الأقباط متحدون - توم كروز الفنان من دون الإنسان.. ديانة الساينتولوجيا
  • ٠٢:٤٢
  • الأحد , ٢١ اكتوبر ٢٠١٨
English version

توم كروز الفنان من دون الإنسان.. ديانة الساينتولوجيا

مقالات مختارة | أحمد المسلمانى

٠٧: ٠١ م +02:00 EET

الأحد ٢١ اكتوبر ٢٠١٨

أحمد المسلمانى
أحمد المسلمانى

(1)
اسم هذه الديانة صعب.. هذا صحيح. اسمها «الساينتولوجيا» أو «العِلمولوجيا». واسم المؤمنين بها «الساينتولوجيين». وحين يمتدح أحدهم تقوى زميله يقول: إنه ساينتولوجى صالح.. ملتزم بساينتولوجيته!

إنَّه دين «توم كروز» و«جون ترافولتا» وغيرهما من الذين يفخرون بخروجهم من المسيحية واعتناقهم الدين الجديد. وقد اندهش الملايين حول العالم وهم يتابعون ما نشرته الصحافة مؤخراً بشأن امتناع توم كروز عن لقاء ابنته ذات الاثنى عشر عاماً.. لأنها ترفض ترك المسيحية واعتناق الساينتولوجيا. ثم اتضح للقراء.. أن الديانة الساينتولوجية تمنع لقاء الأهل والأقارب حتى لو كانوا من الأبناء.. إذا لم يدخلوا فى دين آبائهم.. وأن ذلك الامتناع قد يصل إلى أعوام طويلة، وقد يمتد إلى العمر كله!

(2)
تأسست ديانة «الساينتولوجيا» فى الخمسينات من القرن العشرين.. أسّسها كاتب أمريكى فى أدب خيال علمى.. صاغ الكاتب رواية باتت «الكتاب المقدس» لمن اتبعوه.. وآمنوا به.

تقوم أركان هذا الدين على الإيمان بأن البشر قد عاشوا فى كوكب آخر. وأن زيادة عدد السكان جعلت من الحياة على ذلك الكوكب عبئاً كبيراً. وأنَّ «طاغية كوْنى» قد قرّر إنقاذ الكوكب.. وذلك بتجميد الملايين منهم، ونقلهم وهم «مجمَّدون» إلى كوكب الأرض.

ثم إنَّه ألقاهم فى فوهات البراكين.. ثم ضربهم بالقنابل الذرية.. حتى ماتوا. وبعد ذلك أخذ أرواح هؤلاء الموتى الذين أزعجوا كوكبهم الأصلى.. وزرعها فى أجسادٍ جديدةٍ.

وهكذا بدأت الحياة البشرية على كوكب الأرض. وحين يموت الإنسان فى نهاية الحياة.. فإن روحه تصعد من تلقاء نفسها إلى «كوكب الزهرة».. حيث يتم إعادة برمجتها من جديد.. ثم إيداعها فى جسدٍ آخر. وهكذا تظل الروح دائرة فى بشرٍ كثيرين.. من جسدٍ إلى آخر.

(3)
تقوم العقيدة فى هذا الدين على أنه يجب أن يكون الإنسان بلا عاطفة أو مشاعر.. أن يكون الإنسان كالآلة.. إنسان بدون خصائص إنسانية.

إن «ميكنة الإنسان» وإلغاء حياته النفسية هما أساس العقيدة.. فلا بكاء ولا ضحك.. لا سعادة ولا تعاسة.. إلّا بقرار.. مثل قرار تشغيل الآلة تماماً. الضحك إرادة وقرار.. لا إحساس أو شعور.

إن أول علم يجرى التخلص منه هو «علم النفس».. حيث لا علم نفس.. لأنه ببساطة لا نفس أصلاً.. بل إنسان يسيطر على ذاته تماماً. إنه إنسان آلى حقاً، لكن مع امتلاك الروح التى تعطيه الحياة. إنه يشترك مع الإنسان الآلى فى باقى صفاته.. من إلغاء العاطفة.. بكلِّ أشكالها.. إلغاءً تاماً.

هنا يمكن فهم.. لماذا لم يلتقِ الممثل توم كروز ابنته.. وإعلانه أنه لن يلتقيها أبداً.. ما لم تنضم إلى دينه. ذلك أن الممثل الشهير قد حصل على أعلى رتبة دينية فى هذا الدين.. وحسب العقيدة الدينية.. فإنه أصبح يسيطر على نفسه تماماً.. من دون مشاعر أو عوارض الضعف الإنسانى كالحب والانتماء.

(4)
ثار جدل كبير فى الغرب حول الدين الجديد.. وتم رفع دعاوى قضائية ضده.. لكن القضاء البلجيكى حكم فى ربيع 2018 لصالح الدين.. وعدم إدانة أعضائه. تعترف إسبانيا وأستراليا بديانة الساينتولوجيا.. لكن أمريكا وبريطانيا وألمانيا لا تعترف.

يواجه الدين الجديد نقداً شديداً من المثقفين والباحثين.. يقول نقَّاد الدين: إن مؤسس الدين كاتب خيال علمى.. جعل من أفكارٍ مسليّة ديناً جديداً. ويروى باحثون أن أصل الفكرة كان مجرد «رهان» على أسرع طريقة لكسب مليون دولار.. وأن المؤسس قال إنه سيكسب الرهان.. ويحقق المليون دولار من فكرة جديدة.. وهى تأسيس دين جديد.. وجمع التبرعات لأجل هذا الدين. وحسب شهادة زوجته.. فإن مؤسس الديانة كان «مضطرب نفسيّاً».. وأنه اختطف ابنته ذات يوم، وقال لزوجته: أنا فى كوبا.. وابنتنا معى.. وأنا سأقطعها وأطعم بها الأسماك!

يشعر علماء السياسة والاجتماع بالقلق الشديد من ديانة الساينتولوجيا.. ذلك أنه دين يلغى الإنسان.. ويجعله مجرد آلة تخضع لعلم الهندسة وليس لعلم النفس. ثم إن ذلك خطر كبير على الدستور والديمقراطية.. وفكرة الدولة والوطن.. والمبادئ الإنسانية وقيم العائلة.

ثمّة من يتهمون قادة ديانة الساينتولوجيا التى تمتلك عدة منشآت دينية فاخرة.. بجنى أموال طائلة تصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار.. وأن الديانة تلاحق من يخرج عليها.. أو يعود إلى سابق أفكاره وإيمانه.

(5)
إنه الفراغ الروحى فى العالم المعاصر.. الحاجة إلى الإيمان.. والإشباع النفسى.. واستقرار القلب والعقل.

كثيرة هى الديانات الجديدة التى تحاول ملء هذا الفراغ الكبير.. عبادات وعقائد.. لا تبدو مقنعة حتى للأطفال حديثى الولادة. لكنها تمضى إلى أتباعٍ وأتباع.. وأموالٍ وأموال.. ونجوم ومشاهير. إنهم أناس غير محظوظين نهائياً.. إنهم يبحثون عن الارتياح بعيداً بعيداً.

ليس أسوأ حظاً ممن راح يبحث عن الإيمان بعيداً عن الله.. وليس أوفر حظّاً ممن رضى الله عنه.. فأوصله إليه.. فعاش وقد ذاق حلاوة الإيمان الصحيح.. تلك الروعة التى لا تفوقها روعة.. روعة الإيمان بالله.

إن المرء ليُذهل وهو يجد عقولاً كبيرة.. وأسماء رفيعة.. وهى تقطع آلاف الأميال فى الطريق الخطأ.. ثم لا تصل إلى شىء. إن أروع عبارات الحمد والثناء.. التى تتردد على أسماعنا فى كل جمعة: الحمد لله الذى هدانا لهذا.. وما كنّا لنهتدى لولا أن هدانا الله.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع