الأقباط متحدون - عاصمة الفن والابداع ... تحت الارهاب
  • ٠٠:٣٢
  • الأحد , ٢ ديسمبر ٢٠١٨
English version

عاصمة الفن والابداع ... تحت الارهاب

د. مجدي شحاته

مساحة رأي

٣٦: ١٢ م +02:00 EET

الأحد ٢ ديسمبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
بقلم : د. مجدى شحاته
شهدت شوارع باريس ومدن فرنسية اخرى تظاهرات بالغة العنف ، هى الاكثر تخريبا ودمارا فى عصرها الحديث . فرنسا بلد الديمقراطية والحرية والفن والجمال ، شارع الشانزليزيه وسط باريس الشارع الساحر، الذى يترك ذكريات رائعة لكل من خطى على أرضه .
 
أقتحم باريس ومدن فرنسية متعددة تظاهرات صاخبة مدمرة ، يقودها ممن يطلق عليهم محتجى " السترات الصفراء " الغاضبون من رفع أسعار الوقود والاعلان عن سياسات اقتصادية جديدة والتى أعلنها الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون منذ اسابيع قليلة .
 
السبت الماضى  تصاعدت حدة التظاهرات والشغب ، مابين تدمير وحرق السيارات العامة والممتلكات الخاصة والعامة وعمليات نهب وسرقة ، الامر الذى دعى الى غلق ابواب البنوك والمحلات التجارية والمقاهى والمطاعم فى كثير من انحاء البلاد .
 
  تصادمات قوية ما بين قوات الامن ، واصحاب السترات الصفراء ، أدى الى استخدام القنابل الصوتية والغازات المسيلة للدموع ومدافع المياة فى محاولات لتفريق المتظاهرين الذين طالبوا الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون بالاستقالة .
 
وقد وصف الرئيس الفرنسى تلك الاحداث الخطيرة بانها " حرب " .
 
والمعروف ان فرنسا بلد الديمقراطية والحرية والفن والجمال ، يسمح القانون فيها بالتظاهر السلمى بطرق شرعية حضارية ، بالاضافة الى ان الفرنسيين من الشعوب التى تعشق بلادها وتراثها ومقدساتها ، ولا أحد منهم يفكر بسهولة المشاركة  فى هذا المشهد التخريبى ، ان لم يكن مدفوعا من قوى خارجة . لذا يعزى بعض المحللون ان هذا العنف يرجع الى فشل محادثات بين مندوبين من اتباع السترات الصفراء ووزير البيئة ، تقابلوا بعدها مع الرئيس
 
الفرنسى الاسبق ، ويبدوا انه من خلال اللقاء تم عمليات من الشحن والتحريض ضد الرئيس الفرنسى الحالى ماكرون .
 
الامر الذى دعى بعض المحللين بالتوقع مسبقا بالحشد للتظاهر يوم السبت ، وان هناك أهداف اخرى للعنف أبعد كثيرا من مجرد رفع اسعار او اصدار قرارات اقتصادية . بعدها صرح وزير الداخلية الفرنسى ، بأن هناك حركة منظمة يقودها محترفون على مستوى عالمى وراء أعمال الشغب فى فرنسا . وهناك محللون سياسيون يرون ان تظاهرات باريس ما هى الا انعكاسا للأحتجاجات الى ضربت بريطانيا مؤخرا ، بعد الاعلاان عن الخروج من الاتحاد الاوروبى فيما عرف باسم تظاهرات " البريكست " البريطانى .  
 
الامر المثير للدهشة ان نفس المشهد الذى تعيشه فرنسا من عنف وتخريب وارهاب ، انتقل ليتكرر صورة طبق الاصل  الى شوارع وميادين العاصمة البلجيكية بروكسيل ، خاصة لأمام مبنى الاتحاد الاوروبى فى أهم شوارع بروكسيل . 
 
هناك بعض التصريحات من وزراء فرنسيين لابد من التوقف امامها ، من بين هذه التصريحات ما عبرت عنه آنياس بيزون وزيرة الصحة الفرنسية ، بان العنف غير مقبول وان المتظاهرين من محتجى السترات الصفراء عليهم ان يجاهروا ويعلنوا بمعارضتهم لعمليات العنف والتخريب التى فرضت نفسها على مطالبهم المشروعة ، فقالت : " أود ان اسمع من 
 
اصحاب السترات الصفراء وهم يقولون ان هذا النوع من التظاهر استولت عليه جماعات متطرفة وانهم لا يقبلون ذلك " . وفى تصريح آخر لوزير الداخلية الفرنسى  كريستوفر كاستنر ألمح فى تصريح له ، بان المشاهد التى انتشرت خلال الاحتجاجات لأصحاب السترات الصفراء لا يمكن تحملها وان قوات الامن يتم استهدافها من قبل " بلطجية مخربيين ".    
 
بعض المحللون السياسيون يتوقعون بل ويؤكدون ان ما تشهده باريس او بروكسيل من عنف وتخريب ، بانها امور يمكن احتوائها ، وانها تظاهرات ستمر وتنقضى ولن تؤدى الى ثورات ، حيث ليس هناك أطماع فى كرسى الحكم . وآراء اخرى ترى الامور أكثر خطورة ، على مستوى القارة العجوز اوروبا ، وان حركة اصحاب السترات الصفراء ربما تمتد وتنتشر فى دول اوربية مجاورة فى مقدمتها هولندا والمانيا وصولا الى بريطانيا ، خاصة بعد انتقال الشغب من فرنسا الى بلجيكا . والسؤال الذى يطرحه البعض : هل تشهد القارة الاوروبية ربيعا اوروبيا على غرار الربيع العربى الذى اقتحم المنطقة العربية خلال السنوات القليلة الماضية  ؟؟ الايام القليلة القادمة ستجيب عن هذا التساؤل الصعب ، لكن لابد  مع الوضع فى الاعتبار ، ان هناك كثير من  الظروف والعوامل التى تعيشها اوربا ، تختلف كل الاختلاف عن المنطقة العربية .