الأقباط متحدون - بشرية رئيس
  • ١٦:٥٠
  • السبت , ٢٧ يناير ٢٠١٨
English version

بشرية رئيس

مقالات مختارة | بقلم مفيد فوزي

٠٣: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٢٧ يناير ٢٠١٨

مفيد فوزي
مفيد فوزي

■ هذه قراءة مختلفة لرئيس مصر من قريب يحكمها اعتباران:

الأول: أنى أريد كمواطن أن أنتمى لدولة، يرأسها رجل، قلبه فى مكانه الصحيح وأشعر أنه يحتمل سخطى إذا خاصمنى الرضا ويتسع صدره لـ «وخز الإبر» على سن قلم.

الثانى: أن أقترب بمساحة معقولة مما يدور فى رأسه من هموم فأقوم بدورى ككاتب له قلم ورؤى، أصول وأجول دون أن أخشى شبح الاعتقال وهو لن يفعلها لأنه يريد هذه «الكتيبة» أمامه لا خلفه، لتضىء أى عتمة.

■ وفى لقاءات حكاية وطن، حرصت على محاولة النفاذ للإنسان السيسى قبل الحاكم، ولست متخصصا فى علم النفس كأساتذة أجلاء وإن اشتقت لمعرفة علم النفس العسكرى، لكن كان همى الأول أثناء حديثه ولحظة غضبه وعندما ينفجر بالضحك أو يزم شفتيه أن أفهم- بكل تواضع- لغة الجسد فى شخصية الرئيس وحالاته البشرية، فهو بشر مثلنا وخرج من بين صفوفنا، يضحك ويبكى ويغضب ويهدد، له- مع الاحترام لشخصه- كل الصفات البشرية وأرفض تصويره نبياً أو ملهماً فهو إنسان منحه الله صفات ومهارات بشرية ويملك كرجل عسكرى «الرشد» فى تقدير المواقف وهو بهذا المنطق مؤتمن على الأولاد والأحفاد، وبالتالى من الوطنية والشعور بالمسؤولية أن نعطيه فرصة ثانية أى «فترة» رئاسة ثانية، يستكمل فيها البناء، غير أننى كمصرى أتمنى- فى الفترة الثانية- إزاحة كرباج الأسعار عن أجساد الكتلة السكانية وتخفيف وطأة المعيشة بعد الصبر.. بوعى.

■ كنت أقيس بشرية الرئيس من لغة الجسد body language:

1- أنه يستخدم يديه كثيراً فى الشرح خصوصاً بعد أن لم يعد ممسكاً بميكروفون فى يده- يدوس على أصبعه عند ذكر الأرقام.

2- حين يضم أصابعه لبعضها أو تتشابك فهو إما يفكر أو يستجمع أفكاره.

3- حين يسند ظهره على مقعده فهو يتكلم بكثير من العفوية، وحين يبرز إلى الأمام بصدره فهو ينبهنا إلى أشياء ذات دلالة.

4- حينما تكلم عن فساد محليات، استخدم أصبع السبابة فى الأمر المباشر مخاطباً المصريين «انتو إللى تواجهوا، البلد أمانة».

5- أظن أن الرئيس السيسى هو أكثر حكام مصر إيماناً بالمصريين «يا مصريين ده دوركم» و«أنا باقول لكم يا مصريين» و«خلوا بالكوا يا مصريين» والأخيرة تتخلل أحاديثه فهو ينبهنا ويحذرنا ويحفزنا ويطلب منا. صحيح ليس للسيسى حزب سياسى ولكنه اختار مصر حزباً كبيراً بكل أطيافه.

6- نبرة صوته ليست على وتيرة واحدة وحسب مقتضيات الموضوع ولكنه حين يتوعد خفافيش الظلام يعلو صوته وتلمع عيناه وحين يتحدث عن سلبيات «أخلاقنا» نسمع صوت المرارة.

7- ابتسامته من القلب حين يتكلم عن المرأة المصرية ويغلب على صوته «الشجن» حين يتحدث عن مساعدة العيلة «بغسل المواعين» مثلما يحدث فى بيوتنا المصرية فى وقت مبكر.

8- انفعاله تغلب عليه نبرة صوت عالية وحادة ويستخدم «السبابة» أصبع اليد اليمنى وهو يشير «لن أسمح لأى فاسد أن يجلس على هذا الكرسى».

9- وضع الظهر بزاوية حادة سبق إعلانه عن قبوله الترشح لفترة ثانية «اسمحوا لى أن أعلن عن ترشحى...» قالها وهو يسقى حروف كلماته إحساساً وتصميماً وعزماً. كانت لغة الجسد تشى بما يسمى «تحفيز عقل» وثبات انفعالى.

10- فى خطابه العفوى غير المكتوب يميل إلى البساطة المطلقة فى المخاطبة.. «انتو مش عارفين»، حتتعبوا معايا»، «خدوا بالكو يا مصريين»، «أنا عاوز أقول لكل المصريين»، وفى لحظة ما يقول «أبقى خاين لو ما كملتش» يتبعها بقسم ضباط الجيش.

11- صوته المنخفض يسرى فى النفوس لأنه «شخصية حسية» والشعور بالإحساس من مفرداته، يسلم بيد ويلمس بيد ويصل للوجدان أسرع، حين يقول «أنا مش رئيس أنا واحد منكم بس واخد بالى عليكو» ولكنه زم شفتيه خصوصاً الشفة السفلى حين قال «حرامى يقعد على الكرسى ده»؟؟!!.

12- حين يخاطب الطبقة الأكثر فقراً، يكتسى صوته بلغة كف يربت ملء الظهر «فى منظومة التموين والعشوائيات وأنابيب الغاز والست المعيلة».

13- يدرك ذهنيا أن الناس لا تعيش فى «المدينة الفاضلة» مثلما تحاول الحكومة أن تصور لنا، هو يعرف أن الناس تريد أن تلمس الإنجازات فى صورة رخاء نسبى و«فلوس تشخلل» فى الجيوب، وضمن محاولته استقطاب فلاح مصر البسيط يقرر رفع قيمة توريد القصب الذى تشتريه الحكومة من الفلاحين.

14- يجيب- بثقة- على أسئلة لم تطرح علنا، لكنه بذكاء يعبر عن أهمية الطرق الجديدة والإنفاق عليها، ويتكلم عن المصانع المغلقة فهى الأمل المنشود فى الإنتاج والتصدير.

15- لو أغلق الرئيس فمه يبدو كما لو كان مبتسماً، فالبشاشة طابع وضحكته تبين - فى لغة الجسد- عضلتين تحت العينين.

16- يسيطر عليه منطق ابن البلد البسيط «أنا واحد منكو..» ويعلم أن الوجدان كان باب المصريين طوال العمر وربما صحصح هذا الوجدان فى الثورات ولكن الحالة الذهنية الآن للمصريين هى تحكيم «العقل رغم الوجدان».

17- فى الأغلب الأهم يستخدم الرئيس ربطات عنق فاتحة اللون والقميص الأبيض من سمات ملابسه وساعته سوداء المينا ويشرب الميه فى كوب بعد كحة، ولا يمل أن يقول «عايزكو تخافوا عليها يا مصريين» ويقصد البلد تصبر.

■ وأنا جالس أتأمل الرئيس وأصغى له كنت أفكر.

1- عبدالناصر كان يخاطب «الجماهير»، صوت زعيم مدوٍ.

2- السادات كان يخاطب «الطموحين»، صوت عال منفعل.

3- مبارك كان يخاطب «النخبة» صوت هادئ وبعض الفكاهة.

4- مرسى كان يخاطب «جماعته» وحدها.

5- السيسى يخاطب «العيلة المصرية» بحنان بالغ.

■ وأنا جالس أرقب لغة جسد «الرئيس»، كنت أفكر لو طلب الرئيس أسئلة عفوية من الحاضرين أن أوجه هذه الأسئلة:

إن بعض الإخبار ذات الصفة السيادية تحتاج إلى تفسير قبل التفسيرات المغرضة والإشاعات الكاذبة المحبوكة السيناريو.

و...مهم أن يعرف الناس أسباب خروج وزير أو محافظ وأسباب دخول وزير أو محافظ، فالشارع مهم فى معادلة الحكم.

و...هل يئست من الكلام على التصدير وهو أحد منابع الاقتصاد ولا يعقل أن يكون نشاط أفراد فقط؟.

و... فى قضية «فساد محافظ» هل تلام الأجهزة الرقابية على ترشيحه لهذا المنصب؟.

وهل سأرى محافظاً مصرياً قبطياً، يدخل المسجد ساعة خطبة الجمعة كما يحضر محافظ مصرى مسلم وعظة الأحد فى الكنيسة؟.. أريد تعميق المواطنة.

■ وأنا جالس أصغى لرئيس مصر وهو يحكى مشوار عرق منذ أن «خلصنا من زمن الإخوان» قلت فى سرى: هذا الرجل يستحق أصوات المصريين بجدارة، لأنه لولا ظهوره كرئيس الضرورة لقضى على أيقونة خالدة لا تموت ولكنها تمرض اسمها مصر، إنه بحق «الرئيس الأمل».
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع