده محورها، فيلم اللص والكلاب اختلفت النهاية التي قررها المخرج كمال الشيخ عن النهاية التي كتبها محفوظ، فنهاية محفوظ كانت أن يسلم سعيد مهران نفسه للشرطة بينا نهاية كمال الشيخ أن يموت سعيد مهران برصاص الشرطة بعد مطاردة عنيفة، وتحولت رواية الطريق في الفيلم المأخوذ عنها بنفس أسم الرواية للمخرج حسام الدين مصطفى و السيناريست حسين حلمي المهندس إلى فيلم من أفلام الحركة وضاع الرؤية الفلسفية، وفي رواية بين القصرين جاء مرض السيد أحمد عبد الجواد بسبب الإفراط في السهر واللهو بينما في فيلم بين القصرين للمخرج حسن الأمام تم حذ فصول بأكملها، وجاء مرض أحمد عبد الجواد بسبب زواج أبنه ياسين من زنوبة عشيقة أحمد السابقة، وفي فيلم قصر الشوق للمخرج حسن الأمام قام كاتب السيناريو محمد مصطفى سامي بالتركيز فقط على عالم الراقصات والغواني ولم يهتم بالشخصيات الرئيسة أو بالمرحلة التاريخية، وفي فيلم الشيطان يعظ للمخرج يحيى العلمي المأخوذ عن رواية قصيرة تحمل أسم الرجل الثاني قام كاتب السيناريو أحمد صالح بتغيير بعض التفاصيل حيث في الرواية لم يقيم شطا و وداد في حارة الشبلي إلا 5 أيام بينما في الفيلم طالت المدة إلى عدة شهور، كما أضاف السيناريو مواجهة دموية دارت بين شطا والشبلي وانتزاع شطا لقلب الشبلي من موضعه، وفي فيلم زقاق المدق للمخرج حسن الأمام المأخوذ عن رواية بنفس الاسم تم تغيير النهاية، ففي الرواية يموت عباس الحلو خلال مشاجرة أثناء بحثه عن حميدة بينما في الفيلم تموت حميدة برصاص جندي إنجليزي وأعتقد أن حسن الأمام اختار تلك النهاية أرضاًء للجمهور ولميوله الميلودرامية- بحسب السيناريست الكبير مصطفي محرم في كتابه المهم ( حياتي في السينما) السيناريو الأصلي للكاتب الكبير سعد الدين وهبة تنفيذه على الشاشة إن تم كانت مدة الفيلم ستصبح حوالي ثلاث ساعات، وهذا مكلف جدًا وصعب أن يقبل علية الجمهور بخلاف أن المعالجة جاءت أقرب للطابع المسرحي منها للسينمائي فوضع المخرج حسن الأمام بصمته في السيناريو فتحول النص إلى حدوته حميدة الهاربة من الزقاق بحثًا عن الثراء المادي ولم يقم الفيلم بتأصيل شخصيات الزقاق كما حدث في الرواية ولكن اكتفى فقط بشخصية حميدة_ وفي فيلم ميرامار _ بحسب الكاتب السينمائي هاشم النحاس في كتابة كتابات تأسيسية في الثقافة السينمائية_ قام كاتب المعالجة السينمائية ممدوح الليثي بتشويه رؤية نجيب محفوظ بتغيير شخصية الكاتب الوفدي عامر وجدي وتحويلها إلى شخصية هامشية بينما في الرواية لعبت الشخصية دورًا أكبر وجاءت الانتقادات التي وجهت في الرواية للاتحاد الاشتراكي على لسانها ولكن الفيلم جعل من الإقطاعي طلبة مرزوق صاحب الدور الأكبر ووضع الانتقادات على لسانه، كما في الفيلم تحولت شخصية زهرة إلى فتاة جاهلة بلهاء ضعيفة الشخصية بينما في الرواية كانت قوية الشخصية وذات طموح وعزة نفس.
 
بينما في أفلام مثل وكالة البلح للسيناريست مصطفى محرم والمأخوذ عن رواية قصيرة لمحفوظ باسم أهل الهوى وفيلم سماره الأمير للسيناريست مصطفى محرم عن قصة قصيرة نشرت ضمن مجموعة الحب فوق هضبة الهرم وفيلم نور العيون للسيناريست وحيد حامد عن قصة كلمة غير مفهومة صمن مجموعة خمارة القط الأسود، تم تشويه النصوص تشويهًا كليًا وجاءت الأفلام على درجة عالية من الضعف والابتذال.