الأقباط متحدون - بيوت الله في حماية دولة القانون
  • ١٠:٢٠
  • السبت , ٢٤ نوفمبر ٢٠١٨
English version

بيوت الله في حماية دولة القانون

مدحت بشاي

بشائيات

٤٣: ١١ ص +02:00 EET

السبت ٢٤ نوفمبر ٢٠١٨

صورة تعبرية
صورة تعبرية

 كتب : مدحت بشاي

بكل بساطة ، عرف أهل القانون ومعاهم أهل السياسة " المواطنة " أنها الوجود الإنساني و السياسي للمواطن والوطن في وحدة واحدة كأساس لأي تحرك بأمل تحقيق تقدم وتطوير النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وصولًا إلى تحقيق نهضة حقيقية وارتقاء حضاري عظيم ..
 
لأنه وبكل بساطة أيضًا أرى أن ضياع ركيزة " المواطنة " بذلك التفهم هو ضياع للتعريف الأساسي لمعنى ومدلول كلمة " الوطن " بدلالاته التي نتداولها ماديًا ورمزيًا و عاطفيًا ، و غياب الوطن الحقيقي في النهاية ..
 
ففي الوطن الحقيقي ، وبذلك التصور لمعنى المواطنة ينعم المواطن بالعزة والكرامة الإنسانية عندما يعيش في رحاب وطن مستقل يوفر لمواطنيه الحصول على كل حقوقهم مقابل أداء واجباتهم ، بمساواة كاملة ودون أي تمييز أو ممارسة أي ضغوط سلطوية مكدرة لحالة سلامهم الإنساني والاجتماعي .. لتلتقي وتتوافق حرية الوطن مع حرية مواطنيه على كل المستويات وفي كل الظروف ..
 
فالعيش في كنف وطن مستقل غير تابع ، وتمارس الديمقراطية بكل التزاماتها السياسية على أرضه وبحرية يتأكد لنا فيها الإيمان بمدلول تعريف " المواطنة " عبر ممارسات يتأكد فيها عدم الاستخفاف بقدرات وكفاءات المواطن وإمكانياته الإبداعية باعتماد سياسات الإقصاء التعسفي السلطوي ..
 
ولا ريب أن " المواطنة " وفق هذا التصور لا تُبني ولا يوجد لها أثر  إلا في بيئة سياسية ديمقراطية قانونية ، تتجاوز كل أشكال انتظار المن وطلب الحقوق بذلة أو إهانة .. مفهوم المواطنة في الفضاء السياسي والاجتماعي ، هي قاعدة العدالة والمساواة ، فكلما التزم المجتمع بهذه القيم ومتطلباتها ، أدى ذلك على المستوى العملي إلى بروز حقائق إيجابية في طبيعة العلاقة التي تربط بين مكونات الوطن الواحد وتعبيراته ، فمقتضى العدالة الاعتراف بوجود التعددية في الفضاء الاجتماعي والسياسي وتنظيم العلاقة بين هذه التعدديات على أسس المواطنة المتساوية .
 
تلك كانت افتتاحية استهلالية ضرورية أردت بها التعبير عن حالة الضيق والتبرم لعدم محاسبة من ينالون من حقوق المواطنة الكاملة لمواطن حر ، عندما يطالع ذلك المواطن  إطلاق الداعية السلفي المصري " عماد رفعت " تصريحاً يبدى فيه اعتراضه على كلمة لمفتي مصر اعتبر فيها أن الكنائس إعمار في الأرض وأنها بيوت لله يُذكر فيها اسمه...هذا الاعتراض أتى في بيان بعنوان "ما لكم كيف تحكمون"، بدأه رفعت بعرض كلام فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام، واضعاً رده في إطار ما سمّاه بالسعي إلى عدم "إضاعة العقيدة" و"تمييع الشريعة".وقال رفعت: "اعلم أيها المسلم في مصر وفي كل بقاع الأرض أن ما قاله مفتي الجمهورية يُعَدّ كذباً صريحاً على الله تبارك وتعالى وتمييعاً للشريعة ومساواة بين الشرك والتوحيد"، مستشهداً بآية " أفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ/ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" .. 
 
وأضاف: "الكنائس ليست بيوتاً يُعبد فيها الله ولكن يُعبد فيها يسوع وهذا أمر يخصهم وحسابهم عند ربهم، أما أن نُساوي بين الشرك والتوحيد وبين المسجد والكنيسة فهذا ما لا نرضاه ولا نسكت عنه أبداً، فشتان بين بيت يُعبد فيه الله وبين مكان يشرك فيه بالله".
 
وكان علام قد أشار في ندوة، في 23 أكتوبر، إلى أن بناء الكنائس من إعمار الأرض باعتبارها بيوتاً من بيوت الله، عارضاً قول الفقيه المصري الكبير الليث بن سعد (713 – 791) "إن بناء الكنائس في مصر بعد الإسلام هو من عمارة الأرض، وهي مكان يذكر فيها اسم الله كثيراً".
 
يحدث هذا ، رغم تأكيد الرئيس فى واحدة من إشاراته الطيبة الوقع والرائعة فى دلالة توقيت إعلانها ورجع صداها الإنساني، خلال مشاركته فى قداس عيد الميلاد بالكاتدرائية " أنتهز الفرصة دى وأقول يارب أنا هنا فى بيت من بيوت الله.. يارب احفظ مصر .. يارب الاستقرار لمصر ، ويارب أغننا من فضلك عمن سواك " ..إنه التقدير الطيب لقدر ودور " بيوت الله " .
 
أيضًا ، كيف يمكن تفهم تصريح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف أن الوزارة قد قامت بطبع 5 آلاف نسخة من كتاب "حماية الكنائس فى الإسلام" باللغة العربية، وترجمتها إلى 14 لغة عبر موقعها الرسمى، وإصدارها خلال 10 أيام، وإهداء النسخة الأولى منها للبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتوزيع باقى النسخ على الكنائس المصرية ، و الهدف من الإصدارالتأكيد للعالم كله على سماحة الإسلام، وأن ما يصيبه من محاولات تشويه لا يمت لسماحته بصلة ؟!
 
وأسأل ، لماذا لم يكن عنوان الكتاب مثلًا " حماية دور العبادة في الإسلام " كان أهون شوية ، فوقع تخصيص الحماية للكنائس فقط يؤكد على ما يسوقه أهل التشدد أن الأقباط في ذمة المسلمين .. يا معالي وزير الأوقاف المساجد والكنائس في حماية دولة العدل والقانون ... وقولكم أن الكتاب والإهداء للبابا للتأكيد على سماحة الإسلام أمر غريب أيضًا ، فماذا لو كانت ديانة أخرى غير الإسلام ليس بها هذا القدر الذي تثمنونه من السماحة ،أما كان وفق تصريحكم لن يتم حماية الكنائس أوحتى وجودها ؟!
 
وأعود لتصريح أخر للرئيس السيسي الذي كان ينبغى تفهمه من قبل أصحاب تلك المفاهيم .. قال سيادته أمام شباب العالم في المنتدى الأخير " قبل كده مكنش فيه أبدا دولة بتفكر.. أنا بتكلم عن مصر، مكنش فيه دولة بتفكر إنها تبنى دور عبادة لمواطنين غير المساجد ، دلوقتى لأ.. الدولة معنية بإنها تبنى فى كل مجتمع جديد الكنائس لمواطنيها لأنهم لهم الحق فى العبادة كما يعبد الجميع ، لأنه حق المواطن إنه يعبد كما يشاء أو لا يعبد، لأن ده موضوع إحنا مندخلش فيه .. "