الأقباط متحدون - مناقض لتراث أصولى «82»
  • ٢٠:٣٨
  • الجمعة , ١٦ نوفمبر ٢٠١٨
English version

مناقض لتراث أصولى «82»

مقالات مختارة | بقلم دكتور مراد وهبة

٢٧: ٠١ م +02:00 EET

الجمعة ١٦ نوفمبر ٢٠١٨

دكتور مراد وهبة
دكتور مراد وهبة

بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على تأسيس «المجلس العربى للطفولة والتنمية» برعاية صاحب السمو الملكى الأمير طلال بن عبدالعزيز، وبناء على توصية صادرة من جامعة الدول العربية لإعداد طفل عربى قادر على المشاركة فى تنمية مجتمعه والتعامل مع المتغيرات الكوكبية الجذرية فى سياق تنمية وعى الطفل وايقاظ ذاته المبدعة. والغاية المنشودة فى نهاية المطاف تأسيس مجتمع المعرفة استناداً إلى تكوين عقل جديد لإنسان جديد فى مجتمع جديد.

وفى هذا السياق أيضاً عقد المجلس منتداه الخامس فى شهر أكتوبر من هذا العام. وقد دعانى إلى المشاركة تلميذى رفيع المقام الأستاذ الدكتور حسن البيلاوى، أمين عام المجلس. وقد اقتصرت مشاركتى على مائدة مستديرة جاءت تحت عنوان «تمكين الطفل العربى فى عصر الثورة الصناعية الرابعة» فى القرن الحادى والعشرين. واللافت للانتباه هنا صك مصطلحات ثلاثة: عقل جديد وإنسان جديد ومجتمع جديد. والجرأة هنا تكمن فى تكرار لفظ «جديد»، كما تكمن فى أن هذا الجديد يشير إلى قطيعة مع القديم.

والسؤال بعد ذلك:

ما هو هذا القديم المطلوب اجتثاثه حتى يمكن تأسيس الجديد؟
جرى العرف فى الإجابة عن هذا السؤال أن يكون المقصود بالقديم هو التراث.

والسؤال إذن:

ما هو هذا التراث المطلوب اجتثاثه؟
إنه يتحدد بتحديد ما أفرزه من ظواهر سلبية.

والسؤال إذن:

ما هى هذه الظواهر السلبية؟
أظن أنها تتمثل فى سلبية كبرى تأتى فى الصدارة وهى ظاهرة «الإرهاب الدينى» وما ينطوى عليه من عقل أصولى لإنسان أصولى فى مجتمع أصولى.

وهكذا تأتى هذه المائدة المستديرة فى سياق ما أكتبه من مقالات تحت عنوان «أصوليات هذا الزمان». وإذا كانت الأصولية تعنى على نحو ما أرى أنها «التفكير فى النسبى بما هو مطلق، وليس بما هو نسبى» فالعلمانية إذن هى «التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق».

وفى هذا المعنى يمكن أن يقال إن الغاية المنشودة هى اجتثاث الأصولية وما يلازمها من إرهاب. وبديل هذا الاجتثاث تأسيس عقل علمانى لإنسان علمانى فى مجتمع علمانى.

وإذا كان العقل العلمانى عقلا نسبيا، أى ليس فى مقدوره امتلاك الحقيقة المطلقة، وإذا كانت الحقيقة المطلقة واحدة، فإن تعددها أمر محال، لأن الحقيقة المطلقة بحكم معناها تنفى المنافسة من قبل أى حقيقة مطلقة أخرى. لكن النفى هنا فى جوهره ليس إلا نفياً للحقيقة ذاتها. وبديل نفى الحقيقة هو المعرفة التى لديها القوة على الاتيان بالجديد من أجل تغيير هذا الوضع القائم على تراث أصولى يرفض إعمال العقل فى النص الدينى، كما يرفض أى نظرية علمية لا تتسق مع حرفية ذلك النص.

ومن هنا صك عميد الإدارة فى أمريكا بيتر دركر مصطلح «مجتمع المعرفة» الذى يؤسسه ويديره عقل مبدع لإنسان مبدع. وأظن أن طفل مجتمع المعرفة هو الطفل الذى يريد تنشئته «المجلس العربى للطفولة والتنمية».

وأكتب هذا المقال تمهيداً لحوارات سيجريها الأستاذ الدكتور حسن البيلاوى من أجل إحداث تيار تنويرى لتأسيس المجتمع المنشود.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع