الأقباط متحدون - العَلمانية وتعاطى المخدرات (4)
  • ١٨:٤٠
  • الجمعة , ٢٢ مارس ٢٠١٩
English version

العَلمانية وتعاطى المخدرات (4)

مقالات مختارة | مراد وهبة

٠٨: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ٢٢ مارس ٢٠١٩

مراد وهبة
مراد وهبة

مراد وهبة
للمرة الرابعة يتزامن هذا المقال الذي أنشره اليوم في سلسلة المقالات القادمة تحت عنوان «العلمانية وضرورتها» مع تصريح الرئيس عبدالفتاح السيسى في الندوة التثقيفية الـــــ «30» بمناسبة يوم الشهيد في بداية هذا الشهر، وقد جاء فيه أنه «لا يصح أن يتعاطى موظف «ستروكس» ويسوق قطارا ليضيع أولادنا، ولن نسمح بذلك، وسنحاسب في إطار القانون مَنْ يتعاطى المخدرات ويتم إنهاء خدمته فوراً». ومع ذلك فقد يكون عنوان هذا المقال صادماً، فهل ثمة علاقة بين العلمانية وتعاطى المخدرات؟ ولكن يلزم منه سؤال آخر لتحديد عما إذا كانت هذه العلاقة بالسلب أم بالايجاب. وجوابى عن هذا السؤال أسرده على هيئة قصة جديرة بأن تُروى:

في 22 يوليو من عام 1982 شاركت في مؤتمر فلسفى دولى في بوجوتا عاصمة كولومبيا. وإثر انتهاء المؤتمر كان من المفروض أن ارتحل إلى نيويورك بدعوة من وكالة الاتصالات الدولية بأمريكا لإجراء حوارات مع أساتذة في الجامعات الأمريكية وفى كليات اللاهوت، إلا أننى فوجئت وأنا في بوجوتا بمكالمة تليفونية من السفير الأمريكى لدى كولومبيا ينبئنى فيها بأنه قد حاول الاتصال بالمسؤولين في مطار ميامى ولكن بلا جدوى، وسبب ذلك الاتصال مردود إلى أن ذهابى إلى نيويورك يستلزم الهبوط في مطار ميامى والبقاء فيه لمدة ساعة لاعتماد تأشيرة الخروج إلى مطار آخر وهى مدة لا تكفى لإنهاء الاجراءات المطلوبة، الأمر الذي يستلزم من مسؤولى المطار إعفائى من هذه الإجراءات حتى الحق بالطائرة المتجهة إلى نيويورك. ولم أفهم مغزى اهتمام السفير إلا عندما هبطت بى الطائرة في مطار ميامى فإذا بطابور طويل يخضع للتفتيش الدقيق بسبب أن ميامى تطل على المحيط الأطلنطى، وبالتالى هي مركز تهريب دولى للمخدرات. ولم أفق من حالة اليأس التي انتابتنى إلا عندما نودى على اسمى من ميكرفون المطار. وبعد الإفاقة وردت إلى ذهنى علاقة كنت قد اكتشفتها في نهاية السبعينيات من القرن الماضى، وهى العلاقة العضوية بين الأصوليات الدينية وتجارة المخدرات.

ففى عام 1993 كشفت مجلة «الاكسبرس» الفرنسية عن وجود علاقات سرية بين وكالة المخابرات الأمريكية والجماعات الأصولية الإسلامية ابتداء من الحرب الأفغانية ضد السوفييت. وقد كان الفضل في تأسيس هذه العلاقة إلى جيمى كارتر رئيس أمريكا الأسبق عندما أصدر قراراً في يناير 1979 بتدعيم طالبان بالأسلحة وبتمويل هذه الأسلحة من تجارة المخدرات. وقد تبنت باكستان تنفيذ هذا القرار، إذ كانت الطائرات الباكستانية تذهب إلى طالبان محملة بالأسلحة وتعود محملة بأطنان من الهيروين لبيعها للشعب الباكستانى في مقابل شراء أسلحة. ومن هنا أدمن ما يقرب من مليونين ونصف المليون. وأظن أن المخابرات الأمريكية وهى تمول أصولية طالبان لم تكن على وعى بأنها كانت تمهد لإحياء الخلافة الإسلامية ليس فقط على مستوى أفغانستان بل على مستوى كوكب الأرض. وإذا كانت الأصولية هي نقيض العلمانية فيترتب على ذلك أنك إذا أردت أن تفك العلاقة بين الأصولية وتجارة المخدرات فعليك أن تقضى على الأصولية بالعلمانية فتنتهى ظاهرة تعاطى المخدرات، ومن ثم يكون قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى مدخلاً إلى إنهاء هذه الظاهرة.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع