الأقباط متحدون - فتش عن «العنصر البشرى»
  • ٠٠:٠٩
  • الخميس , ٧ مارس ٢٠١٩
English version

فتش عن «العنصر البشرى»

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٣٥: ٠٦ ص +02:00 EET

الخميس ٧ مارس ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

سحر الجعارة
افترض أنك كلفت أنبغ من أنجبته مصر بتولى حقيبة «النقل والمواصلات»، وقلت له: «اشتغل»، ومعك آلاف العاملين فى القطاع، بينهم الفاسد والمهمل، ومدمن المخدرات والخلايا الإرهابية النائمة.. «اشتغل» رغم عجز الموازنة وعدم توافر ميزانية كافية لتحقيق طموحاتك والمهام التى كُلفت بها.. ومعك أيضاً وكلاء الوزارة ورؤساء الهيئات يعملون تحت رئاستك هم أنفسهم يحتاجون لإعادة تأهيل وتدريب، ويفتقدون الخبرة التى تقفز بنا نحو المستقبل.. إذن فعليك «وحدك» أن تسابق الزمن وتغزل «برجل حمار».. ولا تنس منظومة «السكة الحديد» المتهالكة، والمواطن الغلبان الذى يعترض على زيادة تذكرة «مترو الأنفاق».. والكبارى التى كانت تقع بعد تسليمها مباشرة بسبب «الفساد»، والطرق المفخخة بالمطبات والحواجز الأهلية، ومزلقانات الموت المفتوحة على مسارات القطارات!.

«اشتغل» يا وزير وافتح طرقاً جديدة تربط القاهرة بأطراف سيناء والصعيد.. ولا تهتم بأن لديك مجموعة من السائقين والمحولجية وعمال الأبراج والفنيين فى الورش بدون تطوير وبدون تدريب وبدون مرتبات حقيقية تكفل لهم الإخلاص فى العمل، لم يتلق واحد منهم تدريباً على مستوى احترافى للتعامل مع الظروف الطارئة وكيفية تجنب الكوارث!.

هذا ما حدث لوزير النقل والمواصلات المستقيل الدكتور «هشام عرفات»، الذى أثارت إقالته عاصفة استهجان، على مواقع التواصل الاجتماعى، لتحميله مسئولية «سائق مدمن».. رغم أننى أؤيد تماماً تطبيق مبدأ «المسئولية السياسية».. إلا أن المشهد بدا متناقضاً: أنت أمام «مجرم» سيكوباتى كاره للمجتمع، مصاب بالتبلد واللامبالاة، فجر محطة رمسيس بإهمال وخسة وقتل الأبرياء وأصاب آخرين وهرب، ثم عاد أمام الشاشة يلوم البعض: (الجرارات كلها عايزة صيانة.. فيه نسبة خطأ مش هشيلها لوحدى).. وفى المقابل ستجد إنساناً نبيلاً هو الدكتور «عرفات» يعترف بمسئوليته السياسية، ويكتب على الصفحة الرسمية لوزارة النقل على الفيس بوك: (أن مرفق السكة الحديد عتيد ويعانى من الشيخوخة نظراً لإهمال تطويره على مدار الـ50 عاماً الماضية دون تحديث)، موضحاً أنه (بمجهودات العاملين والقيادات كافة، استطعنا وضع خطة شاملة لتطوير المرفق فى عناصر منظومة التشغيل، حيث وقعنا تعاقداً على توريد 1300 عربة قطار جديدة، و100 جرار حديث، وإعادة تأهيل وصيانة 81 جراراً، و140 عربة نقل بضائع، والبدء فى تجديد السكة لمسافات متراكمة منذ عدة سنوات، وبدء تشغيل قطارات لنقل الحاويات من موانئ الإسكندرية والعين السخنة و6 أكتوبر.. كما جرى رفع معدلات العمل بالورش وأعمال تنفيذ وتطوير المزلقانات وغلق المعابر العشوائية).

وأضاف «عرفات» (أن العديد من المشروعات فى مترو الأنفاق أنجزت، ونجحنا فى إدخال مشروع القطار الكهربائى «السلام - العاصمة الإدارية الجديدة»، .. كما أنجزت العديد من المشروعات فى مجالات الموانئ البحرية، والموانئ البرية والجافة، واللوجيستيات، والتشريعات، والطرق والكبارى).

تخيل أن الثانى بكل ما قدمه من خدمة للوطن يدفع ثمن «مزاج الأول» وتراخيه وقتله للأبرياء وفرض الحداد على الوطن بجريمة مروعة «دون أن يشعر بالذنب» لأنه ترك الجرار يقتحم رصيف المحطة مسرعاً دون سائق.. ولم ينظر خلفه حتى ليرى النيران التى أشعلها فى أرواح المصريين وأرواحنا!.

إنها مقارنة ظالمة، فالوزير، الذى يلقبونه بـ«وزير الغلابة»، قدم للشعب كشف حساب مختصراً، وسدد فاتورة فساد وإهمال أكثر من 30 سنة، وإغفال تدريب نحو 70 ألف عامل بالسكة الحديد، بينهم 4500 سائق قطار بالكاد يصلح بعضهم لقيادة «توك توك».. فخلف كل كارثة وطنية «فتش عن الكوادر البشرية».. أما الدكتور «عرفات» فقد خسرناه وخسرت مصر كفاءة نادرة.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع