الأقباط متحدون - للفريق عنان: لا أثق فى عودته
  • ٠١:٤٥
  • السبت , ٢٧ يناير ٢٠١٨
English version

للفريق عنان: لا أثق فى عودته

مقالات مختارة | عادل نعمان

٥٣: ٠١ م +02:00 EET

السبت ٢٧ يناير ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

بصراحة، وبلا مواربة، فأنا لا أطمئن إلى عودته شاغلاً مساحة فى الحياة السياسية، وأصدق قارئى القول، إننى بعد عودته، شعرت بالخوف ذاته الذى شعرت به طوال يوم الخميس، ذاك اليوم الذى سبق جمعة قندهار فى ميدان التحرير، ارتفعت أعلام «القاعدة» السوداء فيه، وهلل الإرهابيون وكبّروا، واهتز الميدان بطبول الحرب والجهاد، لا أعادها الله على يديه الكريمتين بإعلام القاعدة «العقاب»، ولحاها، وجلبابها القصير!! وما كنت أيضاً مطمئنا لعودته على عجالة من أمريكا أثناء أحداث ثورة يناير، والأكيد لم يكن عوده الأول أحمد، حتى يكون عوده الثانى كذلك. فى المرة الأولى غفرنا وصفحنا ورضينا ونسينا، بل لم نسأل، وكان السؤال محبوساً، وكانت كل الإجابات محجوزة، أما وقد عاد إلينا بإرادته، فوجب علينا أن نستعيد الذاكرة ونسأله، سؤالين عما سبق، وسؤالين عما هو مقبل حتى أطمئن إليه، أما عن سؤالى الأول: هل كان ميله الواضح للتيار الإسلامى أثناء الثورة، ثقة فى وصولهم إلى الحكم؟ وهل كان عشمه الخروج سالماً غانماً، حتى لو كان الثمن وقوع مصر فى أيديهم؟ السؤال الثانى: من المقصود بالفاسد الذى يقترب من كرسى الرئاسة، والذى جاء ذكره فى خطاب السيد الرئيس، وأتصور أنه بين اثنين لا ثالث لهما؟.

هذا عما كان، أما عما سيكون، فليفتح صدره لنا حتى نطمئن إليه، ليس لأننى أراهن عليه مؤثراً فى الحياة السياسية، فليس عنده للمستقبل شىء كما لم يكن فى الماضى شىء، وليست مقدرات الأوطان لعبة فى جراب الحواة. وأول السؤالين: ما هى علاقته بالإخوان؟ وما هو سر هذا التشابه فى البعض والتطابق فى البعض الآخر بين بيان الإخوان على لسان يوسف ندا، وبين ما جاء فى خطابه؟ وما هو موقفه من المصالحة؟ وهى أمر طبيعى ومحتمل فى ظل المساندة الإخوانية والسلفية، وهل هناك التزام بهذا للإخوان؟ وهل تعهد بإعادة المحاكمات لكل عناصر الإخوان المدانة؟ ما جاءنا فى بيانهم على لسان يوسف ندا، تحت عنوان «رسالة شخصية»، يؤكد كل هذه الشكوك، وهى مناورة كما تعودنا، فليس للإخوان رسائل شخصية، بل هو أسلوب جس النبض، فرضوا فيها ستة شروط للتعاون معه ومساعدته، منها ما هو آت، بدأ البيان الاستعلائى (قرأنا إعلانك عن قرار الترشح، بهدف المساهمة فى إصلاح ما دمرته الرئاسة الحالية من عنف، وتراكم الديون وضياع الأمن وبيع الأرض والثروات). وأضاف بنفس التعالى (أقول لك عنان إن الإخوان سيظلون مع التوافق الوطنى، وقد يقبلون انتخابك للرئاسة مع مراعاة ستة أمور، عودة الجيش إلى خدمة الشعب وحماية الدولة، وإعادة الاعتبار لنتائج الانتخابات، والطلب من رئيسها المنتخب محمد مرسى، التنازل لصالح الأمة، وتطهير القضاء والشرطة، وإلغاء الأحكام المسيسة، وإعادة النظر فى القرارات المتعلقة بثروة مصر وحدودها)، وفى هذا توافق فكرى ومنهجى، وكأنه خطابه للشعب الذى أعدّه النائب المحتمل حازم حسنى، وهى مناورة بين طرفى المعادلة الأمريكية، الإخوان من ناحية و«عنان» من الأخرى.

وسؤالى الثانى: ما هى حدود علاقته بالأمريكان؟ وهل هى مؤامرة جديدة على الاستقلال الوطنى، ومحاولة عودة سيناء مرة أخرى إلى أسر وسجن بنود الملحق الأمنى لاتفاقية السلام، الذى يمنع قوات الجيش من الوجود الفعلى فى سيناء، ومنع الطيران من التحليق فى سمائها، وتقسيم سيناء إلى مناطق «أ، ب، ج»، آخرها لا وجود لجندى واحد فيها؟ وفى هذا تنازل عن مكتسب حقيقى، وهو استقلال وتحرير جديد لسيناء، التى عادت من ثلاثة أعوام بذكاء بارع تحت ضرورة محاربة الإرهاب، وعادت قواتنا المسلحة إلى أرضها المحرومة التى حرمتها اتفاقية السلام، وعادت طائراتنا المقاتلة تحلق فى أرض قد حرمتها الاتفاقية نفسها من الطيران فى سمائها، حتى تعود قواتنا المسلحة مرة أخرى إلى العمق المصرى، تاركين أرض سيناء محروقة وسماءها محرومة كما كانت، ولو اعتبرنا أن القضاء على الإرهاب هو قاب قوسين أو أدنى، يعقبه انتصار أعظم، وهو هدم الملحق الأمنى فى اتفاقية السلام واقعياً، وإعادة سيناء جميعها تحت سيطرة السيادة المصرية التى كانت يوماً معدومة، منعت تطويرها وتنميتها، وكانت سبباً مباشراً فى انتشار الجماعات المتطرّفة، وتجارة الأنفاق الرابحة والخطيرة فى الوقت ذاته على أمن البلاد، فإن بعودتها تعود التنمية والرخاء والأمن والسيادة، وتعود للدولة المصرية هيبتها وسطوتها وسيطرتها على كامل البلاد والحدود، وهذا هو أهم انتصار غائب عن بالنا، ولا نحسب له حساباً نضيفه إلينا، يعادل نصر أكتوبر مهما أخذ فى طريقه من تضحيات.

التاريخ لا يعود مرة أخرى إلى الخلف، ولا يلتفت الناس إلى التافه منه، ولا يعبأ كتبة التاريخ بشخصيات وضعتها الأقدار فى الصفوف الأولى وخرجت دون تأثير يُذكر، حتى لو كان فى صدارة المشهد، بل كان وجودها فى الحدث شائكاً ومريباً، فإذا عاد، كان للناس الحق فى الخوف والتردد، حاكماً ومحكوماً، فليست مصائر الأمم للتجارب والاختيار مع من أساء يوماً إليها، ولا يعبأون كثيراً إذا مضى وذهب بحق أو دون حق، وقديماً قالوا -وما زالوا- «من خاف سلم»، وأنا أخاف من عودته.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع