الأقباط متحدون - خيال علمي علمك3-3
  • ٠٧:٤٦
  • الخميس , ٦ سبتمبر ٢٠١٨
English version

خيال علمي علمك3-3

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٣٦: ٠٧ م +02:00 EET

الخميس ٦ سبتمبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

د. مينا ملاك عازر
مرة أخرى، ولعلها أخيرة، أعود للحديث معكم عن دولة أرغندان الكائنة بقلب قارة فرقندون، حيث مجاهل الإنسانية، حيث استطاع سادة البلاد وحماتها تقسيم أرضها بين الصفوة والرعاع، قسم قديم بقى يقطنه العامة، وقسم جديد شيدوه مؤمناً باستحكامات أمنية مشددة وكاميرات وأسوار عالية لتأمين قاطنيه من الصفوة، لم يكن التقسيم في الأرض بالتساوي، كذلك لم يكن التقسيم في القاطنين بل مع مرور الزمن وتزايد نسبة الوفيات لأسباب شرحناها في المقالين السابقين، تناقص عدد الغوغاء وتنامى عدد الصفوة، ولكن كما قلت لسيادتكم أنه كان تنامي محسوب بدقة شديدة ليس عدداً فحسب، ولكن في جودة المواليد صحياً، وبعدها تعليمياً لحل أزمة كبرى كانت متواجدة في قادة الصفوة ومستشاريهم، وهي نسب كبيرة من الغباء والفشل المستحكمين، حتى أن فكرة كفكرة التقسيم هذه لم تأتيهم من بنات أفكارهم بل من شكوك حاقت مشاريعهم الفاشلة التي بدأوا بيها، فأعجبتهم تلك الشكوك وقرروا تنفيذها، وقالوا لأنفسهم لما لا، خبرتهم العميقة بالمسائل الأمنية جعلتهم ينجحون في تأمين الصفوة وقمع الغوغاء متى ثاروا، وقلت لسيادتك كيف؟ ولكنني كنت قد توقفت معكم عن سر عدم قدرة الغوغاء أن ينفصلوا متى وجدوا استحالة في الثورة على سادتهم.

كان العامة برغم كل ما يتجرعونه من أصناف للظلم والطغيان، ونقص في المدد الإنساني صحي وتعليم وبنية أساسية وتحتية وفوقية، حتى أنهم لم يعودوا قادرين على استخدام أجهزة التواصل والاتصال ليس لغلوها ولا غلو تكلفة استخدامها فحسب، لكن لأن المتحكمين بالموانئ لم يعودوا يوصلون لهم تلك الوسائل، وأيضاً متى أفلحوا في تهريب واحد منها، وإن فلحوا في استخدامه استخدام بسيط لتواضع مستوى التعليم، لم يستطيعوا الاستفادة منه، إذ لم يجد هذا الجهاز وسائل تجعله يتصل بالشبكات العالمية أو حتى المحلية، فلم يعد الصفوة يركبون محطات وكابلات تساعد هؤلاء على التواصل فقط، يركبون الممكن الذي ساعد في التواصل بين القسمين ليضمنوا بقاء عدم الاحتكاك بين الطبقتين، وحتى  تركيب تلك الماكينات وصيانتها لم يتم إلا في جنح الظلام، وبعد أن يقطعوا النور عن هذه المنطقة بالقسم القديم حتى يتمكن المختصين من إتمام عملهم، والعودة بسلام دون أي احتكاك، فذات مرة استطاع الدهماء أن يخطفوا أحد المسؤولين وساوموا عليه، صحيح تمت فديته لكن القصاص كان مريعاً، ولا داعي لأن أحكيه حتى لا يطقطق شعر رؤوسكم، أن لم يكن قد شاب أو تصابوا بالهلع في أقل تقدير، المهم أن الغوغاء وانقطاعهم عن العالم وعدم معرفة ما يجري به، جعلهم في غيبوبة تقريباً ولولا التاريخ الشفهي عن ثوراتهم الناجحة،لاستسلموا تماماً ورموا المنشفة مبكراً، بهذه المناسبة أود أن أقول لكم أن السادة لاستثمار المناطق السياحية التي بالقسم القديم من البلاد بنوا المطارات التي تمكن السياح من الوصول لتلك المناطق دون أن يحتكوا بالرعاع، ويعودون ليعيشوا بفنادق آمنة بالقسم الجديد ليتمكنوا من التسوق وما شابه، وأشاعوا بالعالم أن شيء مما رويته لكم لم يحدث، وبقت وطنية هؤلاء الغوغاء وحبهم لبلادهم السبب الأهم الذي وقف لجوار كل ما تقدم من إجراءات اتخذها الصفوة هي السبب الأهم لبقائهم تحت سلطة هؤلاء الطغاة، وغير قادرين على الانفصال والاستقلال.

أتوقف معك عزيزي القارئ، عند هذا الحد من الروايات المتناقلة عن دولة أرغندان، وإذا سمح وقتك والحال،سأعود لها قريباً لأحكي لك عن آهلها وأحوالها المزيد.

المختصر المفيد الوطنية في بعض الأحيان، تكون سلاحاً في أيدي الطغاة ليزدادوا طغياناً.