ألبرت أينشتين قدم الكثير للبشرية. خص باكتشافه العلماء والنخبة المتخصصة فى الفيزياء. جاء ذلك عند اكتشافه نظرية النسبية. كل ذلك وسنه لم تتجاوز 26 عاما. إلا أنه قدم لعموم البشر ما لا يقل عن ذلك. قدم تعريفًا للغباء. تعريفًا فى غاية الأهمية والطرافة فى آن. عرّف الغباء بأنه «حين تكرر عمل الشىء نفسه. بالطريقة نفسها. متوقعًا نتائج مختلفة»، لو أمعنّا النظر. نجد التعريف علميًا للغاية وصحيحًا إلى حد كبير.

 
ينطبق الأمر على الكثير من مفردات حياتنا. خذ مثلاً. عندما جربنا القطاع العام. لم ينجح. إذا كررنا تجربة هذا القطاع العام بمسمى مختلف. بواجهة جديدة. لن ينجح مرة أخرى. قد ينجح سنة أو اثنتين. كما تنجح بعض البدايات. لوجود شخص معين ذى كفاءة استثنائية. سينجح لفترة محدودة إذاً. أما على المدى البعيد فلن ينجح. سنصل للنتيجة نفسها. فهل نكرر التجربة؟ إذا كان هذا هو ما عانت منه مصر. فالنتيجة نفسها تكررت فى كل دولة خاضت التجربة. هذا كان مصير القطاع العام فى روسيا – فى دول أوروبا الشرقية – فى الصين – فى فرنسا. ألم يكن هذا هو مصير القطاع العام فى بريطانيا نفسها؟ إلى أن جاءت مارجريت تاتشر فانتهت هذه الأسطورة.
 
قالت بالحرف: «حينما تملك الدولة لا يملك أحد. وحينما لا يملك أحد لا أحد يهتم».
 
بعد القطاع العام تجىء الخصخصة. كما تم تطبيقها فى بريطانيا. أصبح الشعب كله مالكًا لشركات الدولة. بحد أقصى لما يمتلكه كل فرد من الأسهم. الثقافة البريطانية الاقتصادية هى التى دفعتهم إلى هذا.
 
غياب الثقافة الاقتصادية فى دول أخرى. أدى إلى إتمام الخصخصة بأبشع الطرق وأسوأها. حيث اخترعت لدينا نظرية المستثمر الاستراتيجى. صنعنا به إقطاعًا من نوع جديد. منحنا امتيازات بلا استحقاق. بلا مبرر. النتيجة كانت ثروات تحققت. بعدها تم تصديرها لخارج البلاد. ثروات مهولة. تمت فى غفلة. بلا جذور أو أساس. تم ذلك أيضًا فى الاتحاد السوفيتى. لذلك تراهم يملكون نوادى الكرة العالمية. كذلك أصبحوا يملكون يخوت العالم.
 
بكل تأكيد لن نعيد التجربة. فالذكرى مازالت ماثلة أمامنا. كان على الدولة أن تتحرك حتى لا يعم الركود. بعد ذلك لنفتح الأبواب للمستثمر المصرى والأجنبى. لشركات تنتقى لنفسها قيادات محترفة. قد تساهم فيها الدولة ابتداء. تفتح الطريق. بعدها تتخارج... وهكذا.
 
لن نعيد التجربة من جديد.. بعناوين مختلفة.. وبعدها نتوقع نتائج مختلفة.