الأقباط متحدون - كُن حريصًا على المواعيد ومُحبّا للعمل ومُتقنا للّغة ومُحترما لتقاليد السكان
  • ١٠:١٥
  • الاثنين , ١٦ ابريل ٢٠١٨
English version

"كُن حريصًا على المواعيد ومُحبّا للعمل ومُتقنا للّغة ومُحترما لتقاليد السكان"

أخبار عالمية | swissinfo.ch

١٢: ٠٩ م +02:00 EET

الاثنين ١٦ ابريل ٢٠١٨

الدكتور صبري علي خلال ممارسته لأحدى هواياته في سويسرا
الدكتور صبري علي خلال ممارسته لأحدى هواياته في سويسرا

 زار الطبيب المصري، الدكتور صبري علي، سويسرا في مناسبتين عامي 1974 و1975، وهو طالب في كلية الطب جامعة القاهرة، قبل أن يستقر بها عام 1981، بعدما حصل على البكالوريوس، ودخلها بدعوة لمدة 3 أشهر، تقدم خلالها لعدد من الجامعات بطلب الحصول على منحة للدراسة بواحدة منها، قبل أن ينجح في الحصول على منحة للدراسة في جامعة زيورخ. حيث استطاع في ظرف خمسة أعوام أن يحصل على الماجستير، ثم الدكتوراه في الباثولوجي والموجات الصوتية وتشخيص الأورام السرطانية.

 
كان نجاحه في الحصول على الدكتوراه في هذا التخصص، بمثابة دفعة للعمل في العديد من المناصب، حيث عمل بوظيفة رئيس معمل بمستشفى ليتشار، في محيط كانتون بازل ومكث بها 4 سنوات، ثم انتقل إلى وظيفة رئيس معمل بالمستشفى المركزي لكانتون غراوبوندن، في محيط منطقة دافوس، وظل بها عشرة أعوام، حتى انتهى به المقام نائبًا لرئيس قسم الباثولوجي وتشخيص الأورام بالمستشفي المركزي "تريملي"، بمدينه زيورخ.
37 عامًا في سويسرا
في حديث خاص لـ swissinfo.ch؛ يقدم الدكتور علي الذي أمضى 37 عامًا في الكنفدرالية تشريحا للمجتمع السويسري من الداخل، يرصد فيه أبرز المزايا والعيوب التي لمسها عن قرب في المجتمع والمواطنين، ويحكي أسباب نجاح سويسرا وتقدمها، وحفاظها على ديمقراطيتها، كما يقدم وصفة للشباب المصري والعربي المقيم بها أو الراغب في السفر إلى سويسرا للعمل أو الدراسة، تتيح لهم _ إذا عملوا بها - اختصار الزمن وتجاوز التحديات.
 
يقول الخبير المصري في الباثولوجي وتشخيص الأورام: "عندما وصلت إلى سويسرا للمرة الأولى، عام 1974، عملت في شركة الإتصالات السويسرية في لوزان، وفي المرة الثانية عام 1975 عملت في مخازن حفظ الخضروات والفواكه بالثلاجات"، مشددًا على أن "البدايات دائمًا تكون صعبة، وتحتاج إلى الصبر والتحمل في سبيل الهدف الأكبر".
 
صبري علي أضاف: "اليوم وبعد تعاملي مع المواطنين السويسريين، على مدى حوالي 37 عامًا، ورؤيتي لدقة العمل والحرص على النظام، وتأكدي أنه مجتمع نظيف يحترم الإنسان، يمكنني أن أقول إن البلدان التي يمكنني أن أعيش بها، هي: سويسرا، ألمانيا، واليابان، فقط، لأنها دول تحترم شعوبها، وتراعي آدمية الإنسان".
 
كما يشير مُحاورنا إلى أن القرى في سويسرا كالمدن، فمستوى التعليم والعلاج فيهما عالٍ، والمستشفيات المركزية مماثلة للمستشفيات الجامعية، وهناك تبادل علمي بين الجامعات في سويسرا وبين المستشفيات في القرى والمدن على كافة المستويات.
 
"الباثولوجي" أساس الطب
في معرض الحديث عن مجال عمله الطبي، يقول: "تخصصي الدقيق في تشخيص السرطانات؛ سرطان (البنكرياس، الكبد، الثدي، الرحم،.. إلخ)، فهذه السرطانات لا يمكن البدء في علاجها، إلا بعد وضع خطة علاج (بعد تواصل كل المعنيين عن طريف الفيديو كونفرانس)، وهناك توجّه حاليا لمعالجة السرطانات بالجينات؛ حيث إن هناك علاج بالكيماوي، وعلاج بالأشعة، وعلاج بالجراحات، والآن علاج بالجينات".
 
ويضيف: "طوال مدة إقامتي في سويسرا، من 1981 وحتى 2018، أي منذ 37 عامًا، وأنا متخصص في الباثولوجي"؛ موضحًا أن "هناك خطان في الطب، خط التشخيص، وخط العلاج، وأنا كباثولوجي متخصص في التشخيص". وأن "علم الباثولوجي هو أساس الطب، حيث تدرس كيف يتكون الورم، وما هي أنواع الأورام، وقد تخرّج على يدي الكثير من الأطباء العرب والسويسريين، المتخصصين في تشخيص الأورام السرطانية".
 
لدى سؤاله عن سبب اختياره سويسرا دون غيرها من دول أوروبا وأمريكا؛ يجيب الدكتور صبري علي: "اخترت سويسرا للسفر إليها، والعمل بها، والعيش فيها، لأنها بلد المساواة"؛ ويتابع: "سأضرب لك مثالا، لتعرف قيمة سويسرا، ومكانتها واحترامها للإنسان بغض النظر عن وضعه المالي، ومكانته السياسية.. أمير سعودي جاء إلى سويسرا لطلب العلاج، وأراد أن يحجز جناحًا بأكمله، له ولمن معه، لكن إدارة المستشفى رفضت، لأنها لا تفرق بين غني وفقير، في طلب العلاج".
 
بلد نموذجي بمعنى الكلمة
وأضاف: "في سويسرا لا يمكن لمسؤول أن يسافر للعلاج في الخارج، على حساب الدولة، وإنما إذا أراد فعلى حسابه الشخصي". مشيرًا إلى أنها أيضًا "بلد نموذجي بمعنى الكلمة، فمساحتها لا تزيد عن مساحة شبه جزيرة سيناء، وعدد سكانها 8 ملايين نسمة، 25% منهم أجانب، قدموا إليها للدراسة أو العمل".
 
ويستطرد الدكتور صبري علي قائلا: "وعن الإقتصاد السويسري حدث ولا حرج؛ فمستوى المعيشة مرتفع، وقوتها الإنتاجية تبلغ 377 مليار فرنك سنويًا، وأكبر شركة للمواد الغذائية في العالم هي شركة نستلة السويسرية، ومنتجاتها رقم واحد في العالم كله. وفي عالم الدواء؛  تمتلك سويسرا اثنتين من كبريات شركات ومصانع الأدوية في العالم، وهما "نوفارتس"، و"لاروش".
 
وماذا عن مستوى الدراسة بالمعاهد والجامعات السويسرية؟ يجيب علي: "الجامعات في سويسرا، من أعلى الجامعات في العالم؛ علميًا وتكنولوجيًا، وخريجوها على أعلى مستوى، ومع هذا فإن التعليم الجامعي في سويسرا أرخص كثيرًا من التعليم في جامعات أمريكا وبريطانيا"؛ مشيرًا إلى أن "تركيبة سويسرا تختلف عن البلاد التي حولها، فهي ليست دولة مركزية، فجامعة في زيورخ مثلا، تحصل على دعم من الحكومة الفدرالية، بخلاف الدعم الذي تحصل عليه من كانتون زيورخ".
 
بالمناسبة، يدفع المواطن السويسري الضرائب لثلاث جهات ، على النحو التالي: "جزء للبلدية التي يعيش بها، وجزء للكانتون التابعة لها القرية، وجزء للحكومة الفدرالية. وكل جهة من هذه الجهات الثلاث (البلدية - الكانتون - الكنفدرالية)، عليها واجبات تجاه المواطن".
 
الشباب العربي لا يتحمل المسؤولية
ويتابع صبري علي قائلا: "في سويسرا يُقدر الحد الأدنى للمرتبات بحوالي 3500 فرنك شهريًا، غير أن الموظف يدفع منها كل شيء، والتأمين الصحي هنا ليس تحت سيطرة الحكومة"؛ موضحًا أنه "لا يوجد بلد في العالم يعيش بالضوابط والقواعد والنظام الذي تعيش به سويسرا؛ فيمكنك أن تلتقي وزيرًا أو رئيس الحكومة، في القطار، بدون حراسة. كما أن المسؤول في سويسرا لا تخصص له الدولة سيارة وسائق على حساب الحكومة، إلا خلال ساعات العمل، وفي المهام الرسمية فقط".
 
في المقابل، يرى محاورنا أن "مشكلة معظم الشباب المصري والعربي تتمثل في أنه لا يرغب في تحمل المسؤولية، وغير قادر على تحمل الصعوبات، بينما الشغل في سويسرا شغل، وساعة العمل هنا ساعة كاملة، كما أنه ليس جادًا في عمله، ولا حريصًا عليه، من ناحية الدقة والجودة والإلتزام بالوقت، وهناك نسبة كبيرة من المصريين والعرب المقيمين في سويسرا ليس لهم وظائف ثابتة".
 
ويستكمل قائلاً: "للأسف؛ نظام التعليم في مصر، جعل كل من هب ودب حاصل على درجة البكالوريوس أو الليسانس، وهو ما جعل خريج الجامعة غير مؤهل لسوق العمل، بعكس الشباب الإيراني أو التركي هنا في سويسرا، لديهم استعداد ومرونة كبيرة لتغيير طبيعة عملهم، وفقًا لمتطلبات سوق العمل".
 
نصائح غالية للشباب العربي
في الأثناء، ينصح صبري علي الشباب المصري والعربي، العامل أو الباحث عن عمل، أو الراغب في القدوم إلى سويسرا، للدراسة أو للبحث عن فرصة عمل، بأن يكون "حريصًا على المواعيد، محبًا للعمل، وأن يحضر نفسه جيدًا من حيث اللغة، وأن يحترم عادات وتقاليد السويسريين، وأن يعلم أنه جاء من أجل العمل أو الدراسة، وليس كمصلح اجتماعي، وأن يعي جيدًا أن المجتمع السويسري يحترم الحريات، ويحفظ للناس حقوقهم".
 
من جهة أخرى، يُلخص الطبيب المصري أبرز العقبات التي تواجه أي مواطن غير سويسري هنا في النقاط التالية: "الحصول على إقامة في سويسرا؛ خاصة إذا لم يكن قد جاء بمنحة من بلده، أو غير متزوج من سويسرية. إجادة اللغة، خاصة وأن الألمانية ليست سهلة، مثل الإنجليزية أو الفرنسية. تدبير المعيشة بالحصول على فرصة عمل. ضرورة فهم العقلية السويسرية، واحترام العادات والتقاليد الخاصة بهم".
 
وعن أبرز السلبيات الموجودة في المجتمع السويسري، يرى علي أنه "مجتمع مغلق بعض الشيء، لا يعرف الرحمة، ولا يغفر الخطأ"؛ مستدركًا بقوله: "لكن الجوانب الإنسانية موجودة في سويسرا، ويبدو هذا واضحًا في الإهتمام باللاجئين ورعايتهم صحيًا وتعليميًا، مع إعفائهم من أي مقابل مادي. كما أن نظام التعامل والفسح والعزومات هنا إنجليزي، يعني كل واحد "بيحاسب" على نفسه فقط. وزيارة الأقارب تتم في المناسبات والأعياد فقط، لأن وتيرة الحياة سريعة، وكل واحد مشغول بعمله وحياته فقط".
 
الإسلام بشكل عملي
ويشير إلى أنه "في سويسرا؛ لو عندك رغبة وقدرة على التعلم وتنمية قدراتك وإمكاناتك ووضعك العلمي أو المالي، فلا يوجد شيء يعوقك ويقف ضدك. كما أن فرص العمل في سويسرا، حتى على المستوى العالي، في الجامعات وغيرها من المؤسسات الكبرى، المعيار فيها هو الكفاءة والقدرة، وليس الدين أو العرق أو اللون. فرئيس بنك كريدي السويسري إفريقي، ورئيس أكبر شركة للمواد الغذائية في سويسرا "نستلة"، هولندي، ورئيس قسم جراحة المخ بجامعة زيورخ ياباني، والسابق له كان تركيًا".
 
أخيرا، لا يتردد الدكتور صبري علي في القول بأن "المجتمع السويسري يطبق الإسلام بشكل عملي، وقد رأيت الله في سويسرا، من خلال المعاملة الراقية التي توافق تعاليم الإسلامية، والناس هنا يحترمون العمل. فلا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالكفاءة والقدرة. وطوال فترة إقامتي هنا وجدت السويسريين يراعون مشاعري كمسلم، في الأكل والشرب والعزومات، فلا يقدمون لي لحم خنزير، ولا خمورًا، بعدما علموا أنني مسلم. الناس هنا شعارهم الدين لله والوطن للجميع، وحريتك تنتهي عندما تصطدم بحريات الآخرين"؛ مختتمًا بقوله: "سويسرا جنة الله في الأرض".
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.