الأقباط متحدون - أينما تكونون يدرككم الموت
  • ١٣:٤٣
  • الأحد , ٢٤ مارس ٢٠١٩
English version

أينما تكونون يدرككم الموت

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٥٢: ٠٥ م +02:00 EET

الأحد ٢٤ مارس ٢٠١٩

أينما تكونون يدرككم الموت
أينما تكونون يدرككم الموت

كتب : د. مينا ملاك عازر

ولو كنتم في نيوزيلانده في أقصى الأرض، ولو كان لكم نصيب في أن تموتوا قتلى لأدرككم الموت، هذا هو الدرس الأهم من مذبحة مسجدي نيوزيلانده أستخلصته بينما أتألم على دماء البشر المسفوكة على الأرض، وأشعر أن دماء هابيل تصرخ للآن بعد أن سفكت على يد أخيه، للآن لم يزل الإنسان يكرر جريمة الأخ القاتل في كل مرة يقتل أخوه.
 
التسابق حول وصف الأمر بالشكل الإرهابي، والدفع بأنه إجرامي يجعلنا نسقط في فخ المسميات، المجرم يرهب الآخرين، والإرهابي مجرم، يجرم في حق الآخرين، وبذلك المسألة واحدة، هل لفظة إرهابي تريح الشهداء الذين سقطوا من مصليي المسجدين؟ فليكن إرهابي وليكونوا شهداء، ولتبقى جريمة القتل غير مقبولة من أيا من مرتكبيها ضد أي أحد. 
 
السؤال الأهم هنا، ما الذي يجعل شخص ما يندفع لقتل من يصلي في مسجد أو كنيسة أو كنيس؟ السؤال هنا، لماذا القتل بشكل عام؟ لماذا دخل نفوسنا الكره والغضب؟ ولماذا تعكرت النفوس النقية المخلوقة على ألا تفعل هذا؟ ونخالف الخالق، ربما نحن بحاجة ماسة للإجابة على تلك الأسئلة لنصل لحقيقة مفاداها أن الأزمة الحقيقية في الفكر، ذلك الفكر الذي يلوث الطبيعة البشرية سواء بيقين أن المهاجر مغتصب لحقوق أصحاب الأرض أو أن المسيحي كافر أو أن اليهودي نجس ويستحق القتل.
 
ابحثوا يا سادة عن الكتب والأفكار والآراء حاربوا الأفكار بأفكار تعيد الإنسان لإنسانيته، وتنقذه من مستنقع الحيوانات التي يكاد أن يقع فيها ويغوص حتى أذنيه، أعرف أن في عالم الحيوانات لا يحدث مثل تلك الأمور المؤسفة والمبكية، فقلما تجد حيواناً يفعل في بنيي جلدته مثل تلك المذابح والتفجيرات اللهم إلا في إطار الصراع الطبيعي ليبقى الأقوى، لكن ونحن بشر ونستطيع أن نبقي الجميع ونقوي الضعيف ونسنده كواجب أخلاقي وإنساني، حين نتخلى عن هذا ونفعل ما هو مخالف لهذا تأتي هنا الكارثة. 
 
ويبقى السؤال يدوي، ما الذي دفعنا للتخلي عن إنسانيتنا والتنصل من كوننا بشر؟ ونستخدم العنف لإبادة بعضنا البعض، الأهم هنا ما السبيل للخروج من التراشق بالرصاص والقنابل وحتى من التراشق بالألفاظ وتبادل التهم لنستعيد آدميتنا.
 
أعتقد أن السبيل بعيد كل البعد عن المؤتمرات وخطب الزعماء والساسة ورجال الدين الرنانة التي في العلن تقول خلاف ما تسطره في كتب وتلقنه للأجيال القادمة، فيزدادوا حفظاً للكره، ولا أحمل الأديان برجالها السبب، فهذا رجل ملحد قتل خمسين رجل مصلي في مسجدين بإصرار فائق على القتل، لكن يبقى دور السياسيين أمثال ترامب الذي يبثون روح الكراهية والغضب في أنفس مريديهم ومحبيهم بتغريدات أقل ما يقال عنها أنها حمقاء تبث روح الكراهية وأفكار العنف وازدراء الآخر للونه أو عرقه أو لطبقته أو لأي تصنيفات مجافية للطبيعة التي خلقنا عليها.
 
المختصر المفيد حاربوا الأفكار، بثوا السلام، قاوموا العنف بالسلام الذي تحمله رئيسة وزراء نيوزيلانده بين ضلوعها وبين ثنايا وجهها المبهج المريح برغم أنها سياسية.