الأقباط متحدون - الأب رفيق جريش يكتب: وماذا عن الخطاب الثقافى؟
  • ٠١:٥٩
  • السبت , ٢٣ فبراير ٢٠١٩
English version

الأب رفيق جريش يكتب: وماذا عن الخطاب الثقافى؟

مقالات مختارة | الأب رفيق جريش

٢٤: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٢٣ فبراير ٢٠١٩

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

الأب رفيق جريش
تتبنى الدولة ومعها الأزهرالشريف ووزارة الأوقاف وغيرها موضوع تجديد الخطاب الدينى، ونستطيع أن نقول إن هناك بعض التغيير فى المناهج الدراسية والخطاب الدينى الملقى، صحيح أنه لا يرتقى إلى ما نأمله ولكن الصحيح أيضاً أن التغيير لا يحصل من يوم وليلة، فهذه الأمور الدينية تأخذ وقتاً لتغيير ذهنية المُلقى والمتلقى، ولكن ماذا عن الخطاب الثقافى؟، فأحد العوامل الرئيسية لتجديد الخطاب الدينى هو الثقافة والارتفاع بالمستوى الفكرى والثقافى لملقى الخطاب الدينى، لأنه هو الذى يقود مريديه إن كان فى فصل دراسى أو قاعة محاضرات أو المسجد أو الكنيسة وما إلى ذلك. فالقائد المستنير يعطى استنارة ويوسع آفاقا ويؤثر على ذهنية المتلقى.

لكن تغيير الخطاب الدينى دون الاهتمام بالجانب الثقافى هو كمن يقفز فى الخواء. فالثقافة العامة والاطلاع على الأفكار المختلفة والانفتاح على الفكر العالمى عامل رئيسى لتجديد الخطاب الدينى فى مضمونه وفى أسلوب إلقائه الذى يجب أن يواكب العصر.

لقد رأيت بأم عينى اهتمام الناس بمعرض الكتاب الذى استقبل 2 مليون زائر، فرغم بُعد مسافة موقعه الجديد إلا أنه لاقى إقبالاً كبيراً خاصة من الشباب الذى أقبل على الندوات إقبالاً شديداً مما يدل إلى التعطش للثقافة والقراءة والاطلاع، وليس صحيحاً ما يرويه البعض من أن الشعب المصرى لا يقرأ وظهور كتاب شباب جُدد دليل على ذلك إلا أننا نحتاج مزيدا من الجهد فى نشر الثقافة فالبرامج الثقافية فى التليفزيون إن كان الحكومى أو الخاص هزيلة مقارنة بالمحطات الفضائية الأخرى عربية كانت أو أجنبية، كذلك المثقفون والمفكرون لهم دورفى نشر فكرهم وثقافتهم وهو شىء جيد، فازدياد عدد الصالونات الثقافية نتمنى أن يعم ربوع مصر كلها.

الدين ليس منفصلا عن الثقافة بل لصيق بها، بل هى وجهه الثانى، فما أفقر رجل الدين الذى يفسر الدين ولم يقرأ لنجيب محفوظ أو توفيق الحكيم أو غيرهما، ما أفقر رجل الدين الذى يجمع حوله مريديه ولا يعرف شيئا عن البيئة والتغيير المناخى، وما أفقر رجل الدين الذى لم يسمع طيلة حياته لقطعة موسيقية راقية أو لم يشاهد مسرحية من روائع الأدب العالمى... إلى آخره. إن الافتقار إلى التكوين الإنسانى العام، سيكون المحصلة خطاباً دينياً هزيلاً وضيق الأفق مهما تم تغيير فى المناهج أو كتبت له الخطبة لإلقائها، بينما رجل الدين المنفتح والمثقف سيؤثر أضعاف أضعاف فى المجتمع الذى حوله فيرتقى بفكر مريديه، فلنهتم بالثقافة والفكر قدر الاهتمام بتجديد الخطاب الدينى.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع