الأقباط متحدون - هل كفر الرئيس «السبسى»؟
  • ١٢:٢٩
  • الاثنين , ٢٦ نوفمبر ٢٠١٨
English version

هل كفر الرئيس «السبسى»؟

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٤٧: ٠٦ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٦ نوفمبر ٢٠١٨

السبسى
السبسى

سحر الجعارة
لو قال أحد إن «القرآن ربع الدين فقط والسنة ثلاثة أرباع» لربما رفع ضده شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» قضيه ازدراء أديان.. لكننا الآن نستند إلى «النص القرآنى»، أياً ما كانت نسبته فى نظر د . الطيب. سأبدأ من آيات الميراث (من 7 إلى 12) التى وردت فى سورة «النساء».. وسأتوقف عند الآية 3، دون أن أدعى أننى أكثر علماً من علماء الأزهر ومفتيه، لأطرح بعدها سؤالى.. يقول المولى عز وجل: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عليهم فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً).. وهو ما فسره الفقهاء السابقون على زماننا بكل ما فيه من متغيرات، بأن من حضر منكم مريضاً عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله فى العتق أو الصدقة أو فى سبيل الله، خشية إذا مات وله ولد ضعاف «يعنى صغاراً» أن يتركهم بغير مال، فيكونوا عيالاً على الناس؟

فما بالك ونحن فى زمن أشد ظلماً وقهراً، يحرم المرأة من ميراثها فى ريف مصر والصعيد بحجة «العادات والتقاليد» وعدم نقل إرث العائلة إلى «زوج غريب»؟!

السؤال الذى يجب أن نطرحه الآن: هل أصبحت تونس دولة كافرة لأنها بدلت فى أنصبة الميراث وساوت بين الرجل والمرأة؟

أم يجوز لنا أن نستنبط من حكم الآية السابقة أن المرأة، وهى الحلقة الأضعف فى المجتمع، يجب أن نحصنها بالميراث ضد الضياع، وأن نتخذ من حق «الوصية» التى أمرنا بها الله، حق الأب فى التوصية لبناته بما يشاء فى الحدود المسموح به شرعاً؟

لقد أقرت الحكومة التونسية تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذى يتضمن أحكاماً تساوى فى الإرث بين الرجل والمرأة، ولم يبقَ أمام القانون، حتى يصبح سارياً، سوى موافقة البرلمان التونسى.. وكان مشروع هذا القانون الذى أعلنه الرئيس التونسى «الباجى قائد السبسى» فى أغسطس الماضى، قد أثار جدلاً واسعاً فى تونس وخارجها، على اعتبار أنه يسعى إلى جعل المساواة هى القاعدة العامة، مع تمكين المواطنين الراغبين فى الاستثناء منها.

ومن المتوقع أن ينقسم البرلمان التونسى إلى فريقين خلال عرض القانون، الفريق الأول من النواب يسعى إلى جعل المساواة فى الإرث هى القاعدة، فيما يسعى الفريق الثانى، (الذى يمثل الفريق الثانى «حركة النهضة»، أحد أجنحة تنظيم الإخوان الإرهابى)، إلى جعل الحكم الشرعى هو القاعدة والمساواة استثناء.. والأرجح أن يفوز أنصار «المساواة الكاملة فى الإرث».

لقد سبق للأزهر أن انتفض ضد المحاولات الإصلاحية للرئيس «السبسى» لإنصاف المرأة هناك، وأطلق رجاله يكفرون تونس، ثم هاجم الدكتور «الطيب» نفسه تونس، وفتح عليها المدفعية الثقيلة قائلاً إنه يرفض المساس بعقائد المسلمين وأحكام شريعتهم بحكم مسئوليته الدينية التى يتحمَّلها الأزهر منذ أكثر من ألف عام إزاء قضايا الأمتين العربية والإسلامية، مضيفاً أنه «لا اجتهاد أمام القرآن مثل آيات المواريث الواردة فى القرآن الكريم، والنصوص الصريحة المنظمة لبعض أحكام الأسرة».. فرد عليه مفتى الجمهورية التونسية «عثمان بطيخ» قائلاً: «أهل مكة أدرى بشعابها، ولا يمكن التدخل فى شأن ونقاش داخلى فى تونس».

وبيَّن «بطيخ» أنه استند فى مسألة جواز المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة إلى «جوهر الدين الإسلامى الذى جاء ليكون خيراً للناس وسعادة لهم، وليس شراً أو شقاءً، وأنه أينما كانت مصلحة الناس كان شرع الله».

التغيير مقبل ولن يستطيع الأزهر أن يوقفه، سواء من السعودية التى تعمل على تنقية الأحاديث النبوية الضعيفة، أو من تونس التى تفعّل «حق الاجتهاد» حتى لو اصطدم بالنص.. كفِّروها مهما شئتم.. لكن اسألوا أنفسكم، لماذا تخرسون أمام ما تفعله «الرياض»؟!.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع