الأقباط متحدون - عمارة الإنسان في 90 دقيقة
  • ٠١:٥٣
  • الأحد , ١٨ نوفمبر ٢٠١٨
English version

عمارة الإنسان في " 90 دقيقة "

مدحت بشاي

بشائيات

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الأحد ١٨ نوفمبر ٢٠١٨

 عمارة الإنسان  في
عمارة الإنسان في " 90 دقيقة "
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
 
باختيار صائب للضيف وموضوع الحلقة وتوقيت إجراء اللقاء وعرضه ، أرى أن استضافة البرنامج الشهير " 90 دقيقة " للدكتور " شاكر عبد الحميد " الباحث والناقد الكبير  وأستاذ علم النفس وزير الثقافة الأسبق ، ومناقشة  موضوع " بناء الإنسان ثقافيًا " ، وبإدارة حوار من جانب إعلامي أكاديمي مثقف " محمد الباز " كان للحلقة في النهاية  الحصاد الوفير والهام..
 
لقد أكد " د. عبدالحميد "، أن سر بقاء الشعب المصري يتمثل في إبداعه، منوها بأن الشخصية المصرية لديها الحيلة وحين تفشل الحيل يكون اللجوء للتحايل، ومضيفًا "المصري عنده قدر من الفهلوة ، ولكن ضميره يجعله يعتذر لو أضر بالآخرين".
وأشار مفكرنا إلى أننا نفتقد إلى الدراسات العلمية حول التطرف والإرهاب ، ونحتاج إلى مركز دراسات متخصص لها، ومركز آخر لاكتشاف الموهوبين في كافة المجالات.
 
وفي معرض تقديم الضيف لعدة اقتراحات ميزت الحلقة ورفعت من قدر  أهميتها ، قال إننا نحتاج أيضًا إلى وضع خريطة ثقافية لمصر، تتضمن معلومات تفاعلية حول عدد الفنانين في مصر والمتاحف و ودور السينما والمعابد وكافة المزارات السياحية، ونحتاج إلى جامعة مصرية كبيرة للفنون ولا يوجد لدينا سوى أكاديمية واحدة وهي لا تكفي .. وأشار د.شاكر إلى أن  مصر لديها الإمكانيات التي تؤهلها لتنافس فناني هوليود وتحقيق أضعاف الأرباح مما يعرض في دور السينما.
 
لاشك  أن هناك هناك العديد من الأمثلة الثقافية الناجحة عالميا وعربيا وعلينا أن نحتذي بها ولدينا الفكر الذي يؤهلنا لذلك .. لقد قدم البرنامج نموذج إعلامي طيب وهام .. ونتمنى أن تواصل أجهزة الإعلام دورها في دعم التوجه والتوجيه نحو  بناء الإنسان والاهتمام بالصناعات الثقافية ، استثمارًا لدعم جهود الدولة ومشاريعها لتمكين شبابنا في كل مواقع العطاء الإنساني مؤسسة الرئاسة لمثل تلك الجهود بحماس رائع.
 
إن المتابع للسلوكيات والثقافات الرديئة التي شابت أخلاقيات بعض شرائح الناس في بلادي  الفترة الأخيرة ،  يحتم علينا أهمية التركيز على تطوير معالجات التصدي لها  لتجاوز تبعاتها بدعم من مؤسسات الدولة وأجهزة التشريع والمراقبة ..
 
رحم الله كاتبنا الساخر الرائع  " جلال عامر " ، ففي واحدة من أشهر كتاباته الدالة والموجزة لحال واقعنا الثقافي والفكري ، ومعاناتنا ونحن نعيش ضحايا تسلل فكري متخلف وارد بيئات لم تصلها بعد إضاءات وتجليات حضارات ما بعد قرون الإنسان الصحراوي القبلي .. كتب " مع بدايات القرن التاسع عشر ، بدأت مصر  نهضتها مع اليابان ، ثم حدث أن اليابان انضربت بالقنابل الذرية ومصر انضربت بالتعصب الديني .. فحدث الفارق " .. 
نعم ، قد يسهل في كثير من الأحيان ومع شعوب صاحبة إرادة واعية أمر العودة للحياة والتنمية بعد التفجير المدمر للحجر والبشر والزرع والريف والحضر كما حدث في اليابان ،  إنما معالجة التفجير الفكري الغاشم لحضارة و هوية بشر كما حدث على أرض المحروسة ، فالأمر محتاج إلى بذل جهد أكبر و مقاومة  التعايش مع تبعات ذلك التفجير المعنوي والإنساني للأسف من جيل إلى جيل ..
 
ولعل من أهم سبل السعي لبناء الإنسان في مصرنا الحبيبة ، ضرورة الاقتراب للتعرف على ملامح الشخصية المصرية والهوية والتاريخ والجغرافيا المؤثرة في صياغة وتشكيل تلك الملامح ..
 
في كتابها الرائع " الشخصية المصرية " تذكرنا الدكتورة " فاطمة حسين المصري " بأن البيئة الطبيعية التي تضم المصريين بما لها من مزايا كثيرًا ما تبعث في نفوسهم الطمأنينة والتفاؤل والمرح .فنهر النيل بمائه العذب ، وطميه الخصيب بما يفيضه على الوادي ، من خير كثير جعل أهلها منذ أقدم العصور هم أيضًا أقدم الزراع في العالم يهبهم النيل ماءه فتهب الأرض ثمارها ، يجنونها فرحين مبتهجين يرددون الأغاني في الحقول ، ويبتهجون بمواسم الحصاد في كل عام .كذلك سماء مصر الصافية ، قليلة الغيوم ، مشرقة دائمًا بالنور والأمل ، صريحة واضحة ، طبعت الناس بصفاء النفس وانفراج الأسارير ، وصراحة القول .
 
نعم ، و لم يعرف المصريون عداء الطبيعة لهم وقسوتها عليهم فأحبوها وأحبوا الحياة فدفعهم ذلك إلى الرضى والتفاؤل وانبسطت وجوههم بالابتسام ، والضحك ، واللحن ، والغناء فجاء أدبهم بسيطًا كبساطة الحياة هادئًا هدوء الطبيعة عذبًا عذوبة النيل صادقًا معبرًا عن نفسية بلد وادع أمين لم يعرف إلا الحب والخير .