الأقباط متحدون - ولماذا لا نُحدّد إقامة «د. الهلالى»؟
  • ٠٢:٣٨
  • الخميس , ٦ ديسمبر ٢٠١٨
English version

ولماذا لا نُحدّد إقامة «د. الهلالى»؟

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٣٥: ٠٧ ص +02:00 EET

الخميس ٦ ديسمبر ٢٠١٨

سعد الدين الهلالى
سعد الدين الهلالى

سحر الجعارة
فى اليوم الذى أصدر فيه الدكتور «محمد المحرصاوى»، رئيس جامعة الأزهر، قراراً بمنع أعضاء هيئة التدريس بها من العمل أو الظهور أو التصدى للفتوى فى وسائل الإعلام المختلفة، أو القيام بعمل من أعمال الخبرة أو إعطاء استشارة إلا بترخيص أو موافقة رئيس الجامعة.. كان الدكتور «مبروك عطية»، الأستاذ بجامعة الأزهر، ضيفاً على الإعلامى «شريف عامر» فى قناة «Mbc»!.

المهم لماذا ظهر.. وهل حصل على تصريح من جامعة الأزهر بالظهور؟

العلامة «مبروك عطية»، بعد هجومه الضارى على فستان «رانيا يوسف»، باعتبار الفستان «قضية إسلامية» تُهدّد الفضيلة وتهز أركان المجتمع، فحكم عليها أن تكون وقوداً لنار جهنم، ثم ظهر ليقول لنا رأى الفقه فى «الفياجرا النسائية».. آه والله، وقال إن من وجهة نظره أن طبيعة المرأة لا يوجد بها مشكلة فى القدرة الجنسية، بعكس بعض الرجال، الذين يحتاجون إلى مقويات، لافتاً إلى أن الأدلة الدينية والعلمية تؤكد عدم وجود مشكلة برود جنسى.

وتطرق بالطبع إلى مناطق حساسة، لا داعى لذكرها هنا.. فقد اعتدنا على فتاوى «النصف الأسفل»، التى بدأت من أعلى بإرضاع الكبير، حتى انتهت بنا إلى وطء البهائم!

نعود إلى قرار رئيس جامعة الأزهر، الذى يبدو أنه صمم خصيصاً لإخراس صوت الحق، وإقصاء الدكتور «سعد الدين الهلالى» عن المنابر الإعلامية والكتابة بالصحف.. خاصة بعد الضجة التى أثيرت حول تبرير الدكتور «الهلالى» قرار تونس بمساواة المرأة بالرجل فى الميراث.

لقد احترف «الهلالى» منذ فترة طويلة تحطيم أصنام «التراث الفقهى»، وهو ما تحول إلى حالة عداء قاتلة، ما بين مؤسسة الأزهر من جهة.. والمفكر الذى يلقبونه بالفقيه المجدّد الدكتور «الهلالى»، فقد أصبح الرجل مصدر تهديد لكهنة المشيخة، وتحوّلت آراؤه وأفكاره إلى معاول هدم تُزلزل عروشهم وتضج مضاجعهم، وتسبّب «الصداع» لأكبر عمامة فى البلد.

فأطلق الأزهر بعض العلماء من الموالين للعناصر الإخوانية بداخله، (بحصانة من الدكتور عباس شومان، عضو هيئة كبار العلماء)، لإلهاء الناس بفتاوى نكاح المتوفاة ومفاخذة الصغيرة وتحليل ملك اليمين.. وصدرت المؤسسة الدينية الرسمية لجمهور الفضائيات، (بعد سقوط عبدالله رشدى بتكفيره للأقباط)، صدّر الأزهر مكفراتياً آخر هو الدكتور «عبدالمنعم فؤاد»، ليحدثنا بدوره عن جواز «ملك اليمين»، ويحارب تونس بسيف شيخه الإمام الأكبر.. ويهاجم المفكرين والمجدّدين ويرفع ضدهم دعاوى «الحسبة الدينية».. ويمارس الإرهاب المعنوى على الجميع «دون استثناء» فمن كان «الطيب» فى ظهره لا يُضرب على بطنه!

وعلى الجانب الآخر، ظل الدكتور «الهلالى»، متمسّكاً بحرية الفكر والفقه وسيادة القانون.. فماذا يقول القانون فى قرار رئيس جامعة الأزهر؟

لقد أصدرت المحكمة الإدارية العليا، فى يوليو 2018، مبدأً قضائياً مهماً فى شأن تفسير المادة ١٠١ من قانون تنظيم الجامعات، بأحقية أعضاء هيئة التدريس فى الظهور بالبرامج التليفزيونية دون ترخيص من الجامعة.. فأكد الحكم، الصادر عن الدائرة الرابعة برئاسة المستشار الدكتور محمد ماهر أبوالعينين، نائب رئيس مجلس الدولة، فى الطعن رقم 80924 لسنة 62ق، أن «إبداء الاستشارات والآراء من أعضاء هيئة التدريس، عملاً على نشر ثقافة مجتمعية فى موضوع مهم يشغل جانباً من الرأى العام ودون تقاضى ثمة مقابل مادى لهذا العمل، فلا تمتد إليه مخالفة نص المادة (101) من قانون تنظيم الجامعات بالمنع وإلا كان ذلك منافياً لحجب صفوة علماء الأمة من ترسيخ المفاهيم والقيم الصحيحة فى نفس المواطنين، وتعطيلاً لنصوص الدستور وقانون الجامعات ذاته عن تحقيق أهدافه».

وهو ما يؤكد مدى خطأ قرار رئيس جامعة الأزهر، والخطأ فى تفسير المادة (101) من قانون تنظيم الجامعات.. وكذلك أشارت المحكمة، فى الحكم المشار إليه، إلى أن المادة (48) من الدستور تنص على: «الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب دون تمييز، بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافى أو غير ذلك».. لكن أى ثقافة تلك التى تعمل جامعة الأزهر على نشرها؟

إنها ثقافة تقديس التراث المحنّط فى توابيت المشيخة، ورفع «البخارى ومسلم» إلى مصاف الأنبياء، واعتماد نظام «ولاية الفقيه» لتحويل «هيئة كبار العلماء» إلى ملالى السنة الجُدد.. وتنصيب شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» ليكون «المرشد الروحى».. والوصى الأول والأوحد على الإسلام فى العالم العربى والإسلامى.. لدرجة تكفير تونس وحذفها من قائمة الدول الإسلامية بقرار ديكتاتورى على طريقة «الإعلان الدستورى» للمعزول «مرسى»!

هل تريدون من عالم مثل الدكتور «الهلالى» أن يفكر ويبحث ويجتهد ويحاول تجديد الخطاب الدينى فى مناخ مفخّخ بمؤامرات النفى والإقصاء.. ومسمّم بالكراهية والمصالح الشخصية؟.. هل تريدون منه حتى أن يتنفس أو يتحرك فى مساحة لا تتجاوز متراً من عالمنا؟

هل يصدق أحدكم أن الأزهر «لا يحجر على فكر أو أنه يلتزم بالقانون».. إن كان بيان الجامعة يقصد «قانون ساكسونيا» فقد يكون الكلام صحيحاً.

قرار رئيس جامعة الأزهر بمثابة «تحديد إقامة» للدكتور «الهلالى» ومن يتأمله جيداً سيعرف أنه صُمّم خصيصاً لوأد محاولات «الاجتهاد» والإبقاء على أفكار «الجماجم المتحجّرة»، التى تحتكر الإسلام لنفسها، حتى يصب فى بنوك سويسرا، ولو بنشر ثقافة «داعش» فى وطننا!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع