الأقباط متحدون - المرجعية الدينية تمارس دور «ولاية الفقيه»
  • ١٤:٠١
  • الثلاثاء , ٢٩ يناير ٢٠١٩
English version

المرجعية الدينية تمارس دور «ولاية الفقيه»

مقالات مختارة | سحر الجعارة

١٧: ٠٧ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٩ يناير ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

هل من المنطقى أن تُضرب الزوجة، وتهان وتُمنع من السفر، من العمل، لأنها خاضعة «بقوة القانون» لزوج مستبد لا يعرف الرحمة ولا «السكن والمودة»، ولا يعترف بالمساواة، بل ينظر لزوجته على أنها مخلوق أدنى.. يمنحه الفقهاء حق ضربها وهجرها فى الفراش بتفسيراتهم المجحفة للشريعة، ويمنحه القانون حق طلبها فى «بيت الطاعة» وإلا أصبحت «ناشزاً»؟!

هذا الوضع المهين كان يضطر المرأة إلى طلب الطلاق للضرر، وعليها إثبات «الضرر» إما بشهود حضروا واقعة الضرب، أو فى قسم الشرطة بمحضر ضد الزوج (فضيحة)، أو كما رأينا فى فيلم «أريد حلاً» تضطر أن تبوح للقاضى بأنه يضاجعها فى الدبر. وكانت الإشارة المتفق عليها هى أن «تقلب الفنجان»!

وجاءت بعض تعديلات «قانون الأحوال الشخصية» لتشرع «الطلاق خلعاً»، لتتجنب المرأة تفاصيل مؤلمة وقبيحة تنتقص من كرامتها وإنسانيتها.

استند قانون الخلع إلى الحديث النبوى، أن «امرأة ثابت بن قيس قد جاءت إلى النبى وقالت: يا رسول الله، إنى ما أعتب عليه فى خُلق ولا دين، ولكنى أكره الكفر فى الإسلام، ما أطيقه بغضاً. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردّين عليه حديقته؟ وكانت صداقاً لها. فقالت: نعم وأزيد. فقال لها: أما الزيادة فلا. وأمره أن يقبض الحديقة ويخلى سبيلها». وأخذ قانون الخلع موافقة المؤسسة الدينية الرسمية آنذاك، طبقاً للمتبع فى إصدار التشريعات المتعلقة بالزواج والطلاق.

فجأة بدأ الجدل المجتمعى مجدداً حول قانون الخلع، وقال النائب الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، إنه «بعد تعديلات قانون الأحوال الشخصية عام ٢٠٠٠ أصبح ٦٨٪ من حالات الطلاق خلعاً».. حتى وإن كانت هذه النسبة صحيحة، ألم يسأل سيادة النائب نفسه لماذا تلجأ الزوجة إلى «الخلع» وتتنازل عن حقوقها المادية، لتنجو بنفسها من قبضة رجل لا يعلم إلا الله كيف يعاملها؟

ألم يتساءل عن الأعوام الطويلة التى تقضيها المرأة طلباً للطلاق، والوقوف على عتبة «محكمة الأسرة».

يا سيادة النائب: قانون الخلع معمول به من قديم الزمن، وهو ما يسمى «الطلاق على إبراء»، ونسب الطلاق المرتفعة خلفها تنشئة اجتماعية مشوهة للذكور، وخطاب فكرى دينى مغلوط وأسباب اقتصادية.. وليس المهم هو طريقة الطلاق، بل الأهم البحث فى أسباب الطلاق نفسها التى يأتى فى مقدمتها «زواج القاصرات».

ثم فجأة دخلت مؤسسة الأزهر الشريف طرفاً فى الصراع، بعد إعلانها إعداد قانون جديد «للأحوال الشخصية وأحكام الأسرة»، رغم أنه ليس من وظيفة الأزهر إعداد القوانين، ثم صرح شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» بأن: «شيخ الأزهر ليس مشرعاً فى قانون الأحوال الشخصية والأزهر ليس مشرعاً، المشرع هو مجلس النواب». وفجأة أعلن الأزهر عن إعداد قانون جديد «للأحوال الشخصية وأحكام الأسرة» والانتهاء من صياغة 40 مادة من مواده. وغيّر الدكتور «الطيب» موقفه 180 درجة، ثم ظهر على الشاشة ليقول: «حين يتصدى الأزهر لمشروع قانون الأحوال الشخصية فهو يزاول عمله وواجبه الأول بحكم الدستور وبحكم القانون وحتى بحكم العامة هنا». وهنا احتدم الصراع، فبعدما كان أعضاء مجلس النواب يتعجلون رأى الأزهر فى مشروع قانون الأحوال الشخصية أصبح لكل طرف قانون، وكأنها مباراة الفائز فيها يمتلك «السلطة التشريعية» بالمخالفة للدستور، لأن الأزهر يفتئت على السلطة التشريعية المستقلة.

وشنّ النائب محمد فؤاد هجوماً حاداً قائلاً: «إنه لا يليق بمؤسسة الأزهر أن تحتكر القوانين التى تقدم إليها، وتشرع قانوناً من تلقاء نفسها».. وأضاف النائب: «هناك خيط رفيع جداً بين المرجعية الدينية وبين ولاية الفقيه، والأزهر هنا دوره إبداء الرأى الشرعى فقط»!.

وقبل أن يُحسم الصراع، سأعرض لكم فى المقال المقبل مشروع القانون المقدم من «المجلس القومى للمرأة» لأنه الأقرب لتلبية مطالب المجتمع وحل مشاكله.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع