الأقباط متحدون - الصدمات العاطفية!
  • ١٥:٢٢
  • السبت , ٢٦ يناير ٢٠١٩
English version

الصدمات العاطفية!

مقالات مختارة | مفيد فوزي

٤٣: ٠٧ ص +02:00 EET

السبت ٢٦ يناير ٢٠١٩

مفيد فوزي
مفيد فوزي

-١-
لى كتاب جديد يحمل عنوان «الصدمة العاطفية قبلها وبعدها»!، وعندما اتصل بى الناشر المحترم يطلب كتاباً جديداً لم يسبق نشره، داهمتنى حيرة ولّدت أسئلة! من هذه الأسئلة: هل هناك شريحة مازالت تقرأ؟ ومنها: ما طبيعة قارئ هذا الزمان وما ذوقه؟ ومنها: أكاد أجزم أنه لو أتيح لى حوار مع النجم العالمى محمد صلاح، لكان عنوان الكتاب أطول ماتش فوق الورق مع صلاح، وكنت ضمنت التوزيع بالعنوان، لكن لم تتح لى هذه الفرصة!. ومن الأسئلة: هل مازال القارئ المصرى أسيراً للكتب الدينية؟ وتساءلت: ماذا يريد أن يقرأ شبابنا إن كان يقرأ الورق؟ لقد ارتبط بالنت خصوصاً بعد أن أصبحت الحياة «واى فاى»!، وأى الموضوعات تشده وكيف الإغراء بالقراءة؟ وقد توصلت إلى صيغة أملتها علىّ طبيعة السرعة وهى «التغريدة»، فالتغريدة تقرأ أسرع من المقال الطويل والتغريدة بضعة سطور والمقال بضع صفحات، وقد استرحت لصيغة التغريدة فى مخاطبة الشباب، إذ ما عاد القارئ المصرى مشدوداً لقراءة ذلك المقال المستطرد فى مجلة «وجهة نظر» الذى كان يكتبه محمد حسنين هيكل!، كان المقال يملأ عشر صفحات وربما أكثر! وانتهيت إلى صيغة التغريدة أسلوباً فى العرض، وأنا كنت قد سبقت زمن التغريدة بسنين عندما كتبت باب سماعى فى زمن رئيس تحرير صباح الخير. كنت أكتب الملحوظة فى ثلاثة أسطر فقط!.

السؤال الذى يطرح نفسه: ما الموضوع الذى يحمل التغريد؟ وجدت أنه عواطف الشباب «أولاد وبنات» فمنذ تكوّر صدر البنت صارت أنثى، ومنذ تغير صوت الولد وصل سن البلوغ وصار رجلاً. واكتشفت أن كل شاب عنده غصة فى قلبه، كل بنت عاشت صدمة عاطفية فى حبها! تأكدت أن الشباب من العشرين إلى الأربعين وما فوقها يعانى من أزمات عاطفية وربما جروح، ولذلك عزمت - باسم خبرات عمر - أحملها فوق ظهرى وفى عقلى، على الخوض فى موضوع أظن أنه قريب لعقول الشباب وقلوبهم، فلا أجد منا صغاراً أو كباراً أفلتوا من الصدمة العاطفية أو من الخدوش والخربشات العاطفية، ولا أحد منا لم يبك حباً ضاع، ولا أحد منا لم يحمل همومه داخل صدره ولسان حاله «أروح لمين»، ولا أحد منا لا يهمس بعذاب لحبيب أو حبيبة «هاسيبك للزمن»، لقد دخلت الأغنية عنصراً يؤرخ لمشاعرنا من أول «أهواك» حتى «يا خلى القلب»، معنى هذا أننا فى حاجة إلى فضفضة وإلى من يهدينا ويبصرنا بأخطائنا. فى وقت ما فطن الدكتور مصطفى محمود إلى عذابات القلوب، فكان يرد على آهات الشكوى فى باب شهير بمجلة صباح الخير اسمه «اعترفوا لى!» وكانت تصله مئات الرسائل الدامعة!.

-٢-
قررت أن يكون موضوع الكتاب الجديد: الصدمة العاطفية ما قبلها وما بعدها!، ذلك أن هناك علاقات تحمل فى طياتها أسباب أفولها ونهايتها بصدمة. نعم، هناك أسباب بمئات التفاصيل تدعو للقرب من الحبيب وبالمثل هناك تفاصيل صغيرة تدعو لنهاية العلاقة قبل الأوان. ثم حين يتزوج الحبيبان ويعيشان تحت سقف بيت واحد، هناك ملامح مهمة تساهم فى تدعيم العلاقة، وبالمثل ملامح أخرى هى أقرب طريق إلى الطلاق. وقد استدعيت عشرات بل مئات العلاقات والزيجات وقمت بهدوء وتأمل فرز هذه العلاقات، بل إنى أبحرت فيها واستنبطت الكثير من أسباب مجهولة أدت إلى طلاق مبكر. كنت أقول إن تجربة الزواج مختلفة عن تجربة الحب. فالحب أحاسيس لا أكثر وبعض المجاملات، أما الزواج فهو تجربة عملية فى الواقع وربما كانت لواقعيتها منزوعة الأحاسيس والمشاعر، إنها الحب حين يواجه المسؤوليات ويتعرض أحياناً لكرابيج الزمن وضغوط الظروف، دخلت فى كيمياء العلاقة وفهمت أتفه الأسباب التى تجعلها تصرخ: إنت مش فاهمنى، فيرد عليها: إنتى مش فاهمانى، وبين العبارتين يكمن سر الخلاف، بعضه يقال وبعضه لارتباطه بالسرير يحجب عن القول!.

حاولت أن أعرف اتجاهات شباب هذا الزمن وبناته كيف يقعن فى الحب، وبم يحلمن ومم تتولد غيرتهن؟ اكتشفت فروقاً كثيرة بين بنات زمان وبنات هذه الأيام. بنات زمان، كان الاعتراف بالحب يأخذ شكل المعركة، فهى لا تملك أن تنطق بالحب إلا بعد اختبارات بالأشهر، فى الوقت الذى تستطيع بنت هذا الزمان أن تعترف لشاب بالحب على الموبايل وبعضهن يلجأن إلى رسالة صوتية للاعتراف بالحب!.

فى وقت ما، كنت أعيش فى بنى سويف مع أسرتى وأحببت فتاة وظللنا نتراسل لمدة ثلاثة أشهر ويحمل رسائلنا مكوجى واحد. وحين قابلتها فى منتزه عزمى سألتها عن اسمها!! أما فى هذا الزمن فما أسرع اللقاء الأول ولعله أحياناً كثيرة آخر لقاء، هنا اقتربت من فكرة المستوى الاجتماعى والفروق الحادة واقتربت أيضاً من المستوى الثقافى وخطورة الفروق بين اثنين!، ثم توقفت عند اللقاء الأول ولماذا هو اللقاء الأخير؟

وتساءلت: هل أنت تشبهين والدته أم لا؟ ذلك أن الرجل يحب امرأة تقترب من أمه! وطرحت سؤالاً على الشباب: هل تريد امرأة قوية، وما مقياس القوة؟ وعرجت على الزواج المبكر وهو يفرز الطلاق المبكر وسردت الأسباب واسألوا الأهل لا الظروف!،

وقفت عند أخطر ما يواجه الزوجين: «الاعتيادية» المولدة للملل، وحاولت أن أفهم لماذا تنجح علاقة الاهتمام الواحد، وتأملت فشل الشاعر محمود درويش الذى تزوج شاعرة!.

-٣-
تساءلت: هل حقاً الشك يحيى الغرام؟ وتساءلت: لماذا نجحت العلاقة الحميمة بين اثنين بينهما فارق كبير فى السن؟ وكنت أسأل حالات ناجحة فى سهرات مختلفة على مدى العمر، هل تصارحتما بشقاوات ما قبل الزواج، أم كفيتم عليها ماجور؟ سألت زوجات أصبن بالخرس الزوجى، لماذا هن صامتات؟ وحاولت أن أقترب من صاحب قلب مكسور يدخل فى علاقة سريعة لينسى صدمته، فهل نسى؟!

وسألت رجلاً مجرباً: هل تمل المرأة الثناء؟ وقلت لزوجة ناضجة ومثقفة سمحت لى أن أسألها: إن نصف المرأة شكوك؟ قالت: بالسليقة نعم، والرجل الذكى يمحو هذه الشكوك!. قلت لنفس الزوجة: هل عتاب الزوج منع قطار الغضب من الانطلاق؟

أحياناً الهدايا المفاجئة قد تثير الشكوك وقد عشت هذه التجربة وقررت أن تكون الهدايا مرتبطة بالمناسبات!، ولم أحظ بإجابة يوم كنت أطرح فى أى سهرة تجمع أزواجا وزوجات هل صحيح كما تقول الشاعرة سعاد الصباح: «والشرقى يأكل الثمرة ثم ينام»؟!

لقد أدركت على مر العمر أن المرأة ربما جميلة، فاتنة، مؤثرة، رقيقة، أنيقة، مثقفة. المهم طباعها!.

وأدركت من اعترافات رجال «أن أى علاقة حميمة دون مقدمات هى علاقة حيوانية بحكمها رغبة ذكورية ليس إلا! وطوال سنوات اشتغالى بالصحافة، كنت أقابل مصدومات عاطفياً، وكان نقاشنا يدور بعد الصدمة مباشرة وحذرتها من خطوات كانت على وشك القيام بها!، سألت شاباً خُدع فى حبه عن حاله، فأشار إلى جفاف حلقه قبل أن يتكلم!.

لا أنسى قول الدكتور مصطفى محمود لى: يرجى عدم الاستهانة بالحس المخابراتى فى النساء!. وهل أنسى ما علمنا إياه أحمد بهاء الدين: «ثلاثة يكشفون معدن الرجل» وتتداعى الذكريات، مازال فى رأسى كلام نزار قبانى الذى دونته فى الكتاب عن «احترام عادات صغيرة لدى الزوج وعادات مماثلة لدى الزوجة»!.

-٤-
ما أنا إلا صديق يبصرك بخطايا كانت معول هدم وأصابتك بصدمة عاطفية، وما أنا سوى كاتب يصغى لفضفضة القلوب يصوغ منها دروسا لمستقبل الأيام.

ما أنا إلا قلب أحب يوماً وانكسر وحاول الهروب فى علاقة سريعة بهدف الانتقام ونسيت أنى أنتقم من نفسى!، والكتاب الذى كتبته بحبر الصدق يحمل تجربتى وتجارب آخرين، ولولا التجربة ما عرفنا الصواب!.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع