الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم.. قمة عربية طارئة فى القاهرة لمناقشة غزو العراق للكويت
  • ٠٢:٣٦
  • الجمعة , ١٠ اغسطس ٢٠١٨
English version

فى مثل هذا اليوم.. قمة عربية طارئة فى القاهرة لمناقشة غزو العراق للكويت

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

١٤: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ١٠ اغسطس ٢٠١٨

قمة عربية طارئة فى القاهرة لمناقشة غزو العراق للكويت
قمة عربية طارئة فى القاهرة لمناقشة غزو العراق للكويت

فى مثل هذا اليوم 10 اغسطس 1990م..
10 أغسطس 1990، عُقدت جلسة مُغلقة للقمة العربية الطارئة، وفي الساعة السابعة والربع من مساء اليوم نفسه، عُقد، ولمدة ساعتين ونصف الساعة، اجتماع تمهيدي مُغلق للزعماء العرب، للتشاور فيما بينهُم.

وخلال ذلك الوقت، كانت برقية رئيس الوفد العراقي إلى مؤتمر القمة العربية، طه ياسين رمضان، قد وصلت إلى الرئيس العراقي، صدام حسين، الذي ردّ عليها عن طريق توجيه نداء إلى العرب والمسلمين بالجهاد ضد القوات الأمريكية التي وطئت أرض السعودية، وانتقد خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري، باسميهما، للمرة الأولى، لكونهما المسؤولين عن استقدام القوات الأمريكية إلى أرض العرب.

كان المؤتمر لايزال مستمرًّا حينما علم رؤساء الوفود بمضمون النداء الذي أعلنه الرئيس صدام حسين، في بغداد، في حين كان الانقسام قد حفر مساره داخل المؤتمر، وشوهد وزير الخارجية السعودي يسلّم الملك فهد ورقة تحمل نص نداء الرئيس العراقي بالجهاد، في وقت كان الرئيس المصري قد أُبلغ هو الآخر بالنداء.

وبعد ذلك، أعطى الرئيس المصري الأسبق، مبارك، الكلمة لرئيس وفد العراق، طه ياسين رمضان، ثُم لرئيس وفد الكويت، الشيخ سعد العبدالله الصباح، ثم بفتح الباب لمناقشة عامة حول الأزمة، يليها بحث مشروع القرارات.

بدأ رئيس الوفد العراقي، طه ياسين رمضان، كلمته بشرح وجهة نظر العراق، وركز على تورّط نظام الحكم في الكويت مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقال: «أسرة الصباح كانت مشتركة مع الحكومة الأمريكية في مؤامرة ضد العراق، ولو لم يكن العراق قد سبق وتحرك لكانت المؤامرة وصلت لأخطر مراحلها، ونزلت في الكويت قوات أمريكية لضرب العراق».

وتحدث بعدها عن فساد الأوضاع في الكويت وإهدارها الثروة العربية، بينما جماهير الأمة تعاني من فقر وحرمان، ثم أشار إلى التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة، قائلًا: «إن العراق ضم الكويت، لأنه يريد تأمين نفسه، إلى جانب استعادة حقوقه التاريخية والاقتصادية الضائعة».

وردّ رئيس الوفد الكويتي، مُبديًا دهشته من إقدام العراق على احتلال الكويت، ومخالفة ذلك الغزو لكل دواعي الأخوّة بين الأشقاء العرب، ثم روى أنه في محادثات سابقة، في بغداد، أبلغ عزة إبراهيم استعداد الكويت للتنازل عن ديونها للعراق شريطة عدم إعلان ذلك.

وذكّر رئيس الوفد الكويتي الحاضرين بأنّ أمير الكويت كان يزور العراق قبل أشهر زيارة رسمية، وأن الرئيس صدام حسين أهداه أعلى وسام في العراق، ودعا شعراء العراق إلى مهرجان شعري، تكريمًا لهُ، ثم تحدث عن جزيرتي وربة وبوبيان، وقال إن العراق كانت تطلُب استئجارهما، إبّان الحرب ضد إيران، وإن الكويت اعتذرت، لأن ذلك كان معناه «أن تصف نفسها» في حالة حرب فعلية ضد إيران، التى كانت قد تقدمت هي الأخرى بطلب استئجار لتلك الجزيرتين.

بدأت بعد ذلك مناقشة عامة، وأثير موضوع التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وقال الرئيس الجزائري، الشاذلي بن جديد: «إننا مطالبون بأن نجد وسيلة عربية بحتة لحل الأزمة، وإلا فإننا قد نكون قد ضيّعنا كفاح أجيال، فأجيال من شعوبنا قضت عمرها في محاربة الاستعمار، ولا يُعقَل أن نجد الآن من يمهّد الطريق للاستعمار، كي يعود لأراضينا بقوّته العسكرية».

وتدخّل الرئيس السوري، حافظ الأسد، في المناقشة، قائلًا: «إنّ المؤتمرين يجب أن يفرّقوا بين السبب والنتيجة، فإذا كان هناك احتمال لتدخل عسكري أجنبي في المنطقة، فإن غزو الكويت هو الذي تسبّب في الأزمة، وليس العكس، إذن فعلينا أن نجد حلًّا للأزمة، وسوف أكون أول من يحاول إخراج القوات الأجنبية من المنطقة».

وتحدّث الرئيس السوداني، عُمر البشير، فقال: «لا يجوز اللجوء إلى استعمال القوة لحل الخلافات، وينبغي أن نُعطي الأولوية لانسحاب القوات الأجنبية من المنطقة فورًا، لتحل مكانها القوات العربية، ونقترح إرسال لجنة إلى العراق لبحث حل لهذه المشكلة».

وردّ الملك فهد بانفعال، قائلًا: «إن الأخ السوداني (مُشيرًا إلى رئيس السودان)، لا يعرف ما يقول، وفي كلامه كثير من الخلط، وأنا أرفض شريعة الغاب، وقد طلبنا من الدول الصديقة أن تدافع عنّا، وإن هذه القوات لن تهاجم أي دولة عربية، وإني أحتجّ على كلام الرئيس السوداني، بما انطوى عليه من مسّ لكرامة المملكة».

وتحدث عاهل الأردن، الملك حسين بن طلال، قائلًا: «لقد كان هناك من يريد تحجيم العراق وإضعافه والقضاء عليه، وهو البلد الذي ظلّ 8 أعوام يدافع عن النظام العربي، وما كاد يخرُج من المعركة حتى بدأت الأضواء تُسلّط عليه لتشويه صورته، وعشنا حالة من التعبئة ضد العراق، ولكن هذا لا يعني، بحال من الأحوال، أننا نقف مع احتلال أراضي الغير بالقوة».

والتقطَ منهُ خيط الحديث، الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، عارضًا اقتراحًا يقضي بإرسال وفد يضم 3 من الملوك والرؤساء إلى بغداد، يحملون نداء من القمة إلى الرئيس صدام حسين، يدعو إلى خروج القوات العراقية من الكويت، ولكن هذا الاقتراح لم يلق حماسة تُذكر أثناء المشاورات التي سبقت الجلسة الرسمية، إلا أنّ ياسر عرفات طرحه مرةً أخرى.

وتعالت بعدها أصوات رافضة، وتدخل العقيد معمر القذافي، يطلب أن يعقد الملوك والرؤساء جلسة سرية، تقتصر عليهم وحدهم، إذ لاحظ أن القاعة تسرّب إليها كثير من غير أعضاء الوفود، ولم يلقَ اقتراحه استجابة.

وعاد الرئيس الفلسطيني يلحّ في اقتراحه، وأضاف إليه أنه يتمنى أن يكون حسني مبارك على رأس الوفد، وردّ عليه الأخير بأنه ليس على استعداد للذهاب إلى بغداد، وبادر الرئيس المصري إلى سؤال الجزائري، الشاذلي بن جديد: «هل الأخ الرئيس مستعد للذهاب إلى بغداد؟»، فكان جوابه أنّه يفضّل أن يذهب غيره إلى هناك.

وعندما سُئل العاهل الأردني عن إمكانية ذهابه، ردّ بأنه ذهب كثيرًا إلى بغداد، فيما رفع الملك فهد يده معترضًا على الفكرة كلها، وحينها تدخل الرئيس مبارك قائلًا: إن هناك مشروع قرار تم توزيعه قبل الجلسة على الأعضاء ليقوموا بالتصويت عليه، وطلب من الموافقين على مشروع القرار أن يرفعوا أيديهم، وعدّ مبارك الأيادي المرفوعة، وقال «11 أغلبية موافقة»، ثُم رُفعت الجلسة.

واختلفت الآراء عند التصويت على قرار مؤتمر القمة العربية الطارئ، وأيضًا أثناء التصويت على النقاط التى نصّت على إدانة العدوان العراقي على دولة الكويت، وتأكيد سيادة الكويت واستقلالها وسلامتها الإقليمية، والتنديد بالتهديدات العراقية لدول الخليج، وتكليف الأمانة العامة للجامعة العربية بمتابعة تنفيذ هذا القرار، ورفع تقرير في شأنه، خلال 15 يومًا، إلى مجلس الجامعة لاتخاذ ما يراه في هذا الشأن.

وظهر الانقسام في نتيجة التصويت على تلك النقاط، إذ لم يوافق عليها كلها سوى 12 دولة، من أصل 20 دولة حضرت المؤتمر، فامتنعت كلٌّ من الجمهورية الجزائرية والجمهورية اليمنية عن التصويت على القرار، وتحفّظ منه كل من جمهورية السودان والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وعارضه كل من العراق، وليبيا، وفلسطين، كما لم تشارك تونس بالأساس...!!