الأقباط متحدون - إنه «الإجهاض الحلال» يا فضيلة الإمام
  • ١٩:٠٢
  • الخميس , ١٧ يناير ٢٠١٩
English version

إنه «الإجهاض الحلال» يا فضيلة الإمام

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٣٦: ٠٦ ص +02:00 EET

الخميس ١٧ يناير ٢٠١٩

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

سحر الجعارة
هل وصلت لحضراتكم أنباء عن رعاية «مشيخة الأزهر» للأطفال المعاقين فى مصر؟.. وهل تعلمون أن البيانات الرسمية الصادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء تؤكد وجود نحو 10.1 مليون مواطن معاق من إجمالى عدد السكان خلال عام 2017 والبالغ 94.8.. ما بين مَن يعانى من صعوبات ومشكلات فى الرؤية، السمع، التركيز، المشى أو الصعود، رعاية نفسه، أو فهم الآخرين والتواصل معهم.. فما الذى قدمه شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» لهؤلاء؟!.

قدم لهم فتوى تقول: (من يقولون بإباحة إجهاض الجنين المشوه، تفادياً لما قد تتعرض له أسرته فى المستقبل من ألم نفسيّ، واهمون يركضون خلف سراب خادع).. وتابع «الطيب» فى كلمته بختام «ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات.. كرامة الطفل فى العالم الرقمى»، الذى استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة، قائلاً: (ليس الحلّ إباحة إجهاض الأجنة المشوّهة ولكن إنشاء مؤسّسات حديثة لإيواء الذين يولدون بعاهات وتشوّهات وتوفير حياة كريمة لهم).. ورغم أن ميزانية الأزهر لعام 2017/2018 تبلغ 12 ملياراً و821 مليوناً و561 ألف جنيه، بحسب جريدة «اليوم السابع، منها 11 ملياراً و337 مليوناً و496 ألف جنيه للأجور وتعويضات العاملين، و887 مليون جنيه لشراء السلع والخدمات، و183 مليوناً و795 ألف جنيه للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، و21 مليوناً و230 ألف جنيه لبند المصروفات الأخرى، و392 مليوناً و40 ألف جنيه لشراء الأصول غير المالية (الاستثمارات)، وذلك بدون فائض يؤول إلى الخزانة العامة (!!).

رغم ذلك، فمن حقك أن تفتح فمك دهشة واستنكاراً، خاصة إذا علمت أن هذه الميزانية الضخمة لا تخدم الوسطية والتسامح وقبول الآخر.. ولا تقدم «خدمة مجتمعية» للبشر.. ولا حتى مستشفى «الحسين الجامعى»، التابع لجامعة الأزهر قدم أى شىء لذوى الاحتياجات الخاصة!. لم يعلن أحد أن ميزانية الأزهر قدمت كرسياً متحركاً لمعاق ولا سماعة أذن لأصم ولم تنشئ مؤسسة علاجية للأطفال المتوحدين أو المنغوليين.. فما علاقة ما أقوله بإجهاض الأجنة المشوهين؟.

أولاً إن الجنين المصاب بمتلازمة «داون» أو المنغولى يمكن تشخيصه بالسونار خلال فترة الحمل، ولا أدرى ما الفائدة التى يجدها شيخ الأزهر فى تصدير نكبة للأبوين وللعالم بإنجاب أطفال عاجزين عن التواصل مع الحياة؟.. خاصة أن الإمام «الشافعى» قد أجاز إجهاض الجنين باتفاق الأبوين، كما أكد بذلك الدكتور «على جمعة» مفتى مصر سابقاً.. علاوة على أن اللجنة الشرعية للإفتاء بالإمارات، التى كان «الطيب» على أرضها، أفتت بإجهاض الأجنة المشوهة، وذلك بحسب تصريح أخصائية نساء وولادة وطب الأجنة فى مستشفى القاسمى «إيمان راشد السويدى»، لـ«الإمارات اليوم».. وذلك قبل أربع سنوات.

أما فى «بلاد الكفار»، فقد أجريت فى أمريكا جراحة نادرة، فى قلب جنين لا يتجاوز عمره 25 أسبوعاً.. قبل خمس سنوات لفتح الصمام المغلق فى قلب الجنين.. وهو ما تكرر فى مستشفى «قصر العينى» فقد أجريت عملية جراحية بالمنظار لعلاج حالة فتق الحجاب الحاجز الموجود فى الجنين.. وهو الفرع المعروف علمياً بـ«طب الأجنة».. لكن فتوى واحدة هى بمثابة «حكم بالعجز» تقرر وقف عجلة التطور العلمى.. والاعتكاف على تربية طفل معاق!.

وهى نفس الفتاوى التى حكمت بالموت البطىء على مرضى «التليف الرئوى» بمنع نقل الأعضاء من المتوفين حديثاً فى حين أن السعودية نفسها تقوم بعمليات زرع الرئة!.

لماذا قرر الإمام الأكبر فجأة التخلى عن تراث أحد الأئمة الأربعة «المذهب الشافعى»، وحكم على الأمهات والآباء بالشقاء الأبدى، وقرر أن العالم عليه أن يبتلى بأبناء معاقين.. ولم يتقدم فضيلته بدعمهم ولو بمدد روحى، ولا زيارة، ولا «هبة» من أرباح استثمارات المؤسسة الدينية.. وحتى لم يختصهم بدعوة المجتمع إلى تقبلهم وتنمية مهاراتهم قدر الإمكان، ولم يخصص لهم «خطبة» من خطبه التى تجوب العالم شرقاً وغرباً؟!.

لم يفتتح شيخ الأزهر فصلاً مدرسياً واحداً لأطفال «التوحد» بالمدارس الأزهرية، ولا للصم والبكم، ولا جرب مرارة الحزن لأم تحمل فى أحشائها جنيناً يعانى وجود سائل فى جمجمته بدلاً من الخلايا، وتعلم أن مصيره الموت المؤجل!.

لا يعرف الإمام الأكبر مدى انتشار العيوب الخلقية فى القلب، وهى أكثر التشوهات الخلقية شيوعاً والمسبب الأول للوفاة فى السنة الأولى من الحياة.. وفى كل عام تشخص حالة من 100 طفل، هؤلاء يموتون بسبب تكلفة الجراحة التى يحتاجها الطفل.. فما الذى قدمه «الطيب» لهؤلاء من إمكانيات الأزهر المهولة؟.. هل سمع مثلاً عن مركز السير «مجدى يعقوب».. أم أنه قبطى لا يجوز التبرع لمستشفاه؟.كارثة مصر الحقيقية أن «العلم» يدار بـ«الفتاوى»، والطب فى قبضة من ينادى بالتداوى بالأعشاب والحجامة.. بزعم أنه «الطب النبوى».. رغم أن «الكفار» -فى عهد الرسول- كانوا يتداوون أيضاً بنفس الطرق!!.

إنه «الإجهاض المشروع» بالعقل والعلم والدين أيضاً.. لكن الوصاية الدينية تفرض نفسها لتملأ العالم بالمعاقين بدنياً وذهنياً!.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع