الأقباط متحدون - الدين وتنظيم النسل
  • ١٣:٣٧
  • الثلاثاء , ١٦ اكتوبر ٢٠١٨
English version

الدين وتنظيم النسل

مقالات مختارة | القس رفعت فكري سعيد

٥٢: ٠٧ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٦ اكتوبر ٢٠١٨

القس رفعت فكري سعيد
القس رفعت فكري سعيد

كثر الجدل عن رأى الدين فى تنظيم النسل، هل يصرح به أم لا؟ هل تنظيم النسل يتفق مع القيم الدينية؟ وهل تنظيم النسل فيه معارضة لإرادة الله؟

مما لاشك فيه أن الأديان لم تفرض شرائع أو مبادئ على الإنسان ليحيا فى بؤس ومرض وشقاء، كما أن الأديان لم تعلمنا أن ننجب أجيالًا من البشر البؤساء الذين يتزاحمون ويتقاتلون ويتصارعون بسبب قلة الموارد، هذا فضلًا عن أن الأديان لم تنادِ بكثرة الإنجاب للتفاخر، حيث إن التباهى والتفاخر يكونان بالابتكار والتقدم العلمى وليس بالعدد، كما أن الأديان جاءت لتكون فى خدمة الإنسان وليس فى شقائه أو تعاسته، أين كرامة الإنسان فيمن ينجب ويلقى بأولاده فى الشارع؟، أين الكرامة الإنسانية فيمن ينجب ويترك لأولاده الفقر والجهل والتخلف والمرض؟، إن الأديان هدفها كرامة الإنسان، وتكوين أسرة سعيدة هو هدف نبيل، ولكن كيف تكون الأسرة سعيدة ورب الأسرة غير قادر على الإنفاق وتسديد الاحتياجات بسبب كثرة الإنجاب؟ إن الإنجاب غريزة طبيعية، وليس هناك على الأسرة أى حرج من أن تنظم نسلها وتحد من إنجابها، وهنا يأتى دور العقل فى حياتنا، فالدين يأمرنا باستخدام عقولنا، لذا فعلينا أن نتدبر بعقولنا أمور حياتنا.

وإن كان البعض يرى أن كثرة العدد يضمن الانتصار فى الحروب، فالحروب الهجومية والقتال هى من الشرور المتأصلة فى المجتمع الإنسانى، وهى لا تتفق مع شريعة الله،‏ لهذا فمجرد إنجاب النسل، بغية الحرب، شر،‏ أما إن نظرنا إلى حاجة الدولة الدفاعية، فالحرب فى القرن الحادى والعشرين ليست حرب كثرة أفراد، بل هى حرب علمية وتكنولوجية.

وقديماً نادى البعض بكثرة النسل لهدف آخر وهو «نشر الدعوة»، وقالوا إن الدعوة تنتشر بزيادة الأبناء من الدين الواحد،‏ ولعله صار من الواضح جداً – فى القرن الحادى والعشرين – أن نشر الدعوة الفعال لا يتم بكثرة النسل، بقدر ما يتم باستخدام وسائل الإعلام استخداماً يؤثر فى الجماهير،‏ يضاف إلى ذلك أن وجود قلة من الأبناء الأقوياء النابهين أفضل من كثرة من الضعفاء الجهلة،‏ فالنوع أهم من العدد،‏ والكيف أهم من الكم.

كذلك من التفسيرات الخاطئة التى تشيع بين الناس أن الله تكفل بالرزق لكل كائن حى، والجميع يعلم أن الله هو الرزاق، ولكن الله جعل لكل شىء سببًا،‏ ولذا لابد من الأخذ بالأسباب واستخدام عقولنا لتدبير أمور حياتنا،‏ وعدم استخدام العقل يُعد من الذنوب الكبرى، خاصة أن العقل لا يتعارض مع الدين،‏ وأن هناك فرقًا بين التواكل والاتكال على الله.

لهذا فإن القول «الولد ييجى ورزقه وياه» قول يُبنى على أساس من التواكل، ولو ربطنا مسؤولية الإنسان فى هذا المخطط، لتعقل الإنسان، وبنى لنفسه مخطط حياته فى ضوء الأرزاق التى بين يديه.

هل يمكن للخطاب الدينى أن يلعب دوراً فى تغيير المفاهيم الخاطئة؟

هذا موضوع المقال القادم

* رئيس سنودس النيل الإنجيلى
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع