الأقباط متحدون - مئة سنة سادات3-3
  • ٠٩:٤٢
  • الجمعة , ٢٨ ديسمبر ٢٠١٨
English version

مئة سنة سادات3-3

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٥٧: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ٢٨ ديسمبر ٢٠١٨

السادات
السادات
د. مينا ملاك عازر
توقفنا في المقال السابق، عند نجاحات السادات في السياسة الخارجية، وعلاقاته مع أمريكا وعلي وعد بعرض خسائره وأخطاءه وجرامه في هذا المقال -بإذن الله- خسر السادات الدعم السوفييتي الذي كان يمكن أن يدعمه في التفاوض ولو بورقة إمكانية العودة لهم، وذلك بقطعه العلاقات معهم، بعد التوتر الذى تسببت فيه زيارته للقدس، ثم خسر العرب إذ كان يمكن تقدير هذا خسارة، فأذهانهم المغلقة جعلتهم يقدرون أن ما يفعله لسادات خطأ، لكنهم أدركوا فيما بعد أنه محق، وأنهم يتمنون نصف ما قدمه لهم من التفاوض مع إسرائيل، لكنه خسر دعم مادي من العرب النفطيين، فجعله يتخذ قرار رفع الدعم الذي سرعان ما تراجع عنه بسبب رفض شعبي ضاري نفتقد قوته الآن في كثير من القرارات السياسية والاقتصادية الغير مقبولة في كثير من بلاد العالم.
 
سياسات السادات الداخلية بدأت بجريمة حين حرر الإخوان من السجون وتركهم يعيثون بالبلاد فساداً وبالتعليم وبالجامعات خراباً حتى جندوا الكثيرين من المتعلمين وأشباه المتعلمين والجهلة وقتلوه شخصياً، فتح أبواب البلاد للمد الوهابي التكفيري القادم بأموال الخليج، وترك العنف يستشري في البلاد، رعى الفتنة الطائفية لميوله الكارهة للمسيحيين، رغم حكمة البابا شنوده لاستيعابه في البداية، لكن الميل للديكتاتورية وإحساسه بالنشوة دعاه يصل لصدام مع كل صوت مثقف حر، حتى أنه اقترف الجريمة الأشهر باعتقالات سبتمبر1981، حين اعتقل من عارضوه وترك من قتلوه.
 
أما مسألة الدعم ورفعه والعودة عن رفعه، فهي مسألة مختلف عليها اقتصادياً فهل نحن نعاني من خطأ تراجعه عن رفع الدعم أم أنه كان سياسي وإنسان يشعر بآلام المواطنين، ويجيد التراجع عن قرارات خاطئة أو بدت خاطئة أغضبت الشعب، أم أنه لم يحسن اتخاذ القرارات الاقتصادية بطريقة ناعمة وكاذبة على الشعب، تجعلهم يقبلون بها دون أن ينتفضوا كما يفعل بعض الزعماء والرؤساء.
 
السادات أخطأ وأصاب في قراراته واتفاقاته وعلاقات، فهو في الأول والآخر بشر يمكنه أن يخطئ ويصيب ويتراجع عن قراراته، لكنه أجرم حين اطلق الإسلاميين واعتقل المعارضين المحبين للوطن مهما كانت مبرراته وادعاءات أنه سيعفو عنهم فور الجلاء عن سيناء، لأنهم ما كانوا ليوقفوا الجلاء متى أراد، لكن ما كاد أن يوقفها اغتياله على ايدي من رعاهم وقواهم وأطلقهم لولا حكمة مبارك الذي أكد أن كل شيء سيسير كما هو، وأجبر الإسرائيليين على الجلاء في موعدهم.
 
أهم ما فعله السادات في وجهة نظري، أنه لجأ لسياسة الانفتاح التي اعتبرها البعض سداح مداح، ولست أظن أن المشكلة كانت في الانفتاح ولكن في كيفية تنفيذه، وهي الجريمة التي يفعلها الكثيرين من الزعماء حتى الوقت الحالي، حين يتبنون سياسة ما ولا يعرفون كيف ينفذونها، فلو كان السادات وسياسته الانفتاحية قامت على بناء المصانع ودعم الزراعة، كان أفضل من بناء المدن الجديدة التي بقت مهجورة، ولا أقول ألا يفعل هذا لكن ترتيب الأولويات كان خاطئ، إذ فتح أسواقه للمنتج العالمي، ولم يؤمن صغار المنتجين الوطنيين ومحدودي الدخل من توحش الأسعار بتغول رجال السوق العقاري وهي مسألة للأسف من البلد التي يظن رجال الحكم بها أنهم ينهضون بها، ولا يدرون أن نهضتهم هذه تأتي على رقاب الفقراء، ولا يفعلون ما يفعله السادات بالتراجع للحظة، ليبقي على هؤلاء الفقراء على قيد الحياة.
 
المختصر المفيد إلا اعتقال الوطنيين مهما كنت مختلف معهم، فهم لن يأذوك إلا إذا كنت غبي وتصر على غباءك، وعدم سماعك لصوت معارضيك المخلصين للوطن.