الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم.. وفاة فتحى رضوان
  • ٠٦:٥٧
  • الثلاثاء , ٢ اكتوبر ٢٠١٨
English version

فى مثل هذا اليوم.. وفاة فتحى رضوان

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٤٥: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢ اكتوبر ٢٠١٨

فتحى رضوان
فتحى رضوان
فى مثل هذا اليوم 2 اكتوبر 1988م
سامح جميل
فتحي رضوان سياسي وصحفي ومفكر مصري، كان وزير للإرشاد القومي (الإعلام) في بدايات عهد ثورة 23 يوليو، كما كان عضو مؤسس في حزب مصر الفتاة مع أحمد حسين. أنشأ مجلس حقوق الإنسان المصري.
 
ولد فتحي رضوان في مدينة المنيا بمحافظة المنيا بتاريخ 14 مايو 1911م، ليس من أصل صعيدي غير أن والده كان يعمل مهندساً للري في هذه المدينة، ثم انتقلت الأسرة بعد ذلك بعامين أو ثلاثة إلى القاهرة، واستقر بها المقام في حي السيدة زينبة.
التحق بالمدرسة الأهلية ثم مدرسة محمد علي وحصل على الابتدائية عام 1924م، وحصل على الثانوية من إحدى مدارس أسيوط حيث كان والده يعمل هناك. تعرف منذ الصغر على أحمد حسين التي توطدت بينهما الصلة وصارا صديقين حتى انفصلا عن بعضهما البعض عام 1942م. وبعد حصوله على الثانوية التحق بكلية الحقوق عام 1929م وتخرج عام 1933م ليعمل في مجال المحاماة.
 
بعد تخرجه أنشأ مع صديقه حزب مصر الفتاة عام 1933م وظل رضوان به حتى عام 1937م حيث اختلف مع صديقه حول بعض الرؤى، وانضم للحزب الوطني إلا أنه لم يرق له أسلوبه في تعامله مع بعض القضايا، فأنشأ عام 1944م الحزب الوطني الجديد على مباديء مصطفى كامل، كما أصدر جريدة اللواء الجديد حيث صدر العدد الأول منها في 12 نوفمبر 1944م وظل الحزب قائماً حتى حُلّت الأحزاب عام 1953 م. وكان عضوا في المجلس الأعلى لهيئة التحرير.
 
تعرض فتحي رضوان للاعتقال كثيراً من قبل الإنجليز، لاعتراضه على بعض تصرفات الملك فاروق. كما اعترض على معاهدة 1936 م التي عقدها حزب الوفد مع الإنجليز، كما اعترض على المفاوضات التى كانت تجريها الحكومات مع المحتل وكان شعاره لا مفاوضات إلا بعد الجلاء، كما كان قريب الصلة بعزيز المصري. شارك العمل السياسي مع نور الدين طراف ومحمود مكي وأحمد مرزوق وزهير جرانه وغيرهم.
 
ترشح في الانتخابات النيابية مرتين قبل 1952، ولم ينجح فيهما، تمّ اعتقاله بعد حريق القاهرة في 26 يناير 1952م وظل في المعتقل حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952م حيث أخرجته حكومة علي ماهر باشا – والتي اختارها الجيش- ليكون وزيراً بها وظل وزيراً للدولة ثم وزيرا للإرشاد القومي (الإعلام حالياً) حتى خرج من الوزارة عام 1958م إثر خلاف مع عبد الناصر حول بعض المفاهيم والسياسات، كما كان نائباً في مجلس الأمة عن دائرة مصر الجديدة. كان فتحي رضوان معارضاً لسياسات السادات حتى اعتقل في أحداث سبتمبر 1981، وبعد خروجه عمل على إيجاد لجنة لحقوق الإنسان المصري وعمل بها.
 
مؤلفاته:
كتب في المسرح والأدب والسيرة والسياسة ومن مؤلفاته:
72 شهرًا مع عبد الناصر
أسرار حكومة يوليو
الخليج العاشق
حركة الوحدة في الوطن العربي
خط العتبة
دموع إبليس
ديفاليرا
طلعت حرب بحث في العظمة
حام صغير
محمد الثائر الأعظم
الجلاد و المحكوم عليه بالاعدام
مشهورون ومنسيون
مع الإنسان في الحرب والسلام
موسوليني
نظرات في إصلاح الأداة الحكومية.
وغيرها من المؤلفات والمقالات التي تنم على سعة أفقه الفكري والسياسي.
وفاته:
توفي في 2 أكتوبر 1988م، وعمره سبعة وسبعين عاماً، ودفن بجوار مصطفى كامل ومحمد فريد.
 
«صوت مصطفى كامل» لأكثر من 50 عاماً
سألت وزير الخارجية المصرية، محمد إبراهيم كامل، عن ظروف اختياره أول رئيس للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وسبب توجهه للاهتمام بهذا المجال، فأجاب: «نادانى فتحى رضوان، فلبيت النداء»، قال «كامل»: هذه الكلمات المختصرة فى لقاء صحفى لى معه عام 1988، بعد عشر سنوات من استقالته من منصبه، اعتراضا على اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
 
فى عام 1987، كنت أتابع فى مجلس الدولة دعوى قضائية رفعها ضد رفض وزارة الشؤون الاجتماعية لطلب تأسيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ونودى على الدعوى فتقدم إلى المنصة، لتستقبله هيئة المحكمة «ثلاثة قضاة» بإنحناءة حملت تقديرا خاصا منها للرجل الذى قضى عمره مدافعا عن الحق و«عاش عمره يدمج الفن بالجهاد للحق والجهاد بالفن للجمال»، بتعبير الكاتبة «صافيناز كاظم»، فى مقالها «متى كان فتحى رضوان وزيرا للسادات؟» المنشور فى جريدة «الشرق الأوسط- لندن- 1 فبراير 2005».
 
توفى «رضوان» فى مثل هذا اليوم «2 أكتوبر 1988»، وفى اليوم التالى ذهبت للقاء المفكر الكبير، الدكتور جلال أمين، فى مكتبه بالجامعة الأمريكية، فوجدته متضايقا، محبطا، متعجبا، والسبب كما قال لى: «سألت اليوم طلابى عن فتحى رضوان فلم يجِبنى أحد، وتحدث «أمين» عن جريمة «التجريف المتعمد للوعى المصرى» بعد أن كان «رضوان» نفسه هو واحد من أهم صانعى هذا الوعى عبر مسيرته النضالية الطويلة.
 
ولد فى الرابع عشر من مايو عام 1911، وفى سيرته «خط العتبة والخليج العاشق» يتحدث عن تأثره بشخصية الزعيم الوطنى مصطفى كامل، الذى كان والداه يرويان له مواقفه: «تعلمت دور الوطنية الأولى من المنزل، بل من أمى بالذات، كنت أعود من المدرسة فأجدها متجهمة الوجه ثائرة الأعصاب، وفى أحد الأيام قالت لى أمى: يا فتحى ناد إخوتك وتعال، وعندما عدت بعد لحظات مع شقيقاتى الثلاثة، وجدت أمى تجلس على أحد المقاعد وأمامها سلة كبيرة مغطاة، وما كادت ترانا حتى قالت: هل أنتم جميعا هنا اجلسوا معى، ثم رفعت غطاء السلة وأخرجت منها مجموعة من جريدة اللواء «أسسها مصطفى كامل» وبدأت تقرأ فى صوت مرتفع خطب مصطفى كامل ومقالاته، وفى إحدى الأمسيات عدت إلى المنزل متأخرا فوجدت شقيقاتى وأمى وهن ينتحبن فى صوت مسموع وأمامهن جريدة اللواء، وارتعدت لهذا المنظر فقلت فى سذاجة: أمى، ماذا حدث، هل مات أحد؟ فقالت: أجلس يا ابنى إنى أقرأ وصف جنازة مصطفى كامل».
 
فى هذه التربة الوطنية، تربى «رضوان»، وأصبح بتأثره بمصطفى كامل ومحمد فريد مناضلا فريدا، دفعت صلاح عيسى إلى أن يخاطبه فى مقاله «فتحى رضوان- خط العتبة يا حبيبى» بكتابه «شخصيات لها العجب- دار نهضة مصر- القاهرة»: «كيف حافظت على نقائك وجسارتك واتساق مواقفك على امتداد نصف قرن أو يزيد، فلم تساوم، أو تهادن، أو تبحث عن أنصاف الحلول، ولم تضعف صلابتك شهوة نفس، فتستخدم، كما فعل آخرون، لسانك الذرب لتبرير السقوط».
 
كان من طراز المناضلين المثقفين النادرين الذين اقترنت أفكارهم بالحركة. قاوم الاستعمار الإنجليزى، طوال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضى، وفى نفس الوقت كان يقدم المؤلفات القيمة فى الفكر والأدب والسياسة والتاريخ، ما أكد على ثقافته الموسوعية، ففى مسيرته النضالية واصل مع رفيقه أحمد حسين الدعوة لمشروع القرش، وأنشأ عام 1944 الحزب الوطنى الجديد على مبادئ الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل، كما أصدر جريدة اللواء الجديد، وصدر العدد الأول منها يوم 12 نوفمبر 1944، وظل الحزب قائما حتى حل الأحزاب عام 1953 بقرار من ثورة 23 يوليو.
تعرض للاعتقال أكثر من مرة كان آخرها بسبب حريق القاهرة فى 26 يناير 1952، وظل فى المعتقل حتى قيام ثورة 23 يوليو، ومع الثورة أصبح وزيرا للإرشاد القومى حتى خرج من الوزارة فى 7 أكتوبر عام 1958.
 
وفى سبعينيات القرن الماضى، أصبح من أهم رموز معارضى السادات فتم اعتقاله فى حملة 5 سبتمبر 1981، قائلا: «الرجل الذى ظل يخدعنا لمدة سبعين سنة»، وواصل مسيرته فى السنوات التى عاشها فى فترة مبارك، فاستمع إليه الآلاف فى المؤتمرات السياسية خطيبا مفوها، وتقدم الصفوف فى أكثر من مظاهرة ضد الوجود الإسرائيلى فى مصر...!!