الأقباط متحدون - زمن ليليان موردخاي.. أو ليلى مراد
  • ٢٣:٤٦
  • الجمعة , ٢ مارس ٢٠١٨
English version

زمن ليليان موردخاي.. أو ليلى مراد

فن | حياة

١٦: ٠٣ م +02:00 EET

الجمعة ٢ مارس ٢٠١٨

ليلى مراد
ليلى مراد

في أحد المطاعم الشهيرة الكائنة في منطقة وسط البلد يجلس المخرج والممثل المصري زكي فطين عبد الوهاب. يجلس ليتأمل صورة مرسومة على جدار المطعم. بسهولة تعرف صاحبة الصورة. هي ليلى مراد.

الموسيقى هنا لليلى فقط. لا أحد غيرها. روح المكان ينطق باسمها، حتى الطعام والشراب المقدم للزبائن، لا يبتعد عن مذاق أغانيها. زكي هو ابن ليلى الثاني، وهو أيضا صاحب المطعم. وهبه لها، ولروحها المبدعة الألقة. على أنغام أغنية "قلبي دليلي" التي لحنها محمد القصبجي، يجلس رواد المطعم، الذين هم من سكان منطقة وسط القاهرة غالبًا. يخترقون جدار الزمن ليعودوا إلى زمن ليلى مراد.

صورة ليلى على جدران المطعم

100 عام على الميلاد
زمن ليلى يمتد إلى سنوات بعيدة. منذ 100 عام بالتمام والكمال جاءت ليلى إلى الدنيا لأسرة يهودية بمدينة الإسكندرية. أسموها "ليليان". والدها هو المغني والملحن إبراهيم زكي موردخاي الذي صار فيما بعد زكي مراد، بطل أوبريت "العشرة الطيبة" للموسيقار سيد درويش. أما أمها هي جميلة سالومون البولندية الأصل.

الجميع أدرك موهبتها سريعا. 14 عامًا فقط مرت حتى تنبه والدها وصديقه الملحن المصري الكبير داود حسني إلى صوتها العذب. بدأت ليلى بالغناء في الحفلات الخاصة ثم العامة. تقدمت للإذاعة المصرية كمطربة عام 1934 ونجحت. بعدها سجلت اسطوانات بصوتها.

في عمر 19 عامًا وقفت أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب والمخرج محمد كريم في فيلم "يحيا الحب". وكانت قد غيرت اسمها إلى ليلى مراد.

لم تلفت الأنظار كممثلة، لكن كمطربة. رصيدها السينمائي لم يتجاوز 27 فيلمًا، رغم أن أقرانها من المطربات المصريات الكبيرات صنعن أضعاف هذا الرصيد. ارتبط اسمها باسم الممثل والمخرج المصري الراحل أنور وجدي، بعد أول أفلامهما. اسم الفيلم كان "ليلى بنت الفقراء". كانت النتيجة الطبيعية هي الزواج. حدث ذلك في العام 1945، وقدما معا واحدًا من أهم أفلام السينما المصرية، "غزل البنات" مع نجيب الريحاني.


يُروى أن أنور وجدي كان له دور في إشهار إسلامها. يُروى أيضا أنها ذهبت إلى الأزهر الشريف فاستقبلها شيخه محمود أبو العيون، وأشهرت إسلامها على يديه، لتقام الأفراح والليالي الملاح في أشهر شوارع القاهرة، احتفاءً بالولائم التي قدمتها للناس.

انسحاب مفاجيء
عاشت ليلى حياة هادئة. تزوجت مرتين بعد وفاة وجدي. إحدى الزيجات كانت من المخرج المصري الكبير فطين عبدالوهاب، والد زكي. عاشت ونجحت وأبهرت الكثيرين، لكنها اعتزلت مبكرًا. آخر أفلامها "الحبيب المجهول" كان في منتصف الخمسينيات، وآخر ظهور لها للجمهور كمطربة كان في هذه الفترة أيضا.

في حياتها صدر كتابان عنها "رحلة حب مع ليلى مراد" لصلاح طنطاوى، نشرته مؤسسة روز اليوسف ضمن سلسلة الكتاب الذهبى سنة 1979، والكتاب الثانى "يا مسافر وناسى هواك" لعادل حسنين وصدر سنة 1973. وذكر الكتابان أشياءً عن أسباب الاعتزال، مثل حزنها على وفاة أنور وجدي، وكذلك زواجها من فطين عبدالوهاب.

ليلى وزوجها أنور وجدي

لكن الناقد أشرف غريب يُرجح أن سبب اعتزالها، سياسي بحت، إذ يقول "ليلى مراد لم تستطع قراءة المشهد السياسي بعد ثورة 23 تموز (يوليو) 1952، وجاهرت بحبها لمحمد نجيب". ومهما كان الاختلاف حول سبب الاعتزال إلا أنه تم وهي في ذروة مجدها، إذ لم تبلغ من العمر وقتها  38 عامًا، ليظل قرار الاعتزال لغزًا لم يستطع حتى ابنها زكي الإجابة عليه.

زكي يقول "كان يُعرض على والدتي سيناريوهات أفلام كثيرة بعد الاعتزال، لكنها لم توافق عليها، وقد عرض عليها المخرج حسين كمال والسيناريست إسماعيل ولي الدين في عام 1974 سيناريو فيلم يحكي قصة حياة فنانة معتزلة، وكان السيناريو فيه بعض ملامح من حياتها الشخصية، ولكنها رفضت".

ليلى في أفلامها الأخيرة

بعد الاعتزال، وفي السنوات الأخيرة من عمرها، مرت ليلى، وفقا لابنها زكي، بحالة من الاكتئاب والاعتزال عن العالم، وفي حينها لم يستطع زكي أن يتعامل مع شعورها بالضعف والاستسلام، فلم يعطها ما أرادته.

رحلت ليلى سنة 1995. عاشت 40 عاما كاملة بعيدًا عن الأضواء لفترة طويلة. لكنها كانت في القلوب، وفي الأسماع.

رحلت بعد حياة هادئة. رحلت مظلومة من الجميع، حتى من ابنها الذي قدم لها اعتذارا علنيًا في أحد البرامج التلفزيونية المذاعة بعد 20 سنة على وفاتها، عما بدر منه في آخر أيام حياتها.

زكي فطين عبدالوهاب

احتفاء في مصر
في 17 شباط (فبراير) الجاري يكون قد مر 100 عام على ميلاد ليلى مراد، لذا تحتفي بها دار الأوبرا المصرية بـ 3 حفلات، فيما قرر مهرجان الإسكندرية الدولى لسينما دول البحر المتوسط، تكريم اسمها في دورته الـ 34، والتى تقام فى أكتوبر المقبل، وسيتخلل التكريم إصدار كتاب عن مسيرتها، وندوة بحضور أسرتها، وعرض أحد أفلامها.