د. مينا ملاك عازر

توقفنا في المقال السابق عند الثورة الإيرانية وهي تحتفل بعيدها الأربعين، وهي ملطخة ليس فقط بدماء معارضيها، ولكن أيضاً مؤيديها، والذين كانوا في معيتها فانقلبت عليهم، ثم تحدثنا عن كيف تتبارى مع السعودية في اليمن وتتجاور مع الروس والأمريكيين في سوريا، وتتصادم مع إسرائيل والسعودية، وبينما تحرز نصر كبير لمصلحة الرئيس الأسد لكنها محط ضربات الإسرائيليين.
 
عزيزي القارئ، هنا لا يفوتني أن أشير وبوضوح أن الموقف الإيراني في لبنان انعكاس لموقفها المضيق على معتنقي مذهب السنة العرب الذي هو في حقيقة الأمر يجمع مصر مع السعودية والآخرين في بوطقة واحدة في نظر الإيرانيين فجعل إيران تخترق الحدود المصرية بالتعاون مع حماس في حادثة مؤسفة استثمروا غضبة شعبية قامت من ثماني سنوات ثم أصبحت ثورة بنجاح رجالها في تغيير رأس الحكم في مصر المهم بالنسبة لي أن الإيرانيين استباحوا الحدود المصرية من خلال دعمهم لحزب الله الذي هرب من سجون مصر العديد من رجاله للبنان وظهروا عشية هروبهم على القنوات اللبنانية يحتفلون بهروبهم.
 
ولكي أكون منصف فإن الإيرانيين الذين يضعون مصر والسعودية وعدة دول خرى في بوطقة السنة، هم أيضا يتواطئون مع حكام سنة في حماس في غزة وتتفاهم بوضوح مع النظام السوداني السني في جنوب مصر بدليل ما جرى في اختراق الحدود المصرية والتعاون لتهريب الناس بالطائرات للبنان ناهيك عن نقل الأسلحة للحمساويين عن طريق السودان والبحر الأحمر وغيرها.
 
أعود للثورة الإيرانية مرة خرى، لأرصد غير ناكر مجهوداتهم في مجال السياسة الدولية لاستعادة وجودهم وتفاعلهم مع أمريكا وغيرها، لكنهم مضرين للكثير من دول المنطقة، وعلى العموم نجاحاتهم في مجال الطاقة النووية يجبر الكل على الخوف منهم، وعمل ألف حساب لهم، بجانب النجاح في إنتاج الصواريخ طويلة المدى المقلقة لكل أعداءهم، في كل الأحوال هذا أبداً لا يعني أنني معهم ومع أساليب قمعهم وإن كانت أساليب منتشرة في المنطقة لا أستطيع أن ألومهم وحدهم عليها، فالكل في المنطقة العربية يتبعها وينكل بمعارضيه، إلا أنهم أفضل من المحيطين بهم في أنهم نجحوا عسكريا ونووياً وتعليمياً في الكثير من الأمور، في نفس الوقت  متخلفين عن المحيطين بهم وغرقهم في الأفكار الدينية المتشددة، غير أنهم وللحق لم يقوموا ولم يمولوا أعمال إرهابية كتلك التي قامت بها ومولتها غريمتهم السعودية.
 
آخر القول، أن الثورة الإسلامية بإيران إن نجحت فنجاحها كان على حساب أصدقائها، وهذا بالمناسبة ما كاد أن يحدث في ثورة الخامس والعشرين من يناير التي كان لهم دور فيها، واهتبلوا فوضتها لتنفيذ أجندتهم، أقول كاد يحدث في ثورة يناير حين كاد الإخوان يبتلعون الثورة وينشئون حرس ثوري إيراني، كما أن الإخوان انفتحوا على الإيرانيين، لكن ذلك لم يتم ليقظة الشعب ورفض الجيش، فأطيح بالثورة الإسلامية التي كادت تضر أبنائها في مصر، وتفعل بثوار يناير ما فعلته الثورة الإسلامية بإيران بأصدقائها.
 
المختصر المفيد الثورات فكرة نبيلة لكن لا مكان لها في عالم السياسة، إلا إذا دعمت بمجموعة من الساسة.