الأقباط متحدون - القائد الشهيد
  • ٠١:٥٦
  • الاثنين , ١٢ مارس ٢٠١٨
English version

القائد الشهيد

مقالات مختارة | بقلم : عمرو الشوبكي

٢٨: ٠٥ م +02:00 EET

الاثنين ١٢ مارس ٢٠١٨

عمرو الشوبكي
عمرو الشوبكي

 من بين فصيلة القادة المحاربين هناك من يختارهم الله ليكونوا شهداء و«أحياء عند ربهم يرزقون»، ومن أبرز هؤلاء القائد البطل عبدالمنعم رياض الذى استشهد فى هذا الشهر من عام 1969 وهو فى الصفوف الأولى بين قواته يقاتل جيش الاحتلال الإسرائيلى، واعتبرت مصر منذ ذلك التاريخ يوم 9 مارس من كل عام هو يوم الشهيد تخليدا لذكرى القائد البطل.

 
والشهيد عبدالنعم رياض لم يكن مجرد عسكرى مصرى مرموق، إنما كان بطلا قوميا بامتياز ألهم الشعب والجيش بعد هزيمة 67 بـأن النصر ممكن والبطولة والشهادة لا تخص الجنود وصغار الضباط فقط إنما أيضا القادة المحاربين الكبار.
 
جنازة عبدالمنعم رياض لمن شاهدها صوتا وصورة من الجيل الأكبر أو من تابعها مؤخرا فيلما مسجلا، كانت دليلا على أن حرب الجيش كانت حرب الشعب كله، وأن هذه اللحمة النادرة بين مئات الآلاف من البشر الذين شاركوا فى جنازة عبدالمنعم رياض، وبين القيادة السياسية التى كان يمثلها جمال عبدالناصر كانت عميقة وغير متكررة، وفيها اختار الشعب بشكل حر دون قمع أو إجبار أن يدعم نظامه السياسى، لأن عبدالناصر وقادته المحاربين احترموا الشعب وآمنوا به، رغم أنه لم يكن شعبا «سويديا»، وكان يعانى من مشكلات أمية وفقر، فأعطاهم الشعب عيونه وتحمل معهم كل الصعاب.
 
الشهيد البطل عبدالمنعم رياض هو واحد من قائمة شرف طويلة من قادة مصر المحاربين الذين تركوا بصمة علم وبناء وجدية وعطاء فى تاريخنا الوطنى والعسكرى، فهناك الفريق الراحل محمد فوزى وزير الحربية الأسبق الذى من خلال كتابه العظيم «حرب الثلاث سنوات» (أوائل الكتب المؤثرة التى قرأتها أثناء دراستى الجامعية)، شكل وعى جيل كامل عن بطولات الجيش المصرى أثناء حرب الاستنزاف، وهناك أسماء أخرى أيضا من قادة مصر المحاربين مازالوا كثرا، فوزيرهم الراحل العظيم الفريق أحمد إسماعيل على وزير حربية نصر أكتوبر، وأيضا رئيس أركان الجيش المصرى فى نصر أكتوبر الفريق سعد الدين الشاذلى الذى يعد واحدا من أهم الشخصيات العسكرية فى تاريخ العرب، والذى قال فى مذكراته: «لم يحدث قط أن اشتكى لى أحد الضباط أو الجنود من الحياة الشاقة التى يعيشونها لأنهم كانوا يرون بأعينهم كيف أعيش وكيف أشاركهم حياتهم».
 
وهناك المشير عبدالغنى الجمسى بمهنيته ونزاهته ودوره الكبير فى حرب أكتوبر، وأيضا المشير عبدالحليم أبوغزالة، صاحب الرؤية الاستراتيجية العميقة التى سبقت عصره بعقود.
 
عبدالمنعم رياض كان نموذجا لجيل القادة المحاربين من أبناء الجيش المصرى، فهو جيل اهتم بالجوهر (أن يكون وسط جنوده فى قلب المعركة لا بعدها ولا قبلها) لا الشكل واللقطة، ورهن حياته بطيب خاطر للدفاع عن الشعب والوطن، ولم يحارب معارك جانبية، ولم يتورط فى دهاليز السياسة ولا مغريات الاقتصاد، وواجه عدوا قويا حقيقيا، يحتل الأرض ومدجج بالسلاح ويمتلك واحدا من أقوى جيوش العالم وأحد أهم أجهزة المخابرات دهاء وقسوة.
 
نموذج القائد الشهيد عبدالمنعم رياض كان إعلانا عن طى صفحة أداء الهزيمة فى 67 وشق طريق النصر فى 73. فرحم الله كل شهدائنا الأبطال.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع