الأقباط متحدون - المرأة بين الرجل والدولة الإسلامية
  • ١٢:٢٨
  • الخميس , ٢٤ يناير ٢٠١٩
English version

المرأة بين الرجل والدولة الإسلامية

مقالات مختارة | عادل نعمان

٥٠: ٠٦ ص +02:00 EET

الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٩

عادل نعمان
عادل نعمان

إذا كان انتصار الإسلام للمرأة كافياً فى بداية الدعوة، فهل أصبح كافيا أو منصفا أو يكفيها ويسد ما بينها وبين الرجل اليوم وغدا؟ نجيب عنه معا، وخصوصا أن الأعباء والمهام قد تشاركا فيها، وليست المشاركة بينهما اختيارا، بل حملاها معا جبرا وقدرا، فلا يقدر أحدهما على الأمانة بمفرده، وكم يتمنيان طرفا ثالثا يشد عنهما ما شد عليهما، ويرفع عنهما ما ثقل من المهام، ويعاونهما على مشقة الحياة، وهذه هى العلة والسبب الذى يدور معه الحكم «والنص حكم» وكان يجب على الفقهاء كما وجدوا لكل ضائقة مخرجا، وأوّلوا النص للخلفاء وبدّلوا وغيّروا ونسخوا الحكم وأبقوا على النص تلاوة فقط، أن يفكوا عن المراة ما أوثقوه بها، وما كتبوه فى لوحها المصون، وما عقدوا عليها من أحمال وأوزان، ولو جاءت الرسالة فى عصرنا هذا، لانتصر الإسلام لها على ما هى عليه الآن، وحررها من بعض قيودها ولعقدين قادمين على الأقل. فلو أضفنا وقوف النص عند تاريخ معين فإن الرجل قد حبسها فى تفسيره حتى لو كان النص يحمل ما تشابه عليه، بل زاد عليه ما يروق له من تفاسير، ولو أخذنا مثالا عن ابن تيمية حين رفض أن توصف المرأة بالسيدة، فكيف تسود ولها سيد يقف على بابها «وألفيا سيدها لدى الباب» ولا أدرى ما علاقة هذه الرواية باللقب، ولماذا ربطها الشيخ هذا الرباط المتين بقصة امرأة العزيز وسيدها، الذى حرم النساء من السيادة، إلا إذا كان الغرض حرمان المرأة من احترامها وسيادة الرجل فقط، ونكون قد وضعنا يدنا على أن الرجل الشيخ قد وضع المرأة فى جرابه، على هواه ومزاجه، يخرجها متى شاءت إرادته.

وتتساءل مئات النسوة فى سجون باكستان، المغتصبات منهن واللائى لا يستطعن إثبات واقعة الاعتداء عليهن من الناحية الشرعية، فهن مطالبات بإثبات واقعة الاغتصاب والاعتداء عليهن بأربعة شهود من الرجال العدول المسلمين، وهى نفس الأدلة الشرعية فى إثبات واقعة الزنى، فكيف تستطيع إحداهن أن تثبت هذه الواقعة شرعا وتأتى بهؤلاء الشهود لمشاهدة الواقعة؟ فإذا كانوا قد اقتصوا منها فى واقعة الزنى، فلم ينصفوها فى واقعة الاغتصاب، فمن الظلم أن تثبت المرأة واقعة اغتصابها بنفس إثبات الشرع واقعة الزنى عليها، إلا إذا كان المقصود أن يفلت الرجل المغتصب من فعلته، فإن ادعت امرأة أن رجلا اغتصبها فعليها أن تأتى بأربعة شهود مسلمين عدول من الرجال شاهدوا واقعة الاغتصاب، فشهادة المراة لا تقبل ولو جاءت بمائة منهن، وعاملوا واقعة الزنى كواقعة الاغتصاب، وشتان بين الفعلتين فى المواقعة والإثبات، فشهود واقعة الزنى «وهو بالتراضى»، ربما يشهدها أربعة وأكثر ولا حق لهم فى إيقافها، وربما يستمتعون بمشاهدتها، وقد يتمنى منهم من يكون مثل صاحبنا واطئا، لكن الأربعة من الرجال شهود واقعة الاغتصاب مدفوعون دفعا أن يمنعوا المغتصب من الاغتصاب، فهم لا يتمنون مشاهدتها أو حتى الاقتراب منها، ومن هذه التى تغتصب فى وجود أربعة شهود حتى يشهدوا بالواقعة على المغتصب؟ مئات النساء من الباكستانيات أسرى سجون البلد الإسلامى، حاملات مغتصبات، عجزن عن تقديم الدليل والبينة الشرعية، وهن معرضات لعقوبة الزنى.

والإسلام قد أحل للرجل ضرب المرأة، وكان مسموحا به فى حينه، وهو موروث ثقافى اجتماعى، أقرته الأديان ولم تمنعه، وقصة أيوب معروفة للجميع، وكان جزاء زوجه وإحسانها إليه وصبرها على البلاء الضرب والإهانة منه، فالمرأة التى لا تطيع زوجها فى الفراش يهجرها زوجها فى المضاجع، وكأن الفراش أساس العلاقة الزوجية وليس غيره، وله أن يستمتع بغيرها من زوجاته الأخريات، أو ما ملكت يمينه، حتى تستجيب وتخضع وتعود، وإن فشل معها الهجر يضربها، ولم ينسخ أو يلغ الضرب، مع الضرورة لظروف المرأة الاجتماعية وما صاحبها من تطور وعلو، إلا أنهم خففوه إلى الضرب غير المبرح، وتركوا للرجل مسؤولية تحديد الناعم والخشن منه، ولم يصل إلى مسامع الشيوخ شىء عن الأذى النفسى الذى تتعرض له المرأة، والفارق شاسع بين أذى المرأة المتعلمة والغير، والأذى متفاوت من زمن لآخر ومن امرأة لأخرى، ولم يكتف بالهجر والضرب فقط، بل وصل بهم الأمر أن يكون استمتاع الرجل بالمرأة هو أساس مسؤوليته فى أكلها وشرابها، فلا حق للمرأة فى أكلها وكسوتها وشرابها إذا امتنعت عن فراش الرجل وقضاء شهوته ووتره، حتى لو كان الامتناع عنه بغير إرادتها، واختلفوا على حقها فى الدواء والعلاج، وأخيرا على كفن المرأة بعد موتها ومسؤولية الزوج عنه، على نفقته أم على نفقة أهلها، وكسوتها- كما أقر لها المشايخ- واحد فى الصيف وآخر فى الشتاء، أما عن طعامها فهو كطعام المملوك «العبد»، فهما واحد؛ هكذا قال ابن تيمية.. ولنا بقية.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع