الأقباط متحدون - سحر الجعارة تكتب.. الدين لله والإرهاب ضد الجميع
  • ٠١:١٨
  • الاثنين , ٢٥ مارس ٢٠١٩
English version

سحر الجعارة تكتب.. الدين لله والإرهاب ضد الجميع

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٤٢: ٠٦ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٥ مارس ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

سحر الجعارة
فى قلب كنيسة الشهيد «مارجرجس» العتيقة بحى القللى، كانت الأجواء مفعمة بالمحبة، وحُبلى بالتساؤلات حول «حقوق المواطنة»، وهو عنوان المحاضرة التى ألقيتها تحت رعاية الحبر الجليل الأنبا «رافائيل»، والقمص «أبرام نسيم» راعى الكنيسة. وبعدما أشعلت شمعة للسيدة العذراء «مريم» البتول، بدأت المحاضرة التى قررت أن أبتعد فيها عن التنظير لفكرة المواطنة والمصطلحات الفخمة التى يجيدها بعض المثقفين ممن حوّلوا حقوق المواطنة إلى «سبّوبة» يرتزقون بها خارج البلاد، وأن يكون حوارى مع أبناء الكنيسة شعاره «المشاركة» لتفعيل حقوق المواطنة التى لا أعتبرها «منحة» من الحاكم، بل هى «حق» يجب أن يبادر كل فرد للحصول عليه.

فى البداية حددت رؤيتى للمواطنة باعتبارها الوجه الآخر للوطن، فلا يوجد وطن صلب بلا كتلة بشرية متماسكة ومتجانسة، لا تمزقها الصراعات الطائفية، ولا تفتتها الأزمات المذهبية التى أغرقت لبنان -مثلاً- فى حرب أهلية مفتوحة نحو 15 سنة.. وأكدت على أن تحقيق العدالة والمساواة فى الحقوق السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية تحت مظلة القانون والدستور لن يتم إلا بمشاركة حقيقية من الأقباط فى الأحزاب السياسية والانخراط فى المجتمع، حتى لو كان «سلفياً»، أو كانت قوى الشر تفرض علينا جميعاً الأفكار الظلامية وفتاوى التكفير والكراهية التى تسرى على المسلمين قبل المسيحيين، فكلنا نعانى «الاضطهاد» رغم كراهيتى لهذا المصطلح، إلا أن تيار الاستنارة فى مقدمة قائمة المستهدَفين بالإقصاء والاغتيال المعنوى أو السجن بموجب قانون «ازدراء الأديان».

لقد اختلف مناخ تمكين الأقباط من مراكز صنع القرار (الحقوق السياسية) كثيراً عما شهدناه فى عهد «مبارك»، والذى كان يقتصر فيه وجود الأقباط على وزارة البيئة، ثم جاء عهد المرشد الذى جعل المناصب كلها حكراً للأهل والعشيرة من جماعة «الإخوان» الإرهابية.. حتى جاء الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فتبدلت الصورة، أصبح لدينا محافظان من الأقباط، فى دمياط والدقهلية، و السفيرة «نبيلة مكرم» وزيرة للدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج.

وأصبح دخول الأقباط «مجلس النواب» بالانتخاب وليس بالتعيين، بعدما قرر المسيحيون أنفسهم أنهم يملكون «إرادة التغيير»، فتحركوا فى ثورة 30 يونيو لإسقاط الفاشية الدينية، وبالتالى أتعجّب كثيراً من عزوفهم عن المشاركة.. هل نخاف استهداف القساوسة لزيهم الكنسى، والاعتداء على المسيحيات لأنهن يرتدين الصليب؟.. ولماذا لا ننظر إلى تفجير مسجد «الروضة» بالعريش على أنه أيضاً «حادث مذهبى» استهدف الصوفيين (قتل على الهوية)؟.. كلنا عرضة للإرهاب لأن المؤامرة العالمية على مصر لا تريد لها سلاماً ولا استقراراً.. فإذا نسف الإرهاب مديرية أمن أصبح الحادث إرهابياً، أما إذا أُحرقت كنيسة فإنها تفجر «الفتنة الطائفية»، وهى الورقة التى يجيد أعداء الوطن استخدامها لإسقاط الدول بأيادى أبنائها!

يحاول الرئيس جاهداً أن يحمى «دور العبادة»، كمن يحتضن جمرة النار حتى لا تحرق شعبه من المسيحيين، وكلما تهدمت كنيسة أصدر أوامره للقوات المسلحة بإعادة بنائها على الفور. لقد تعهّد الرئيس حتى بحماية اليهود واللادينيين.. فهل معنى ذلك أنه لا يوجد تمييز ضد المسيحيين؟

الحقيقة أن التمييز قائم، والوحيد الذى جرؤ على تحطيم «تابو العنصرية» المقيت كان الدكتور جابر جاد نصار، حين كان رئيساً لجامعة القاهرة، ورأى بعينيه إقصاء المسيحيين واستبعادهم من بعض الوظائف بسبب ديانتهم، فقرر إلغاء «خانة الديانة» من الأوراق الرسمية فى الجامعة، وهو القرار الذى كان يجب أن يمتد إلى باقى الجامعات طبقاً لنصوص الدستور التى تجرّم التمييز بالمادة 53 بالدستور، وأن يمتد إلى مختلف هيئات ومؤسسات الدولة.. لكن بكل أسف «الثقافة السلفية» تفرض نفسها على الدستور والقانون، و«كهنة الدين» يصرون على وصف المسيحيين بـ«أهل الذمة»، لأننا لا نعترف بأن العبادة هى «سر» بين العبد وربه، ونستسلم لـ«محاكم التفتيش» فى النوايا والعقول!!.

رغم أن خانة الديانة أفرزت ظاهرة «عايز أختى» التى كانت تطالب باستعادة من عادت للمسيحية بعد إشهار إسلامها، فلو كان لدينا قانون لا يسمح بتغيير الديانة قبل سن الرشد (21 سنة)، لانطفأت معظم نيران الفتنة الطائفية.. ولو عادت «جلسات النصح والإرشاد» التى كانت ترعاها الكنيسة لقتلنا الفتنة فى مهدها.

لقد طال الحوار، وامتدت ندوة الأشجان المشتركة.. لكننى ودّعت الأحباء على أبواب الكنيسة وكلى تفاؤل بأن القادم أجمل.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع