الأقباط متحدون - مهرجانات «خيال المآتة» لم تعد تحترمها حتى العصافير!!
  • ١٧:٢٢
  • الأحد , ٢٢ يوليو ٢٠١٨
English version

مهرجانات «خيال المآتة» لم تعد تحترمها حتى العصافير!!

مقالات مختارة | بقلم طارق الشناوي

٢٦: ٠٣ م +02:00 EET

الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٨

طارق الشناوي
طارق الشناوي

هل يتم تقييم المسؤول بالعدد أم بالإنجاز والتأثير؟ مع الأسف البعض يعتقد أنه فى العالم الثالث يكفى أن تذكر العدد، وفى هذه الحالة سيصمت الجميع، شادى عبدالسلام دخل تاريخ السينما العالمية بفيلم روائى واحد (المومياء)، بينما لدينا مخرج دخل نادى المائة فيلم، ولن يبقى التاريخ على واحد منها.

كان صفوت الشريف، وزير الإعلام الأسبق، يحرص- فى كل عيد إعلام يحضره حسنى مبارك- على أن يتباهى أمامه بعدد ساعات الإرسال، وعدد القنوات التى تم تدشينها فى عهده بالقياس لعهد سلفه أنور السادات حيث تضاعف الرقم مئات المرات.

التوجه الأفقى سيطر على فكر الوزير الأسبق، رغم أن الإعلام القوى ينمو رأسيا، أثبت الزمن بما لا يدع مجالا للشك أن ما يعانيه حقيقة الإعلام الرسمى الآن من تراجع وترد، هو فى زيادة عدد القنوات التى تناثرت فى ربوع مصر، وبعضها موجه للخارج ولكن بلا تأثير يذكر، الأدهى أن كل محاولة لتطوير الإعلام الحكومى تصطدم بعائق صلد يقف وراءه هذا العدد الضخم من القنوات التى أنشأها الشريف، وهى فى الحقيقة تفتقر لأبجديات الإعلام، وتبدد مع الأسف كل إمكانيات الدولة، فيما لا طائل من ورائه، وهكذا دفعنا الثمن ولانزال.هناك من يرد للثقافة أن تكرر نفس الكارثة وترفع شعار مهرجان فى كل قرية.

أوقفت فى العام الماضى المملكة المغربية مهرجان (مراكش) الدولى حتى يستعيد بريقه، رغم أنه يقام تحت رعاية مباشرة من الملك محمد السادس، بعد أن وجدت تراجعا فى مصداقيته، ولم أستمع إلى صرخات تأتى من المثقفين هناك تبكى على المهرجان المذبوح، بل كانت أصوات المثقفين تقف على الشاطئ الآخر وترى أن المهرجان انحرف عن أهدافه ويستحق نقطة نظام.

لا يوجد فى التقييم الثقافى شىء اسمه العدد ولكن التأثير، لا تتباهى الجريدة بعدد النسخ المطبوعة، ولكن بأرقام التوزيع الذى يعنى قدرتها على الانتشار ومن ثم التأثير، المهرجانات التى تقام فى محافظات ولا يذهب إليها الجمهور، ما هى بالضبط جدواها؟ سوى أن بعض القاهريين يشدون الرحال إلى محافظة ما، على حساب وزارة الثقافة، ويشاهدون الأفلام ويحضرون الندوات- إن وجدت- بينما أهل المدينة لا حس ولا خبر.

صار البعض عندما يجد لديه وقت فراغ أو يستشعر تراجعا فى الطلب عليه ومع خفوت رنات الموبايل يشرع فى رئاسة مهرجان حتى تعود الرنات، فيستعيد فى تلك اللحظات بريقا كاذبا، ويرتدى مجددا بدلته الإسموكن قبل أن تأكلها العتة. لن تنجح دولة فى تحقيق العدالة الثقافية، لو خضعت لبعض الحناجرة، من أصحاب الصوت العالى، الذين يعتقدون أن صوتهم الجهورى وتجاوزهم اللفظى سيتيح لهم مساحات، خوفا من انفلات لسانهم، زمن (الغجرية ست جيرانها) أتصوره ولى ولن يعود.

ويبقى حق الدفاع عن الحرية، وهو مبدأ أصيل لا يمكن التراجع عنه وعلينا أن نتصدى للدولة لو هى وضعت فى بنودها تقليص مساحة للحرية للمجتمع المدنى، ولكن التصدى لمهرجانات (السبوبة) واجب قومى وحتمى.

هذا القرار فى الحقيقة ليس جديدا، ولا هو وليد تلك الأيام، قبل أكثر من عام وفى لجنة المهرجانات السابقة، كان الاتجاه هو إصدار قرار بإيقاف قبول أى مهرجانات قادمة، بعد أن لاحظت اللجنة هذا العدد لضخم من الطلبات التى تتقدم بها جمعيات ومؤسسات، وكأن أسهل مهنة فى الدنيا هى إقامة مهرجان، ولكنى وعدد قليل جدا من الزملاء فى اللجنة اعتبرناه مصادرة على حق الناس فى الابتكار، بل وعلى الجيل الجديد وحقه الشرعى فى التعبير عن نفسه، واشترطنا للموافقة على المهرجان الجديد أن يحمل ابتكارا فى الفكرة.

لن ينصلح حال الثقافة بمهرجانات (خيال المآتة) التى لم تعد تحترمها حتى العصافير!!
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع