الأقباط متحدون - الثلاثى البنَّاء
  • ٠٩:٥٣
  • السبت , ١٧ نوفمبر ٢٠١٨
English version

الثلاثى البنَّاء

مقالات مختارة | وسيم السيسي

٠٥: ٠٧ ص +02:00 EET

السبت ١٧ نوفمبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

وسيم السيسي
منذ أسبوعين كنت ألقى محاضرة فى كلية طب سوهاج، وعند العودة اضطرارا فى نفس اليوم فى قطار 3.5 مساء والذى وصل القاهرة 12 منتصف الليل، لحضور مؤتمر شرم الشيخ، وجدت دورات مياه القطار فى حالة سيئة جداً، رائحة الأمونيا تزكم الأنوف، طلبت المسؤول، جاءنى، قالت له: إن حضارة الأمم نحكم عليها من دورات المياه، وهذه كلمات شارل ديجول، وأرجو أن تذهب وتعاين بنفسك، قال: حاضر، وفى عشر دقائق ستجد شيئاً آخر!.

لم تمر عشر دقائق إلا وقد تغير الحال! المطهرات، المعطرات، النظافة الكاملة، شكرت المسؤول والعمال كثيراً وأخذت أفكر: حقاً إن كلمة نقد بغية الإصلاح وفى أدب، هى أعظم كلمة فى قاموس أى لغة، لماذا لا يتحدث أى متضرر مما يراه أو يسمعه؟! الشىء الثانى، ما دامت إمكانيات النظافة متوفرة، لماذا لا يقوم بها المنوط به القيام بها؟ هل غياب الرقابة؟ هل عدم الاهتمام بالمسافرين؟ قال الشاعر:

ولم أرَ فى عيوب الناس عيباً كنقص القادرين عن التمام!.

إذا كان النقد البنّاء يجعل حياتنا أفضل، فالحِلم بمعنى الصبر يجعل تعاملاتنا أسهل، كان معن بن زائدة يُضرب به المثل فى الحلم، حتى تراهن فريقان على ذلك، فأرسلوا له من يخرجه عن حلمه مقابل ناقة حمراء «أنثى الجمل».

ذهب الموعود للأمير وقال:
أتذكر إذ لحافك جلد شاة، وإذ نعلاك من أدم البعير؟ قال معن: أذكره ولا أنساه!

قال: فسبحان الذى أعطاك ملكا، وعلمك الجلوس على السرير!. قال معن: سبحانه على كل حال!.

قال: فجُد لى يا ابن ناقصة بشىء، فإنى قد عزمت على المسير!. قال معن: أعطوه ألف درهم.

قال: قليل ما جئت به، وإنى لأطمع منك فى المال الوفير!. قال معن: أعطوه ألفا أخرى!.

خجل الرجل وقال:
سألت الله أن يبقيك ذخرا، فما لك فى البرية من مثيل!. قال معن: هجوتنا أعطيناك ألفين، تمدحنا نعطيك أربعة آلاف.. اذهب على بركة الله!.

أيضاً مما يجعل الحياة أجمل وأسهل: شجاعة الاعتذار أو الكلمة الطيبة، قص علىّ أحد الأصدقاء كيف قام حوار حاد بينه وبين زوجته، قالت له بصوت عال: لازم تعرف إنى مش بوشين!. قال لها فوراً: وحتى لو كنت بوشين، سيكون كل وش أجمل من الثانى!.

ابتسمت الزوجة وهدأت، وعاد بينهما السلام!. إذن: النقد البنّاء، الحِلم الجميل، الكلمة الحلوة، ثلاثى يهدم النكد والشقاء.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع