الأقباط متحدون - عفواً أبي الأسقف
  • ٠٩:٢٥
  • الثلاثاء , ١٣ مارس ٢٠١٨
English version

عفواً أبي الأسقف

ماجد سوس

مساحة رأي

٢٩: ٠٨ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٣ مارس ٢٠١٨

تعبيرية
تعبيرية
   ماجد سوس
 
     منذ أيام ليست بقليلة قامت الدنيا ولم تقعد بسبب مجموعة ربما تملك أجندة لتمزيق الكنيسة بحجة أنهم يحافظون على الإيمان الأرثوذكسي الصحيح وراحوا على صفحات السوشيال ميديا يدشّنون صفحات يطلقون عليها صفحات الدفاع عن الإيمان وحمايته وتكفير الآخر وهم أبعد كل البعد لا عن الإيمان فحسب بل عن المحبة التي هي كمال الوصية لأننا حتى وإن سلمنا جدلا أنهم يملكون إيماناً فقد كتب لهم معلمنا بولس قائلاً إن كان لي إيمان حتى أنقل الجبال وليست لي محبة فلست شيئاً.
 
يهاجمون قداسة البابا ويرون أنه لا يحافظ على الإيمان ويعقدون مقارنة بينه وبين سلفه ويتهكمون عليه وينتقدون تحركه نحو وحدة الكنيسة ويرون أنه يتنازل عن أمور في العقيدة فعلى سبيل المثال فبينما نجد البابا شنودة كان يسمح للآباء الكهنة بعدم إعادة معمودية الكاثوليك، طالما قد تمت قبل دخوله الأرثوذكسية بالتغطيس، مطالباً الكاهن الأرثوذكسي أن يرشم الكاثوليكي المعمد بالميرون فقط وهو ما أكده شهود كثيرين منهم العلامة القمص تادرس يعقوب إلا أنه حينما أراد البابا تواضروس أن يضع نفس الأمر في اتفاقمكتوب كخطوة نحو وحدة الكنيسة ثار ضده نفس المصفقين للبابا المتنيح واتهموه بالتنازل عن عقيدة الكنيسة وهو أمر لا يليق ولا يتفق مع روح المسيح  وبالمزايدة على أمانة البابا تواضروس يعثرون شعب المسيح ويمزقون كنيسته.
 
ثم راحوا يتصيدون لرجال الله وعلماء الكنيسة أخطاءهم يتهمون هذا بالهرطقة ويتهمون ذاك بالمضل دون وعي وعلم ودراسة،نصّبوا من أنفسهم مجامع مسكونية، يكفّرون مطراناً لأنه تجرأ وكتب مطالبا بمعاملة المرأة الحائض كنازفة الدم التي طهرها يسوع بعد أن تركها تلمس هدب ثوبه،متمسكاً بحقها في تناول جسد الرب ودمه لأنها لم تعد نجسة وهو أمر إن اختلفنا أم اتفقنا معه لا شأن له لا بالإيمان ولا بالعقيدة إنما مجرد بما هويليق ام لا يليق، يوافق أم لا يوافق.
 
ثم قاموا بمهاجمة راهباً عالماً مشهوداً له وهو الأب العلامة أثناسيوس المقاري والذي كان يجول يخدم بعلمه وعمق فكره الآبائي الأرثوذكسي الغزير في الداخل والخارج، إلا أنه حينامتد الأمر إلى هرطقته وتجريحه فاضطر أن يحبس نفسه طواعية في قلايته مقرراً ان يعتزل الناس ويكمل سلسلة كتبه النفيسة فخسرت الكنيسة رجلاً قلما وجد مثله في هذا الزمان.
 
     حتى الكنائس الكبرى لم تسلم من سهامهم فها كنيسة كبرى بالإسكندرية وهي كنيسة الشهيد العظيم مار جرجس بسبورتنج، الأمٌ الولودٌالتي تمخض من رحمها كنائس هذا عددها،وتخرج منها أساقفة ورهبان وخدام مشهودٌ لإيمانهم في كل مكان، يطعنون في صحيح إيمانها والسبب لأنها دعت أحد الآباء الرهبان أن يلقِ محاضرة في إحدى اجتماعاتها والرجل هو الراهب سيرافيم البراموسي والذي لم يصدر بحقه أي قرار من مجمع الكنيسة أو من رئيس ديره يدينهالأمر الذي تسبب في إثارة مشاعر شعب الكنيسة وخدامها، لذا وجدنا مجمع كهنة ولاية شيكاغو يصدر بياناً قوياً مدافعا عن تلك الكنيسة مطالبين المجمع المقدس أن يتصدى لهؤلاء المحرضون ضد الكنيسة وآباءها.
 
أما ما آلمني فهو ما حدث مؤخراً من هجومهم الشرس على النائب البابوي بالولايات المتحدة نيافة الأنبا أنجيلوس لأنه في نظرهم مبتدع وبدلا من مناقشة الرجل الذي يمثل الأب البطريرك راحوا يشهرون به على صفحات التواصل الاجتماعي ويتهمونه بالهرطقة بسبب محاضرة ألقاها عن فكر أثناسيوس الرسولي واستخدام الأخير للتفسير الرمزي في شرحه لبعض الأمور الكتابيةالأمر الذي دعى نيافة الأنبا أنجيلوس لتعضيد فكرته بمثال عن التفسير الرمزي من أحداث السقوط الموجودة في سفر التكوين مستخدماً كلمة ميثولوجيا في شرحها.
 
هرع متصيدي الأخطاء للهجوم الشديد عليه ووضعوا ، بأسلوب القص واللصق، بضع ثواني من محاضرة لقداسة البابا شنودة الثالث مهاجماً فيها الكتب التي تأتي لمصر من الخارج وخاصة من لبنان رافضاً معها فكرة الميثولوجيا ونعتها بالهرطقة دون تحليل أو شرح بالرغم أن نيافة الأنبا أنجيلوس بعد استخدامه لهذا المصطلح أوضح مباشرة أن أحداث سفر التكوين حقيقية وأن بها بعض الرموز لكن كلماته هذه لم تشفع له.
 
وعلى الرغم أنني شخصياً لا أميل لاستخدام مصطلح " الميثولوجيا" لكن فحوى دفاعي هنا أنه لا يجب علينا أن نفتش ضمائر الآخرين وعلينا أن نبحث الأمر على ضوء المحاضرة ككل من جهة وفكر المتكلم من جهة أخرى مع إعطاءع الفرصة كاملة لشرح وجهة نظره كل هذا في إطار المحبة المسيحية وإكرام كهنوت الرجل.
 
دعونا في البداية نقوم بتعريف الميثولوجيا أولاً ففي السياق العلميالكلمة تعني "قصة مقدسة" أو "قصة تقليدية" أو "قصة عن الآلهة" والمشكلة ظهرت حينما أتى المصطلح بمعنى، عربي، حرفي تسبب في تلك البلبلة فحرفياالكلمة تعني (أساطير غير مكذوبة)لذاأدرك هذا المتخصصون فصاروا يستخدمون كلمة "أساطير دينية" دون قصد الإساءة إلى الدين.
 
    ونيافته – كما أسلفنا - كان يتكلم بوضوح عن فكرة رمزية بعض أحداث الكتاب وهي فكرة يتبناها الكثيرون من الآباء و الباحثين ففي كتاب أيام الخليقة الستة للأستاذ فوزي إلياس - اصدار اسقفية الشباب -يقول الكاتب : " أن الكتاب المقدس يحوي كثيراً من الحقائق العلمية ولكنها مكتوبة بلغة غير علمية، ويعبر عنها بلغة بسيطة جداً يسهل حتى على الأطفال فهمها فيحكي لنا سفر التكوين في أصحا حاته الثلاثة الأولى قصة شعرية حقيقية ولكن في أسلوب رمزي metaphorical، كما شرخ وأكد لنا الكثير من الآباء الأولين مثل القديس يوحنا ذهبي الفم والقديس باسيليوس والعلامة أوريجينوس وغيرهم".
 
واستخدام الكاتب "إلياس" لمصطلح ميتافوريكال يعنى ان هناك أمورفي سفر التكوين كتبت بشكل مجازي أو استعاري وهو ذات الأمر الذي أشار إليه نيافة الانبا انجيلوس بوضوح .
 
لذا نجد مثلا أن القديس باسيليوس الكبير رغم أنه أشهر آباء المدرسة الحرفية في تفسير الكتاب المقدس عندما كتب مقالاته عن أيام الخليقة الستة Hexaemeron أوضح أن عمل الكنيسة ليس البحث عن طبيعة الأشياء والمخلوقات وإنما دراسة عملها ونفعها وهذا يعني أنه وجد أمور يصعب فهمها لذا علينا أن نأخذ معانيها الروحية وهذا لا يقلل من أن كل الكتاب موحي به من الله.
 
  أما فيما قاله نيافة الانبا انجيلوس ان الحية القديمة هي رمز للشيطان فهذا يتفق تماماً مع ما كتب في سفر الرؤيا "فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ" (رؤ 12: 2)فهل هي حية أم تنين لا يهم المهم أنه الشيطان وهذا لا يقلل من حقيقة القصة.
 
    في النهاية أدعوكم أحبائي للاستماع لتلك المحاضرة القيّمة وقد سعدت بالبيان القوي الذي أصدره مجمع أباء كهنة شبرا الشمالية مساندة لأسقفهم السابق كما سعدت أيضا ببيان نيافة الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس مدافعاً عن الأنبا انجيلوس بعد مكالمة بينهما.
 
الامر جد محزن وعلينا الوقوف خلف مسيحنا وتعاليمه وخلف بابانا ومجمعنا متمسكين بطريق الآباء حتى لا نحزن قلب المسيح بتمزيقنا لجسده أما أبي الأسقف فأقبل مني اعتذارا لما بدر من أخوتي ولما سببناه لك من جرح وألم صلي لأجلي وأرجوك لا ترجع إلى ديرك كما نما إلى علمي أنك تريد الرجوع إلى قلايتك بعد جرحك الغائر بل ابق في موقعك الذي اختاره الله لك وتعيش وتعلم يا سيدنا.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد