الأقباط متحدون - تغور الثورة!
  • ٢٣:٣٦
  • السبت , ١٩ يناير ٢٠١٩
English version

تغور الثورة!

مقالات مختارة | محمد أمين

٣٤: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ١٩ يناير ٢٠١٩

ثورة 25 يناير
ثورة 25 يناير

هل صحيح أن الثورة أخرجت أسوأ ما فينا؟.. هذا السؤال طرحته طبيبة صديقة، وهى ليست من أنصار الثورة على أى حال، ولكنها من حزب الكنبة.. وقالت إن ثورة 25 يناير دمرت الاقتصاد والأمن والأخلاق.. فقلت لها إن «الثورة كاشفة وليست مُنشئة».. فقالت: «سيبك إنت تغور الثورة، المهم كسبتك».. قلت لها: بل تعيش الثورة، ولا يفسد «خلافنا» للود قضية!

وقبل أن أدخل فى الموضوع، أعترف بأن حزب الكنبة هو الذى انتصر فى النهاية، أما الذين شاركوا فى الثورة فأصبحوا منبوذين للأسف.. رغم أنهم خاضوا الثورة مرتين.. مرة ضد النظام القديم، ومرة ضد الإخوان.. فى الأولى تخلصوا من الاستبداد السياسى، وفى الثانية تخلصوا من الاستبداد الدينى، وحافظوا على هوية مصر التى كادت تضيّعها «دولة المرشد»!

فالبعض يردد أحياناً كلاماً غريباً دون وعى.. يقول إن الثورة أفسدت المصريين، فتدنى السلوك العام.. وكان ردى أن الثورة «كاشفة»، أى أنها لا تصنع شيئاً ولا تخلق سلوكيات معيبة.. ولكنها سلوكيات موجودة كشفت عنها الثورة فقط.. ومصر ليست فريدة فى هذا المجال أبداً.. فقد رأينا أصحاب «السترات الصفراء» يحرقون السيارات، وينهبون المحال الشهيرة!

ولعلك تعرف أنه عندما انقطع التيار الكهربائى لمدة ساعة فى نيويورك حدثت عمليات نهب بشعة.. إذن أنت أمام سلوك بشرى تماماً، لا تختص به مصر عن غيرها، وإنما رأينا نماذج مماثلة له فى دول العالم الأول.. الأهم أن ثورة 25 يناير فى أيامها الأولى كانت نموذجاً فاخراً للثورات السلمية البيضاء قبل أن يجرى تشويهها على أيدى الفلول وشركاهم!

وأود أن أقول مجدداً إن الثورة لا ذنب لها.. وإن كنت قد لاحظت فى الأشهر الأولى تدنى بعض الأخلاق.. وكتبت سلسلة مقالات تحت عنوان «أخلاقيات الثورة وأخلاقيات الإعلام».. وكنت أرى أننا لم نقم بثورة كى نطلق ألسنتنا هنا وهناك، وإنما لكى نقدم النموذج المفقود فى السياسة والإعلام والحريات.. وللأسف لم نقدم النموذج الإعلامى ولكن «نموذج الغوغاء»!

فبالتأكيد ليست هذه هى السياسة التى ناضلنا من أجلها.. ولا هو الإعلام الذى قدمنا الدماء من أجله.. ولا هى الحريات التى كنا نتمناها.. فهل يُعقل أن يتربع على الشاشات مَن لا قيمة له ولا أهلية ولا حضور.. وهل يُعقل أن يكونوا سبباً فى هجرة الناس إلى شاشات خارج الحدود؟.. فقد كان الرأى العام يشاهدها سراً، فأصبحت هى الشاشات الوحيدة فى البيوت والمقاهى!

أكرر مرة أخرى أن ثورة 25 يناير كانت ثورة طاهرة.. ولم يكن الهدف منها أبداً إحداث حالة من الفوضى.. فكان أبناؤها يكنسون الميادين كل يوم.. ويتقاسمون اللقمة بينهم.. وكانوا يحلمون بمصر الجميلة.. ومازالت هى أساس شرعية نظام الحكم الآن.. فلا تربوا أبناءكم على كراهية الثورة!
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع