الأقباط متحدون - حَفَلاَتُ التَّكْرِيمِ الكَنَسِيَّةُ
  • ١٧:٤٥
  • الثلاثاء , ٥ يونيو ٢٠١٨
English version

حَفَلاَتُ التَّكْرِيمِ الكَنَسِيَّةُ

القمص. أثناسيوس فهمي جورج

تأملات كنسية

٣٣: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٥ يونيو ٢٠١٨

حَفَلاَتُ التَّكْرِيمِ الكَنَسِيَّةُ
حَفَلاَتُ التَّكْرِيمِ الكَنَسِيَّةُ
القمص اثناسيوس فهمي جورج 
 
جيد أن يكرَم الخادم في حياته ، فيرى محبة الله له من خلال محبيه الذين يحتفظون له بالفضل والوفاء . فالزهرة التي تقدم للإنسان في حياته خير من أكاليل الزهور التي تُرسم علي طريقه بعد مماته ، كذلك التكريم في الحياة هو درس في المحبة والوفاء والأمانة المكملة حتى الموت . لكن التكريم لا يُفرض ولا يفتعل ولا يخرج عن سياقه ، وهو ايضا لا يطلب ولا يستجدﻱ حتى لا يستوفي الخادم أجره ، كي يكون في كل الأحوال مقترنا بالإفراز والحكمة ، لأنه لن يفي الانسان حقه ، لو صدقت دعوته ورسالته وسيرته . 
 
إن المفتخر فخرُه بالرب ، فلا يكون افتخاره زهوًا ترابيًا ؛ وكأنه لم يأخذ شيئًا من العطايا والهبات الربانية .. وأن ما يقدمه قد صار له بمجهوده ، وفضل القوة أصبح منه لا من الله ، ومِنْ ثَمَّ يفتخر باطلاً على الآخرين ويستجدﻱ مديحًا ، حتى ولو من على جناح الهيكل ، بينما قوتنا وعوننا هي بالله مخلصنا الذﻱ من عنده كل عطية صالحة وتامة ... وهو وحده الذﻱ يكلل مختاريه ويكرمهم حسب وعده الإلهي (أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون) .لذلك فلندخر لانفسنا الاجرة حتي الساعة الحادية عشر ؛ علنا نجد مايسترنا يوم الفحص .
 
جميلة هي حفلات التكريم التي تصير فرصة لنخبر فيها بكم صنع بنا الرب ورحمنا واستخدمنا وعمل بنا كاواني خزفية لمدح مجده ؛ فنذكر ونخبر بأعمال الله وعظائم إحساناته ....كذلك مقدسة هي وكريمة وليمة الصلاة والتمجيد لشكر صانع الخيرات الذﻱ يفعل كل شيء في كل أحد ، والذﻱ لا يتخلى عن عمله ، لكنه يحييه في وسط السنين ويسهر على كلمته ليجريها... يرفع البائس بعنايته ويستخدمه بالقليل والكثير ، وهو الذﻱ قبلنا جميعًا وشرفنا بخدمة مجده على غير استحقاق . انه لازال وسيبقى يحملنا ويحمل معنا أتعابنا ، فمنه وبه وله وحده كل الأشياء قد خُلقت ؛ وهو الذﻱ اقتنى كنيسته بالدم الكريم الذﻱ لمسيحه ..ولازال يحرس عروسه ويثبت كرمته التي غرستها يمينه بجنبه الذي طعن وسال منه مهر الدم والماء .
 
في أحيان كثيرة تتسبب هذة الحفلات ( حفلات التكريم ) في الاسترخاء الروحي بإتجاه التنويم ؛ وفي البعد عن التقييم السليم والمعقولية ، بل وتنحرف إلى (سرقة مجد الله) حيث يتم الإغراق في المديح والنفاق الكاذب ، بينما عمل الخدمة في كل درجاته يبدأ وينتهي عند فعل المحبة وغسل الأرجل ، لا عن اضطرار بل بإختيار ، ليس بخدمة العين كمن يُرضي الناس بل بمخافة ووعي لا يُغلب ، حتى تمتلئ بساتين الكنيسة جُدُدًا وعتقاء ، وينضم إلى سفر الحياة الأبدية الألوف والربوات .
 
ومن الظواهر السلبية التي أسفرت عنها مثل هذه الحفلات تشكيل بيئة خصبة للنفاق والهرج والبهرجة والضجيج والوصولية والإنجرار إلى إهانه السابقين وتقزيم دورهم ؛ اضافة الي عمل مقارنات سطحية تتسبب في الإلهاء والعثرة والسطحية والتحزب ؛ بينما سيتبخر كلام المدّاحين ويذهب إلى الغبار حيث يستحق .. 
 
فإذا كان للمُحتفين أن يحتفوا ؛ ينبغي ان لا يكون احتفاؤهم إهانة المقادس؟! عندما يدخلون الألعاب النارية والأوناش حتى المنابر ؛ ويضعون بلالين الصبية على أبواب الهياكل وصحن الكنائس ؟! ناسين أن الكنيسة أجمل من الشمس والقمر ، وأنها مساكن العلي وزينة العالم كله ، وقد وجدت لتُكَنْسِن العالم لا ليُعَلْمِن العالم الكنيسة .
 
قصدﻱ هو : دعوة لضبط المعايير والأداء ، لأن في أشياء كثيرة نعثر جميعنا ، فالثعالب الصغيرة المفسدة والعثرات تعبث في التفاصيل ، وفي التصرفات الأريحية التي يأتيها البعض ؛ ثم لا تجد من يمنعها بحزم ، فتصبح قاعدة تستمر بالتقادم والتواتر ... ان دعوتي هذه لنميز بين التكريم والصنمية ؛ بين الوفاء وعبادة الاشخاص ....انها دعوة كي لانحب احد اكثر من مسيحنا الذي فدانا حتي نكون من مستحقيه .دعوة للرجوع الي الينابيع الرسولية الاولي ؛ والي التعقل واحترام الكنيسة التي تليق بها كل القداسة ؛ بيت الحمامة الذي للروح القدس لانه سفينة النجاة من تيارات طوفان عواصف العالم وماديته واطماعه وافتخاراته الباطلة ؛ وادواته واطعمته وضجيجه وعجيجه القاتل للنفس التي تترجي بسكوت خلاص الرب .
 
أباؤنا الأولون لم ينسوا حفظ السكينه وروح الكنيسة النسكية ؛ فسلموا ذواتهم للمحقرة ؛ وعاشوا طقس التائبين ؛ محولين كل عمل لمجد اسمه ؛ فتبعوه من المذود حتى مغارة القبر ، ملفوفين بخرق الأقمطة والأكفان ؛ لذلك لم يكن العالم مستحقًا لهم .