الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم .. وفاة محمود حمدي الفلكي
  • ١٠:٠٠
  • الخميس , ١٩ يوليو ٢٠١٨
English version

فى مثل هذا اليوم .. وفاة محمود حمدي الفلكي

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٢٤: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٨

محمود  باشا الفلكى
محمود باشا الفلكى
فى مثل هذا اليوم 19 يوليو 1885م..
سامح جميل
توفى"محمود حمدي الفلكي" أحد أبرز الفلكيين العرب في العصر الحديث، ورائد علم الفلك الأثري، وصاحب العديد من الأبحاث والمصنفات التي بهرت علماء الغرب والشرق على حد سواء 
 
محمود حمدي الفلكي (1815 - 19 يوليو 1885) رائد علم الفلك الأثري وأحد أبرز الفلكيين العرب في العصر الحديث، وهو أحد رواد النهضة العلمية الحديثة في مصر، وصاحب العديد من الأبحاث المبتكرة والدراسات الفلكية المتميزة التي نالت تقدير وإعجاب علماء الغرب، وكانت بداية حقيقية لظهور "علم الفلك الأثري" الذي ربط بين الظواهر الفلكية والشواهد والمعالم الأثرية على نحو غير مسبوق.
 
محمود أحمد حمدي، ولد عام 1815 ببلدة الحصة بمديرية الغربية بمصر، كان أبواه من الفلاحين، تلقى تعليمه أولاً في الكُتّاب في القرية، وفي سنّ التاسعة اصطحبه أخوه الأكبر- وكان بالبحرية، وخريج المدرسة البحرية بالإسكندرية - معه إلى الإسكندرية حيث ألحقه بمدرسة ابتدائية، وبعدها ألحقه بالمدرسة البحرية، التي كان يطلق عليها "دار الصناعة" أو "الترسانة"، وهي الدار التي أنشئت على يد الفرنسي المسيو "سيريزي" خبير بناء السفن. وتخرج فيها عام 1833م وحصل على رتبة بلوك أمين.
 
وفي هذه الدار اكتسب "محمود أحمد" العديد من المعارف الحديثة والعلوم العصرية، وأحرز تقدمًا كبيرًا في دراسته، واختلط بعناصر وشخصيات عديدة من دول مختلفة.
 
وتخرج "محمود أحمد" في المدرسة البحرية سنة (1249هـ=1833م) برتبة البلوك أمين، ولكن طموحه لم يقف عند هذا الحد، فالتحق –بعد ذلك- بمدرسة المهندسخانة وتخرج فيها في نهاية عام (1255هـ=1839م)، وكان أول دفعته، ومنح رتبة "الاسبران" –(الملازم)- وعين معيدًا بالمدرسة، وصار مدرسًا لعلم الجبر بها.
 
ورشحه أستاذه "علي باشا مبارك" لبعثة إلى "فرنسا" لنبوغه وتفوقه، وكان "محمود أحمد" شغوفًا بالعلوم الرياضية، كما حرص على إتقان اللغة الفرنسية، وهو ما ساعده على ترجمة أول كتاب لعلم "التفاضل والتكامل" من اللغة الفرنسية إلى العربية.
 
تجاه "محمود أحمد" إلى دراسة الفلك
وفي عام [1258هـ=1842م] حصل على رتبة "اليوزباشي" –(النقيب)- واتجه إلى دراسة علم الفلك، الذي ولع به عندما كان يقوم بأعمال الرصد في الرصدخانة، وكان بالبرج التابع للمرصد ساعة فلكية وآلات رصد حديثة، استطاع محمود أحمد أن يفيد منها كثيرًا وتدرب عليها مما زاد في مهاراته وخبراته.
 
وفي تلك الفترة أعد محمود أحمد بحثًا بعنوان: نبذة مختصرة في تعيين عروض البلاد وأطوالها وأحوالها المتحيرة وذوات الأذناب واللحى.
وقد صاغه بأسلوب علمي رصين، يختلف عن أنماط الكتب العربية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وهو ما لفت الأنظار –منذ وقت مبكر- إلى علمه وموهبته وتميزه.
 
البعثة إلى فرنسا
وكرس محمود أحمد الفترة الأولى من حياته –أثناء قيامه بالتدريس بالمهندس خانة للرياضيات وعلم الفلك- للاطلاع والبحث.
وفي عام (1265هـ=1848م) أنعم عليه برتبة "الصاغ قول أغاسي"، ثم سافر في بعثة علمية إلى فرنسا في (غرة ذي الحجة 1266هـ=8 من أكتوبر 1850م) مع زميليه إسماعيل مصطفى، وحسين إبراهيم.
 
ومنذ ذلك الوقت اكتسب لقب الفلكي ليعرف –بعد ذلك- باسم محمود حمدي الفلكي، وهو اللقب الذي لازمه طوال حياته.
 
العودة إلى مصر
وفي عام (1271هـ=1854م) حصل على شهادته العليا بعد وصوله إلى باريس بأربع سنوات، ولكنه لم يكتفِ بذلك، فراح يتنقل بين العواصم والدول الأوروبية المختلفة، وأتم عددًا من البحوث الفلكية والجيوفيزيقية الهامة.
 
وظل محمود الفلكي في فرنسا وأوروبا نحو تسع سنوات، عاد بعدها إلى مصر في (19 من المحرم 1276هـ= 18 من أغسطس 1859م) في عهد الخديوي سعيد، ومنح الرتبة الثانية.
 
كما انتخب عضوًا بالمجمع العلمي المصري، وتدرج في العديد من المناصب الحكومية الرفيعة حتى صار وزيرًا للمعارف.
وحينما طلب علماء فرنسا من الخديوي سعيد رصد كسوف الشمس كلفه الخديوي بتسجيل هذا الكسوف، وجهزت عدة بعثات من المراصد الكبرى لمشاهدة تلك الظاهرة الفريدة.
 
وكانت منطقة الكسوف الكلي تبدأ من كاليفورنيا، وتمتد حتى جنوب إفريقيا عبر المحيط الأطلسي، ولم تكن مدة الكسوف الكلي تزيد عادة عن دقيقة واحدة، وقد اختار محمود الفلكي مديرية نقلة في شمال السودان مكانًا للرصد، فسافر إلى هناك عن طريق النيل، ووصل إلى المكان المحدد قبل موعد الكسوف بخمسة عشر يومًا.
 
وبرغم الخلل الذي أصاب أدوات الرصد الدقيقة نتيجة نقلها على ظهر الجمال، فقد استطاع محمود الفلكي رصد الكسوف لحظة بلحظة، وسجل ذلك في تقريره الذي رفعه إلى أكاديمية العلوم بباريس.
 
وتعد أرصاد كسوف الشمس من أدق وأفضل الأعمال الفلكية التي قام بها محمود الفلكي، والتي حازت إعجاب العلماء في العالم كله.
 
الفلكي وزيرًا للمعارف
وبعد ذلك كلفه الخديوي سعيد برسم خريطة الوجه البحري، فرسم خريطة في غاية الدقة والصحة، قامت الحكومة بطبعها على نفقتها، ثم عممتها في كراريس تلاميذ المدارس.
 
وما زالت تلك الخريطة تعد مرجعًا تاريخيًا للدارسين والباحثين، وقد لقي محمود الفلكي تقدير ورعاية الخديوي، فأنعم عليه برتبة المتمايز في (12 من جمادى الأولى 1287هـ=14 من أغسطس 1870م).
 
وقد انتخب محمود الفلكي عضوًا في المجلس العالي الذي ألف في عهد وزارة شريف باشا للنظر في توسيع نطاق المعارف العمومية في البلاد، كما ناب عن الحكومة المصرية في المؤتمر الجغرافي الذي عقد في مدينة البندقية عام (1298هـ=1881م).
 
كما كان وزيرًا للأشغال في وزارة محمود سامي البارودي، ثم عين ناظرًا للمعارف العمومية في وزارة نوبار التي تألفت في (9 من ربيع الأول 1301هـ=10 من يناير 1884م)، وظل في هذا المنصب حتى أدركته الوفاة في (6 من شوال 1303هـ=19 يوليو 1885م) عن عمر بلغ نحو سبعين عامًا.
 
الفلكي رائد علم الفلك الأثري
تميزت الأبحاث التي قدمها محمود الفلكي بالابتكار والجدة، سواء تلك التي كتبها أثناء وجوده في باريس أو التي كتبها بعد عودته إلى مصر.
 
وكانت بحوثه الدقيقة في علم الفلك موضع تقدير واحترام علماء الغرب، ويعد محمود الفلكي رائد علم الفلك الأثري، وله بحوث قيمة في هذا المجال، مثل بحثه القيم الذي استطاع من خلاله تحديد عمر الهرم الأكبر عن طريق الفلك والأرصاد الفلكية، مما لم يسبقه إليه أحد من علماء الفلك الغربيين...!!