الأقباط متحدون - مصر الثالثة!
  • ٢٠:٠٨
  • الجمعة , ١ يونيو ٢٠١٨
English version

مصر الثالثة!

مقالات مختارة | بقلم سليمان جودة

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الجمعة ١ يونيو ٢٠١٨

سليمان جودة
سليمان جودة

الذين يشاهدون شاشة رمضان من خارج البلد، واحد من انين: إما مصرى مقيم هناك يحب أن يتابع شاشة بلاده من مكانه.. وإما عربى محب لنا ويرغب فى أن يرى ماذا تعرض شاشتنا فى هذا الشهر!.

ولأن الوقت المخصص للإعلانات قبل كل مسلسل، وفى أثناء أحداثه، يفوق الوقت المخصص لأحداث المسلسل نفسه، بكثير، فالانطباع الذى يترسخ فى عقل المشاهد فى الحالتين سيكون مما تذيعه الإعلانات، أكثر مما ترويه المسلسلات من تطور الأحداث!.

وهذا الانطباع الباقى هو أننا بلد منقسم إلى فئتين: فئة أصغر تعرض لها الإعلانات آخر مزايا القصور والفيلات فى التجمعات السكنية الفخمة.. وفئة أخرى هى الأكبر، لا تتوقف إعلانات التبرع عن عرض وقائع الفقر والمرض فى حياة أفرادها، أملاً فى تليين قلوب المتبرعين!.. ولا صورة ثالثة بين الصورتين!.

ولا تعرف كيف ارتضت الدولة لنفسها أن تكون هذه هى ملامحها العامة على شاشة الشهر.. ثم لا تعرف كيف ارتضت لنفسها أن تكون فريسة على شاشة رمضان، كما حصل منذ أول يوم فيه.. ولايزال!.

فالمؤكد أن مصر الطبيعية ليست هى مصر التبرعات التى لا مكان فيها.. كما تقول شاشة رمضان.. إلا لفقير مُلقى فى عرض الشارع، أو لفقير يسأل الناس على الرصيف، ولا هى مصر التجمعات السكنية الراقية المنعزلة على نفسها.. مصر الطبيعية فى غالبيتها ليست هذه ولا تلك، ولكنها مصر التى يمارس فيها الناس حياتهم بشكل عادى، مثل سائر خلق الله فى أى بلد!.

والسؤال هو: هل بادر أحد من نجوم الكرة والفن، الذين يلاحقون المصريين قبل الأكل وبعده، بالتبرع ولو بجنيه لمشروع هنا، أو مشروع آخر؟!.. سؤال يراود كثيرين ممن يغرقهم طوفان إعلانات الشحاتة من الإفطار إلى السحور.. أم أننا نأمر الناس بالتبرع وننسى أنفسنا؟!.

يقيناً.. لو أن عدواً تربص بنا فلن ينجح فى تشويه صورة بلد بكامله كما شوهتها إعلانات التسول فى رمضان، ولن ينجح فى إهالة التراب على بلدنا كما فعلت هذه الإعلانات.. ولاتزال تفعل فى همة عالية.. وكأنها مُكلفة بما تفعله تكليفاً!.

صورة مصر الثالثة غائبة عن الشاشة، وهى أحق بأن تكون حاضرة ومعروضة على الهواء.. فليست هذه هى مصر التى نراها فى إعلانات كل مساء، ولا هؤلاء هُم المصريون!!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع