الأقباط متحدون - هل تدفع الصين تدفع ثمن تحديد النسل؟
  • ٠٤:٥٤
  • الاربعاء , ٢٥ يوليو ٢٠١٨
English version

هل تدفع الصين تدفع ثمن "تحديد النسل"؟

أخبار عالمية | مصراوى

١٣: ٠٥ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

على مدى ثلاثة عقود؛ تسبب تحديد النسل في الصين في تفاقم مشكلات اجتماعية كبيرة، لم تتوقعها الحكومة الصينية حينما طبقت سياسة الطفل الواحد للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي.

ورغم أن الصين ألغت "سياسة الطفل الواحد"، وسمحت للأسر إنجاب طفل ثان، إلا أن آثارها السلبية مازال يعاني منها المجتمع، ما دفع الحكومة الصينية لدراسة إلغاء القيود على عدد الأطفال للأسرة الواحدة، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبرج" الأمريكية عن مصادر مطلعة في الصين.

وأفاد تقرير "بلومبرج" الذي نُشر الاثنين الماضي، بأن مجلس الدولة أمر بإجراء دراسة بشأن إنهاء القيود على عدد المواليد.

وأضاف التقرير أن القرار يمكن أن يُتخذ في الربع الأخير من هذا العام أو في العام 2019.

سياسة الطفل الواحد
ففي عهد ماو كانت السياسة العكسية هي المتبعة بتشجيع الإنجاب قدر الإمكان، ما أدى لانتشار الفقر والجوع، لذلك بدأت الحكومة الصينية في عام 1953 التفكير في الحد من المواليد، وخططت لوضع قانون يحدد عدد أطفال كل أسرة، وقانون آخر يسمح بالإجهاض، لكن لم يدخل هذا التخطيط حيز التنفيذ حيث لم تتحول الخطط المذكورة لسياسات فعلية.

وفي عام 1970 عندما تخطى عدد سكان الصين 800 مليون نسمة، وجدت الصين أنّ عليها اتخاذ إجراءات محددة وحاسمة لوقف الزحف السكاني في الصين، وبالفعل في عام 1975 أعلنت الحكومة الصينية سياستها لتشجيع الأسر على إنجاب طفل أو اثنين على الأكثر، ومع قدوم عام 1979 وضعت الحكومة سياستها الأشهر "سياسة الطفل الواحد"، أي أنه لا يُسمح بأكثر من طفل لكل أسرة في المناطق الحضرية.

بينما سمحت للأسر التي تعيش في الأرياف أن تنجب طفلا ثانيا، كما سمحت للأقليات العرقية، والآباء والأمهات الذين ليس لهم أشقاء، ولا تطبق هذه السياسة على المناطق الإدارية الخاصة لهونج كونج وماكاو، والتبت.

وفي حال إنجاب طفل ثان فإن الحكومة تحرمه من كافة حقوق المواطن، وتجرده من كافة الامتيازات، فهو مثلاً لن يتمكن من الاستفادة من خدمات الدولة، كالدراسة والطب ولا يحق له الانتخاب، إلا إذا دُفعت غرامة مالية كبيرة.

فيما استطاع العديد من المسؤولين في الحكومة وأفراد الطبقة الغنية انتهاك السياسة على الرغم من الغرامات فبين عامي 2000 و2005، عُثر على ما تقرب من 1900 مسؤول في إقليم هونان بوسط الصين انتهكوا هذه السياسة.

طرحت الحكومة الصينية هذه السياسة لتخفيف المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمشاكل البيئية في الصين، وقالت السلطات أن هذه السياسة منعت أكثر من 250 مليون ولادة منذ تطبيقها وحتى عام 2000.

سلبيات القرار
جنّب القرار على مدار أكثر من ثلاثين عامًا الارتفاع المأهول في زيادة السكان، لكنه أثار في زيادة في حالات الإجهاض القسري، إذ بيّنت إحصاءات وزارة الصحة أن الصين تجري -في المتوسط- 7 ملايين عملية إجهاض سنويًا.

وأظهر تقرير حكومة أن الدولة في عام 2009، وهو آخر عام مذكور، أجرت 22,8 مليون "عملية جراحية لمنع الحمل"، دون تحديد إذا كانت تلك العمليات أجريت طوعيًا أم قسريًا.

كما تسبب القرار في لجوء العديد من الأسر في التخلص من بناتهن، خاصة في القرى والمناطق الفقيرة؛ فبعض الأهالي الذين رغبوا في إنجاب الذكر ولم يقدروا على سداد الغرامة المالية إما لم يسجلوا ميلاد بناتهم، أو فضلوا الدفع بهن إلى دور التبني، وتجلت هذه الظاهرة بوضوح خلال الثمانينيات أي السنوات الأولى من تطبيق النظام.

بينما تحايل آخرون من خلال إنجاب توأم عن طريق أدوية زيادة الخصوبة، أو من خلال السفر للإنجاب خارج الصين.

وأدت سياسة الطفل الواحد كذلك إلى خلل حاد في التوازن بين الذكور والإناث فزاد عدد الذكور عن الإناث بفارق 32.66 مليون في حلول نهاية 2017، أي حتى بعد عام من إلغائها.

وتوقعت الأكاديمية الصينية للخدمات الاجتماعية أن 24 مليون رجل قد لا يمكنهم العثور على زوجات بحلول العام 2020، في حين تشير تقديرات أخرى إلى أن عدد هؤلاء قد يتراوح بين ثلاثين وخمسين مليون شخص.

وأظهرت أرقام نشرتها الجمعية الصينية للأمن الاجتماعي في العام الماضي، أنه من المتوقع أن يبلغ عدد كبار السن 400 مليون شخص بحلول نهاية عام 2035، ارتفاعا من نحو 240 مليونا حاليا مما يزيد الضغوط على خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية في البلاد.

وتزايد أعداد المسنين بسرعة كبيرة مع تراجع عدد المواليد بنسبة 3.5 في المئة إلى 17.23 مليون حتى العام 2017، فتراجع معدلات الخصوبة في الصين بصورة كبيرة للغاية لدرجة حالت دون مستويات "الاحلال الطبيعية"، جعلت المجتمع الصيني يتحول إلى "مجتمع مسنّ".

وتشير التوقعات بأنه حتى لو تم إلغاء هذه السياسة اليوم فإن الأمر يتطلب مدة تتراوح بين 16 و20 عامًا لإضافة جيل جديد إلى قوة العمل في حين أنه من المتوقع أن يُحال أكثر من 350 مليون شخص إلى التقاعد خلال نفس المدة وهو ما يتسبب في عبء اقتصادي كبير على الدولة لإعالتهم.

ونتيجة لذلك؛ فُرضت ضغوطًا متزايدة على نظام التقاعد والخدمات الاجتماعية، خاصة مع التراجع المتزايد في أعداد القوي العاملة، إذ أشارت الإحصاءات إلى انخفاض قوة العمل في الصين في عام 2012.

أما عن الآثار النفسية لسياسة الطفل الواحد فقد حذرت دراسة أسترالية جديدة نشرها موقع ساينس ديلي الأمريكي من أن تطبيق هذه السياسة أسفر عن أجيال أكثر تشاؤمًا وخوفًا من المخاطر، وأقل ثقة بالغير.

وأشارت الدراسة إلى انتشار ما يعرف بـ"متلازمة الامبراطور الصغير" بين الشباب الصيني الذين ليس لديهم أخوة أو أخوات حيث يتسمون بالأنانية والانطوائية والنزعة الاستهلاكية.

أهم مشكلة اقتصادية تحمل اسم ظاهرة "4-2-1"، وهي أن الطفل المولود سيتعرض لمشكلة تتمثل في كونه العائل الوحيد لأسرة مكونة من والدين وأربعة جدود، ما يدفع الأجيال الأكبر إلى الاعتماد على المعاشات ومكافآت التقاعد بشكل تام، أو اللجوء لقبول الأعمال الخيرية من الآخرين في حالة ضعف المستوى الاجتماعي.

محاولات لحل الأزمة
في 28 ديسمبر 2013، أقرّت اللجنة الدائمة للمؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني قانونًا يسمح بإنجاب طفل ثان لزوجين، على أن يكون أحد الأبوين وحيدًا ليس لديه أشقّاء، لكنها لم تحظ على مردود فعل كبير من الأسر التي تدخل ضمن هذه الحالة.

وفي يوم 29 أكتوبر 2015،‏ أصدرت الحكومة الصينية قرارًا يسمح لكل عائلة بإنجاب طفلين كحد أقصى دون شروط.

لكن الصين أعرّبت عن تفاؤلها، إذ قال وزارة الصحة الوطنية وتنظيم الأسرة، إن الاتجاه نحو زيادة السكان سيستمر حتى 2020، متوقعة أن يتراوح العدد السنوي للمواليد الجدد بين 17 و19 مليونا.

وأكدت أن عام 2016 شهد "نتائج ملحوظة" حيث سجل 18.46 مليون مولود، وهو أكبر عدد للمواليد سنويًا منذ عام 2000.

وبالرغم من ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجراه اتحاد النساء لعموم الصين، في يناير الماضي، أن أكثر من نصف الأسر التي لديها طفل واحد لا ترغب في إنجاب طفل ثان.

وأجريت الدراسة مع 10 آلاف أسرة لديها أطفال تقل أعمارهم عن 15 سنة في عشر مناطق على مستوى المقاطعة، إذ وجدت الدراسة أن 53.3 بالمائة من الأسر ليست لديها الرغبة في إنجاب الطفل الثاني.

وفي المناطق المتطورة وبين الجماعات المتعلمة تعليما عاليا، فإن الرقم يرتفع حتى 62 بالمائة، إذ يُعد التعليم والموارد الطبية والرعاية الصحية وبيئة المعيشة هي العوامل الرئيسية لمعظم الآباء والأمهات عند التفكير في طفل ثان.

تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.