الأقباط متحدون - ماذا بعد النجاة؟
  • ١٦:٤٩
  • السبت , ٦ اكتوبر ٢٠١٨
English version

ماذا بعد النجاة؟

مقالات مختارة | محمود العلايلي

٣٠: ١١ ص +02:00 EET

السبت ٦ اكتوبر ٢٠١٨

محمود العلايلي
محمود العلايلي

بسبب برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبعه الحكومة منذ العام 2016 بالإضافة إلى انتهاج البنك المركزى سياسة نقدية متشددة، أدى ذلك إلى أن تكون مصر بمنأى عن تداعيات أزمة الأسواق الناشئة إلى حد كبير، وذلك عن طريق خطوات حكيمة فى السياسة الخارجية، بالإضافة إلى الإجراءات التحوطية والاستباقية للبنك المركزى، مما ساعد على استقرار سعر الصرف- لمدة طويلة- اعتمادا على آلية العرض والطلب.

إن ما يقوم به البنك المركزى سياسات نقدية دفاعية لواقع اقتصادى يتميز بالتقلبات الشديدة، حيث اعتمدت التدفقات الدولارية أغلبها على تحويلات المصريين بالخارج والتى تجاوزت 26.5 مليار دولار للعام المالى الماضى، بينما مازالت السياحة تتعافى ببطء، وفى نفس السياق نجد أن هيئة الرقابة على الصادرات والواردات قد أعلنت أن حجم التبادل التجارى قد بلغ 59.6 مليار دولار خلال الأشهر الثمانية المنقضية، حيث بلغت الواردات 43 مليارا و143 مليون دولار بينما بلغت الصادرات 16مليارا و540 مليون دولار فقط خلال نفس المدة!.

إن للإصلاح الاقتصادى تداعيات على المستوى القريب ويعانى منها ذوو الدخل المحدود والدخل الثابت، فهل هذا التضخم نتيجة «الارتفاع المستمر والمؤثر فى المستوى العام للأسعار مما يؤدى إلى تقليل القوة الشرائية للأفراد»، أم نتيجة «لزيادة الطلب عن المعروض»، فلقد ارتفع المقابل الذى يدفعه المواطن مقابل السلعة أو الخدمة، ولكن هل زاد ثمن السلعة فعلا أم أن مساهمة المواطن فى السلعة التى يقتنيها أو الخدمة المقدمة قد زادت ليقارب ثمنها الحقيقى، بسبب رفع الدعم عن الطاقة مؤثرا بشكل مباشر على مختلف وسائل التصنيع والنقل وبالتالى على الأسعار، بالإضافة إلى تحرير سعر الصرف مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة وبالتالى زيادة أسعار الواردات.

صحيح أن العبء واحد فى الحالتين، ولكن المهم هنا أن العلاج مختلف، حيث تتطلب زيادة الأسعار إجراءات للحماية الاجتماعية من ناحية، والتأكيد على مبدأ التنافسية لضبط الأسواق بفتح المجال لمستثمرين جدد وتشجيع دخولهم فى المجالات الاستثمارية المختلفة لخلق حالة من المنافسة مع الشركات القائمة ليؤدى ذلك إلى تحسين الخدمات وضبط الأسعار، بينما يتطلب التضخم فى حالة زيادة الطلب على السلع والخدمات عن المعروض، قيام الدولة بسياسات مالية بخفض الإنفاق الحكومى وزيادة الضرائب أو كليهما معا، حيث المطلوب تخفيض الطلب الكلى ليتساوى مع العرض الكلى من السلع والخدمات، ويؤدى خفض الإنفاق بالإضافة إلى الضرائب إلى تقليل السيولة فى أيدى الأفراد والبنوك والمؤسسات، وهى حالة مختلفة عن حالتنا بكل تأكيد.

وبينما يعمل البنك المركزى على خفض سعر الفائدة لخفض عجز الموازنة وتشجيع الاستثمار، بإدارة السياسات النقدية للمحافظة على الأسعار وأسعار الصرف على قدر الموارد المتاحة- نجد الأمر بالغ التعقيد، والمعطيات بالغة التشابك، فبينما الاعتماد على تحويلات المصريين فى الخارج أمر شديد الخطورة، حيث يعتمد على العديد من المعطيات السياسية التى تتميز بالتأرجح وعدم الثبات، يأتى الاعتماد على دخل السياحة، ولكنها تظل رافدا غير مضمون لارتباطها بمحددات سياسية وأمنية تتسم بالتذبذب والكثير من التوجس، بينما يبقى الأمل فى الكشوفات الجديدة فى مجال الطاقة والتى يعول عليها فى خفض الواردات فى هذا القطاع.

ومع حساسية تلك الموارد فإنها الطوق االذى يبقى الاقتصاد المصرى طافيا، بينما يظل العامل الذى يشد الاقتصاد نحو الغرق-بالإضافة إلى خدمة الدين- هو الفارق بين الواردات والصادرات من ناحية والرقم المتدنى للصادرات الصناعية من ناحية أخرى، بينما الارتفاع بهذا الرقم هو الحل الوحيد للخروج من الدوائر المفرغة للاستدانة والمعونات وعجز الميزان التجارى وانخفاض سعر العملة وارتفاع سعر الفائدة والعجز الدائم فى الموازنة العامة للدولة، ليعيش المصريون يتعلمون ويعالجون ويخترعون ويتاجرون ويبدعون ويؤمّنون أيامهم ومستقبل الأجيال القادمة.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع