الأقباط متحدون - ضناً بها
  • ١٣:٥٨
  • الخميس , ١٨ اكتوبر ٢٠١٨
English version

ضناً بها

مقالات مختارة | سمير عطالله

٥٢: ٠٨ ص +02:00 EET

الخميس ١٨ اكتوبر ٢٠١٨

سمير عطالله
سمير عطالله

 أثار الإعلامي الشهير عمرو أديب ضجة أخرى عندما أثار في برنامجه حكماً بالحبس ثلاثة أشهر على سيدة فتّشت «موبايل» زوجها. 

وقال عمرو: الزوج هو الذي يرعى الزوجة. بمعنى يكفل حياتها. لديّ في هذه المسألة رأي آخر أحب تسجيله إلى جانب الزملاء والزميلات الذين اعترضوا أو أيّدوا: أنا ضد التسلل إلى خصوصيات الزوج أو الزوجة. ومن حيث المبدأ، الأفضل أن يكون هاتف كلٍّ منهما مفتوحاً للآخر في حال طارئة، أما التسلل في الخفاء دليل عدم ثقة، وقد يهدد سلامة الزواج.
 
أما عقوبة السجن ثلاثة أشهر فشططٌ قانوني: بأي نفسية سوف تعود هذه السيدة من السجن إلى المنزل الزوجي؟ وإذا كانت أُماً، فكيف سينظر أبناؤها إلى الأب الذي يرسل أمهم إلى السجن لسبب ضئيل مثل هذا السبب؟
 
أمَا أنه لا يحق للمرأة مثل هذا الخطأ لأن الرجل «يرعاها»، فالقضية في بلدٍ مثل مصر لها وجهان. فالمرأة تكاد تتساوى - على الأقل من حيث المبدأ - مع الرجل في مسألة «الرعاية»، أي الدخل والعمل. وتعد قرينة عمرو، الأستاذة لميس الحديدي، أحد الأمثلة الساطعة على هذا الواقع. وتمتلئ حكومة مصر بالوزيرات، وجامعاتها بالأستاذات، ومستشفياتها بالطبيبات. وتتجاوز مداخيل المرأة في السينما والمسرح والتلفزيون، مداخيل الرجال، أو الذكور.
 
اللهم إلا دخل الأستاذ أديب الذي سجّل رقماً قياسياً في العالم العربي. ولا تنافسه في هذه المرتبة سوى سيدات. بقدر ما أنا معنيٌّ، وما دام لكل صاحب منبرٍ الحق والحرية، فالملاحظة تنحصر فقط بكلمة «رعاية». فإذا كان الزوج يرعى بحكم طبيعة البشر، فإن المرأة ترعى هي أيضاً بلا حدود: زوجة وأماً وابنة وشقيقة. وكان طبيعياً أن تمر كلمة عمرو أديب من دون اعتراض لو لم يكن يتمتع بمثل هذا الجمهور الكبير. وشعبيته قائمة، بالدرجة الأولى، على مهارة الحوار وإثارة القضايا والوقوف غالباً إلى جانب الشرائح المغلوبة في الوطن العربي.
 
طبعاً هذا موضوع أُثير ويُثار وسوف يظلُ موضوع جدلٍ في مجتمعاتنا. فكيف يستقيم استخدام مصطلح «الرعاية» عندما تكون سيدة عربية ترأس أكبر وأهم مجموعة اقتصادية مثل «تداول»؟ وإذا أردنا نموذجاً في الطبقات المتوسطة تُطالعنا صورة شرطية تدقق في الجوازات في مطار دبي أو الكويت. دعْك من ذلك المشهد المألوف في حقول مصر وبلدان المغرب العربي، حيث ترى أحياناً المرأة تشقى في الفلاحة والقطاف بلا حدود. ربما من الأنسب لنا، معشر الرجال، أن نستخدم مصطلحات أكثر لطافة في الحديث عن هذا النصف الآخر، الذي هو في الغالب، النصف الأكثر جمالاً والأكثر عطفاً والأكثر صبراً وشقاءً في السهر علينا والرعاية لأبنائنا.
 
نقلآ عن الشرق الآوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع